تستعد تايوان لاستقبال عدد من المُشرعين الأجانب، خلال أيام، في تحدٍ لمحاولات الصين المُكثفة لمنع الدول الأخرى من التعامل مع تايبيه، حسب ما ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز".
وقالت الصحيفة البريطانية في تقرير، الأحد، إنّ مجموعة من المشرعين اليابانيين سيزورون تايبيه، الاثنين، بقيادة كيجي فورويا، من الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم.
ومن المقرر أن يصل وفد من الكونجرس الأميركي نهاية الأسبوع الجاري في ثالث زيارة يقوم بها مبعوثون أميركيون في غضون أسبوع، كما يتوقع ويُتوقع وصول وفد ليتواني آخر إلى تايوان الأسبوع المقبل، فيما يعتزم مجموعة من المشرعين الكنديين ووفدان من البرلمان الألماني زيارة تايوان في أكتوبر المقبل.
وتصاعدت حدة التوترات الإقليمية الشهر الجاري بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان، التي تتمتع بالحكم الذاتي، ولكن الصين تعتبرها إقليماً تابعاً لها، وردت بكين على تلك الزيارة بتنفيذ مناورات عسكرية غير مسبوقة، استهدفت إظهار قدرتها على تطويق الجزيرة وقطع مضيق تايوان، أحد أكثر طرق التجارة ازدحاماً في العالم.
وتُوسع بكين نطاق حملة التهديدات العسكرية والعقوبات التي شنتها رداً على زيارة بيلوسي المُثيرة للجدل مطلع هذا الشهر والزيارات الخارجية رفيعة المستوى إلى تايوان، وتهدف إلى اختبار استعداد الحكومات للخلاف مع الصين، بحسب الصحيفة.
ويزور برلمانيون وأعضاء مجالس وزراء من الولايات المتحدة، وأوروبا، واليابان تايوان بانتظام منذ سنوات عديدة. وتعارض بكين باستمرار هذه الزيارات المتبادلة، ولكنها لم ترد بتهديدات عسكرية أو بفرض عقوبات حتى وقت قريب.
وفي 27 يوليو الماضي، قبل أسبوع من زيارة بيلوسي لتايوان، زار وفد ياباني تايبيه. ولكن هذه الزيارة لم تتسبب في ردٍ قاسٍ من قبل الصين. وعندما زارت نائبة وزير ليتواني تايوان بعد فترة قصيرة من مغادرة بيلوسي، فرضت بكين عقوبات على تايبيه.
وأعلنت الصين إجراء جولة أخرى من التدريبات العسكرية في محيط تايوان بعد وصول وفد آخر من الكونجرس الأميركي إليها الأسبوع الماضي.
ويرى مراقبون أنه من غير المُرجح أن تنجح الصين في زيادة عزلة تايوان بهذه التحركات.
في هذا السياق، قال فينسينت تشاو، رئيس القسم السياسي السابق في مكتب التمثيل الاقتصادي والثقافي التايواني في واشنطن، والذي يخوض الانتخابات المحلية في تايوان هذا العام: "الصين تحاول ردعهم (الوفود الأجنبية) عن القدوم، ولكنهم يفشلون".
مخاوف يابانية
ولم تعرب الحكومة اليابانية عن قلقها بشأن زيارة فورويا، وترى أنّها "عمل معتاد"، ولكن طوكيو تخشى من أن تخل التوترات بشأن تايوان بالتوازن الحساس في علاقتها مع الصين، حسبما قال مسؤولون يابانيون لـ"فاينانشال تايمز".
وقال مسؤول بارز في الحكومة اليابانية للصحيفة، إنّ هذا العام يصادف الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين اليابان والصين.
وأضاف: "يوجد ضغط كبير من قبل مجتمع الأعمال، لكننا أيضاً باعتبارنا دبلوماسيين نفضل استقرار العلاقة مع الصين. ومن هذا المنطلق، يجب ألا نشجع المشرعين اليابانيين على زيارة تايوان".
وكانت طوكيو من أكثر حلفاء الولايات المتحدة صراحة في إدانة التدريبات العسكرية الصينية الأخيرة، لا سيما بعد سقوط خمسة صواريخ في المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان. ولكن رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، أكد أيضاً على ضرورة استمرار الحوار بين البلدين.
وعقد مستشار الأمن القومي الياباني، تاكيو أكيبا، اجتماعاً استمر لسبع ساعات مع كبير الدبلوماسيين الصينيين، يانج جيتشي، لمناقشة قضايا تايوان، وكوريا الشمالية، وأوكرانيا.
ومع زيادة الموقف العدائي للحكومات والرأي العام في الولايات المتحدة، واليابان، وأوروبا تجاه الصين، ازداد اهتمام الديمقراطيات بتايوان لتسليط الضوء على القيم المشتركة والاستفادة من خبراتها في الممارسات الاقتصادية وحملات التضليل الإعلامي الصينية. وأدى ذلك إلى زيادة تدفق الزوار الغربيين إلى تايبيه.
واستضافت تايوان هذا العام 14 وفداً برلمانياً أو حكومياً من دول لا تربطها بها علاقات دبلوماسية، وكان من بين الزائرين 19 عضواً من الكونجرس الأميركي. وزار 58 عضواً في الكونجرس تايبيه منذ تولي تساي إنج ون رئاسة تايوان في عام 2016.
وأصبح المشرعون والمسؤولون الحكوميون من دول وسط وشرق أوروبا زائرين معتادين لتايوان، وذلك بعد شعورهم بخيبة أمل إزاء فوائد المشاركة الاقتصادية مع الصين ورفضهم للمطالب السياسية الصعبة لبكين.
ويُتوقع وصول وفد ليتواني آخر إلى تايوان الأسبوع المقبل، عندما تفتتح ليتوانيا مكتبها التمثيلي في تايبيه. ويعتزم مجموعة من المشرعين الكنديين ووفدان من البرلمان الألماني زيارة تايوان في أكتوبر المقبل.