تلفزيون الشرق
عادت الفصائل المسلحة إلى دائرة الضوء في العراق باعتبارها أحد أبرز نقاط الجدل في المشهد، مع تحول التوترات السياسية إلى أعمال عنف، أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا، وفرض حظر تجول في كافة محافظات البلاد.
وشهدت العاصمة بغداد، اشتباكات مسلحة، الاثنين، تواصلت حتى الثلاثاء، أودت بحياة 23 شخصاً. وقال مسؤولون أمنيون إن بعضها كانت بين مسلحي "سرايا السلام" التابعة لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وأفراد من قوات الأمن العراقية المكلفة بحماية المنطقة الخضراء، لكن من المحتمل أيضاً أن تكون الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران متورطة فيها أيضاً.
وفيما يتعلق بخريطة القوى المسلحة في العراق تنقسم هذه المجموعات إلى القوات النظامية في وزارتي الدفاع والداخلية، وقوات الحشد الشعبي وهي قوات شبه عسكرية، وجزء من القوات المسلحة العراقية كانت تقف على الحياد من اشتباكات أنصار الصدر، وفصائل مسلحة موالية إيران.
الجيش العراقي
يعود تاريخ تأسيس الجيش العراقي إلى السادس من يناير عام 1921، عندما تشكلت أولى وحدة للجيش العراقي في بغداد في عهد الانتداب البريطاني سُميت باسم موسى الكاظم، جرى بعدها، أي في 1931، تشكيل القوة الجوية العراقية، وفي 1937 تشكلت القوات البحرية.
وبلغ عدد أفراد الجيش العراقي ذروته في أواخر الحرب "الإيرانية - العراقية"، عندما كان قوامه مليون جندي، وبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، بدأ الشروع ببناء ذلك الجيش من جديد بعد تفكيك الأجهزة الأمنية من قبل الحاكم المدني الأميركي السابق بول بريمر.
وتحت مظلة وزارة الدفاع العراقية، يضم الجيش العراقي عدة أفرع رئيسية، هي القوات البرية والقوات الجوية والقوات البحرية وطيران الجيش والدفاع الجوي، والقوات الخاصة، وشعبة الأمن الخاص (حماية المنطقة الخضراء).
وضع تصنيف "جلوبال فاير باور" لعام 2022، العراق، في المرتبة 34 عالمياً من بين 142 دولة شملها مسح المؤشر.
وعلى صعيد القوات الجوية يأتي العراق في المرتبة 30 عالمياً بعدد طائرات يصل إلى 361 طائرة مقاتلة ومروحية وطائرة تدريب، وفقاً للموقع المختص بتصنيف القوات العسكرية.
لكن البيانات تتفاوت بالنسبة لأعداد الجيش والشرطة، فيوجد ما يقرب من 200 ألف جندي تحت إشراف وزارة الدفاع (190 ألفاً في قيادة الجيش وقيادة الطيران، وفرقة القوات الخاصة التابعة لرئيس الوزراء، و5 آلاف في سلاح البحرية، و5 آلاف في قوات الدفاع الجوي)، بحسب تقديرات عام 2022 الواردة في "كتاب حقائق العالم" الذي تصدره وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA.
وتبلغ النفقات العسكرية في العراق 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي بحسب تقديرات عام 2021، و4.1% من الناتج المحلي الإجمالي وفق تقديرات عام 2020.
قوات الأمن
وتضم قوات الأمن على الصعيد الوطني، جهاز مكافحة الإرهاب، فرقة القوات الخاصة التابعة لرئيس الوزراء، والكتائب الرئاسية.
تحت مظلة وزارة الداخلية، تأتي قوات الشرطة الاتحادية، وقوات حرس الحدود، ووكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، وقسم الاستجابة للطوارئ، ومديرية حماية المنشآت، وشرطة المحافظات، ومديرية شرطة الطاقة.
ويوجد نحو 25 ألفاً من عناصر قوات الأمن على الصعيد الوطني (10 آلاف في جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، و10 آلاف في الألوية الرئاسية، و5 آلاف في فرقة القوات الخاصة التابعة لرئيس الوزراء).
وزارة البيشمركة (إقليم كردستان)
تضم وزارة البيشمركة في إقليم كردستان العراق، كتائب حرس الإقليم، وقوات الوحدة 70، وقوات الوحدة 80، وقوات العمليات الخاصة، وقوات مكافحة الإرهاب، وتضم مجموعة مكافحة الإرهاب ومديرية مكافحة الإرهاب.
وترتبط الوحدة 70 ومجموعة مكافحة الإرهاب بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، في حين أن الوحدة 80 ومديرية مكافحة الإرهاب مرتبطتان بالحزب الديمقراطي الكردستاني.
وتضم أكثر من 150 ألف عنصر (ما بين 45 و50 ألفاً في كتائب الحرس الإقليمي، ما بين 40 و45 ألفاً في قوات الوحدة 70، وما بين 56 و70 ألفاً في قوات الوحدة 80)، وما يقدر بنحو 100 إلى 160 ألفاً من قوات هيئة الحشد الشعبي.
هيئة الحشد الشعبي
تأسست هيئة الحشد الشعبي في يونيو 2014 لقتال تنظيم "داعش" إلى جانب قوات الجيش والأمن العراقية، وينضوي تحت لوائها قوات الحشد الشعبي، وقوات الحشد العشائري، وتضم نحو 60 فصيلاً مسلحاً تتباين أحجام ومصالح تلك الفصائل السياسية على نطاق واسع، بحسب "كتاب حقائق العالم".
تتضمن قوات الحشد الشعبي ثلاث فصائل متمايزة، استناداً إلى ولاءاتها إلى كلٍ من المرشد الإيراني علي خامنئي، والمرجع الشيعي في العراق علي السيستاني، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بحسب دراسة لـ"مركز مالكوم كير– كارنيجي للشرق الأوسط".
مع ذلك تواصل هيئة الحشد الشعبي والقوات التابعة لها تجاهل قانون هيئة الحشد الشعبي لعام 2016، الذي نص على تنظيم الفصائل المسلحة بطريقة مماثلة لقوات الأمن العراقية الأخرى، والعمل تحت السيطرة المباشرة للحكومة العراقية.
وتمول الحكومة العراقية قوات الحشد الشعبي، وتتلقى أوامرها بشكل قانوني من رئيس الوزراء، لكن العديد من وحدات الفصائل تتلقى أوامر من أحزاب سياسية مرتبطة بها أو مسؤولين حكوميين آخرين، بما في ذلك البعض ممن لهم صلات بـ"الحرس الثوري" الإيراني، وبعض الفصائل التي صنفتها الولايات المتحدة منظمات إرهابية.
الفصائل المسلحة
يعود تاريخ نشأة بعض الفصائل المسلحة في العراق إلى الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وعلى إثر تفكيك الأجهزة الأمنية العراقية آنذاك، انتشر سوق الأسلحة والمسلحين، الذين رفعوا شعار "محاربة الوجود الأميركي" في البلاد.
واستمر صعود الفصائل في العراق بعد فراغ السلطة والفوضى السياسية التي خلّفها الغزو. وبعد الانسحاب الأميركي من العراق، سرعان ما برزت على الساحة العراقية تنظيمات مسلحة، أغلبها شيعية مدعومة من إيران، وصارت تفرض سطوتها على الحياة السياسية عبر الضغط الأمني، مع عدم إخفاء ارتباطها بجهات خارجية.. لكن ما هي أبرز الفصائل المسلحة بالعراق؟
"كتائب بدر"
أقوى هذه الفصائل، هو كتائب بدر (المعروف الآن باسم منظمة بدر) الذي تشكل في إيران عام 1982 لتقديم معارضة للعراق، خلال الحرب العراقية الإيرانية، بحسب دراسة أصدرها مركز "مركز جنيف الدولي للعدالة"، وهو منظمّة غير حكومية مستقلة مقرّها الرئيسي في جنيف.
كان هذا التنظيم هو الجناح العسكري لما يسمى الآن المجلس الأعلى الإسلامي في العراق، وهو جزء من حزب الدعوة، الذي كان يُعرف سابقاً باسم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق حتى أعاد تسمية نفسه في يونيو 2007، سعياً لتأكيد العلاقات الوطنية العراقية.
بينما حافظ "حزب الدعوة" على بعض الاستقلال عن إيران، عمل المجلس الأعلى الإسلامي العراقي كأداة إيرانية خلال هذه الفترة. ومن المعروف أن "لواء بدر" حينها شارك في تعذيب وإعدام أسرى حرب عراقيين، بدعم ضمني من السلطات الإيرانية. وفي أعقاب الحرب العراقية الإيرانية، استمر التنظيم في العمل بهدف إسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وأصبح زعيم "منظمة بدر" هادي العامري الزعيم السياسي والعسكري للتنظيم بعد الانفصال عن المجلس الأعلى الإسلامي العراقي. مع صعود تنظيم "داعش" في عام 2014، حافظت منظمة بدر على وجود عسكري قوي في العراق، وتحت أوامر العامري، هاجمت عدة مدن بحجة محاربة "داعش"، إلى جانب الفصائل الشيعية الأخرى والجيش العراقي.
كانت المنظمة موالية لإيران على مر السنين وتتلقى دعمها بشكل منتظم. وفي هذا الصدد، تعاون العامري عدة مرات لتنفيذ عدة هجمات مع قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني قاسم سليماني، الذي اغتيل في 3 يناير 2020، بغارة أميركية قرب مطار بغداد.
"سرايا السلام"
"سرايا السلام" هي وحدات عسكرية تأسست بدعوة من مقتدى الصدر، في يونيو 2014 بالتنسيق مع الحكومة العراقية لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية من "القوى الظلامية"، بعدما اجتاح تنظيم داعش شمال العراق وسيطر على أراض واسعة، وانهيار الجيش العراقي، وهو ما أدى إلى توسع نفوذ الفصائل المسلحة في العراق، لاحقاً حسبما ذكر "معهد كارنيجي للسلام".
ورغم دورها "الدفاعي" الذي حدده الصدر مبدئياً، لعبت "سرايا السلام" لعبت دوراً في القتال ضد "داعش" في سامراء ومحافظة صلاح الدين، وتكريت، وشاركت في معركة استعادة الموصل.
و"سرايا السلام" هي إعادة إحياء لفصائل "جيش المهدي" الذي أسسه الصدر في أواخر 2003 عقب الغزو الأميركي للعراق قبل أن يحله في 2008.
ورأت ورقة بحثية نشرتها جامعة "ستانفورد" الأميركية، بشأن الفصائل المسلحة في العراق، أن تغيير تسمية "جيش المهدي"، إلى "سرايا السلام" يؤشر إلى أن الصدر أراد أن يباعد السرايا الجديدة عن سمعة "جيش المهدي" التي تلوثت جراء النزاع الطائفي في العراق في الفترة ما بين 2006 و2007.
"جيش المهدي"
بين عامي 2006 و2007، وُجهت اتهامات لـ"جيش المهدي"، باستهداف العراقيين السنة، والتحريض على العنف الطائفي.
ورغم نفي الصدريين، وجود "فرق موت" تستهدف العراقيين السنة، فإن "جيش المهدي" أو على الأقل عناصر مارقة فيه، نشطت في العنف الطائفي بين 2006 و2007، بحسب خريطة جامعة "ستانفورد" للميليشيات العراقية.
لكن التحوّل في مسيرة "جيش المهدي" حدث في أغسطس 2008، حين دخل جيش المهدي في مواجهات عنيفة في كربلاء مع كتائب بدر الشيعية، والتي سقط فيها 50 شيعياً. وألقي باللوم على "جيش المهدي" في سقوط الضحايا.
وفي نهاية 2007 وأوائل 2008، ذهب الصدر إلى منفاه الاختياري في محافظة قم بإيران، حيث واصل دراساته الدينية وإدارة جيش المهدي عن بعد. وفي أغسطس من العام نفسه، أعلن الصدر تجميد جيش المهدي إلى أجل غير مسمى.
لكن مسؤولين أميركيين وعراقيين قالوا في يونيو 2011، إن فصيلاً صغيراً من "جيش المهدي" يسمى "لواء اليوم الموعود" ينفذ هجمات ضد القوات الأميركية قبل إتمام انسحابها، حتى بعد أن علق الصدر نشاط معظم مقاتليه، حسبما ذكرت وكالة "رويترز" حينها.
وفي فبراير 2015، أي بعد أقل من عام على تأسيس السرايا، أعلن الصدر تجميد أنشطة فصائل "اليوم الموعود" و"سرايا السلام،" كـ"بادرة حسن نية"، عقب سلسلة أحداث عنف فصائل شيعية ضد مدنيين سنة.
ورغم تجميد عمل "السرايا"، أعاد الصدر نشر قواته مجدداً في 2015، لمعاونة القوات الحكومية في هجومهم لاستعادة مدينة تكريت من تنظيم "داعش".
وفي مايو 2016، أعلن الصدر، استعداد "سرايا السلام" للمشاركة في هجوم لاستعادة مدينة الموصل من "داعش".
وبعد الانتخابات البرلمانية في أكتوبر 2021، أعلن الصدر في 29 من الشهر ذاته، غلق كل مقار "سرايا السلام"، باستثناء 5 مدن، خلال 15 يوماً، حسبما ذكرت وكالة أنباء العراق "واع" حينها.
وفي 19 نوفمبر، أعلن الصدر، حلّ فصيل "لواء اليوم الموعود" المسلح الموالي له، وأمر بغلق مقراته.
"حزب الله العراقي"
يعدّ "حزب الله العراقي" أبرز الجماعات المسلحة في العراق، ولا يُخفي ولاؤه لإيران. تأسس في عام 2003 في مدينة العمارة جنوب العراق، مع تصاعد النفوذ الشيعي بعد صدام حسين.
في ذلك الوقت، ظهرت كتائب تحمل اسم "لواء أبو الفضل العباس" و"كتائب كربلاء" و"كتائب السجاد" و"كتائب زيد بن علي" و"كتائب علي الأكبر"، وكلها فصائل مسلحة شيعية، أعلنت توحّدها تحت اسم "حزب الله العراقي" في عام 2007، وكان هدفها المعلَن محاربة الوجود الأميركي، قبل أن يتحول هذا الهدف إلى "العمل على تحقيق الجمهورية الإسلامية في العراق"، كما في إيران.
يحظى "حزب الله العراقي" بتمويل وتسليح وتدريب ودعم إيراني، وكان يرأسه أبو مهدي المهندس الذي اغتيل مع قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني.
يقدّر عدد مسلحي "حزب الله العراقي" بـ7 آلاف عنصر، أشرف على تدريبهم قادة إيرانيون ولبنانيون، أبرزهم عماد مغنية الذي قُتل في سوريا عام 2015.
في عام 2009، أدرجت الولايات المتحدة "حزب الله العراقي" على قائمتها للجماعات الإرهابية.
ويواجه "حزب الله العراقي" اتهامات بالمسؤولية عن محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وهو ما ينفيه.
"عصائب أهل الحق"
تأسست "عصائب أهل الحق" في عام 2006 بعدما انشق قيس الخزعلي عن "جيش المهدي"، الذي كان آنذاك الجناح العسكري لـ"التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر قبل أن يُحلّ في عام 2008. وجاء الانشقاق إثر توقيع "جيش المهدي" على وقف إطلاق النار مع الحكومة العراقية والأميركيين.
عند تأسيسها، شُكلت "عصائب أهل الحق" من شيعة العراق، وانضم إليها لاحقاً مقاتلون من السنّة من محافظة صلاح الدين بعد سيطرة تنظيم "داعش" على مساحات من الأراضي العراقية في عام 2014. ويقدّر عدد عناصرها بـ10 آلاف مسلح.
تعمل "عصائب أهل الحق" داخل العراق ولها وجود في سوريا، وينضوي عناصرها تحت "لواء أبو الفضل العباس" الذي يقاتل إلى جانب القوات الحكومية السورية في الحرب هناك.
في 10 أغسطس 2012، قام عناصر من "عصائب أهل الحق" باقتحام مسجد سنّي في بغداد، وحوّلوه إلى مسجد شيعي. وأدرجت الولايات المتحدة "عصائب أهل الحق" على لائحتها للمنظمات الإرهابية.
"حركة النجباء"
انشقت "حركة النجباء" عن "عصائب أهل الحق" في عام 2013، ويقودها أكرم الكعبي، الذي يقول إن الحرب السورية دفعته لتشكيل الجماعة.
تتلقى الجماعة علناً التدريب والأسلحة والمشورة العسكرية من إيران. يتراوح عدد عناصرها ما بين 8 و10 آلاف عنصر، وكانت من بين أولى الجماعات العراقية الشيعية المسلحة التي ترسل مقاتلين إلى سوريا، وقامت بذلك منذ تشكيلها في عام 2013.
"سرايا الخراساني"
"سرايا الخراساني" هي فصيل شيعي يُعدّ الجناح العسكري لحزب طليعة الخراساني. تأسست في عام 1995، وترتبط بشكل مباشر بإيران ولها نفس شعار الحرس الثوري الإيراني.
يقدّر عدد عناصرها بـ7 آلاف مسلح، وهي تنضوي تحت لواء "الحشد الشعبي" العراقي.
عادت الفصائل المسلحة إلى دائرة الضوء في العراق باعتبارها أحد أبرز نقاط الجدل في المشهد، مع تحول التوترات السياسية إلى أعمال عنف، أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا، وفرض حظر تجول في كافة محافظات البلاد.
وشهدت العاصمة بغداد، اشتباكات مسلحة، الاثنين، تواصلت حتى الثلاثاء، أودت بحياة 23 شخصاً. وقال مسؤولون أمنيون إن بعضها كانت بين مسلحي "سرايا السلام" التابعة لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وأفراد من قوات الأمن العراقية المكلفة بحماية المنطقة الخضراء، لكن من المحتمل أيضاً أن تكون الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران متورطة فيها أيضاً.
وفيما يتعلق بخريطة القوى المسلحة في العراق تنقسم هذه المجموعات إلى القوات النظامية في وزارتي الدفاع والداخلية، وقوات الحشد الشعبي وهي قوات شبه عسكرية، وجزء من القوات المسلحة العراقية كانت تقف على الحياد من اشتباكات أنصار الصدر، وفصائل مسلحة موالية إيران.
الجيش العراقي
يعود تاريخ تأسيس الجيش العراقي إلى السادس من يناير عام 1921، عندما تشكلت أولى وحدة للجيش العراقي في بغداد في عهد الانتداب البريطاني سُميت باسم موسى الكاظم، جرى بعدها، أي في 1931، تشكيل القوة الجوية العراقية، وفي 1937 تشكلت القوات البحرية.
وبلغ عدد أفراد الجيش العراقي ذروته في أواخر الحرب "الإيرانية - العراقية"، عندما كان قوامه مليون جندي، وبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، بدأ الشروع ببناء ذلك الجيش من جديد بعد تفكيك الأجهزة الأمنية من قبل الحاكم المدني الأميركي السابق بول بريمر.
وتحت مظلة وزارة الدفاع العراقية، يضم الجيش العراقي عدة أفرع رئيسية، هي القوات البرية والقوات الجوية والقوات البحرية وطيران الجيش والدفاع الجوي، والقوات الخاصة، وشعبة الأمن الخاص (حماية المنطقة الخضراء).
وضع تصنيف "جلوبال فاير باور" لعام 2022، العراق، في المرتبة 34 عالمياً من بين 142 دولة شملها مسح المؤشر.
وعلى صعيد القوات الجوية يأتي العراق في المرتبة 30 عالمياً بعدد طائرات يصل إلى 361 طائرة مقاتلة ومروحية وطائرة تدريب، وفقاً للموقع المختص بتصنيف القوات العسكرية.
لكن البيانات تتفاوت بالنسبة لأعداد الجيش والشرطة، فيوجد ما يقرب من 200 ألف جندي تحت إشراف وزارة الدفاع (190 ألفاً في قيادة الجيش وقيادة الطيران، وفرقة القوات الخاصة التابعة لرئيس الوزراء، و5 آلاف في سلاح البحرية، و5 آلاف في قوات الدفاع الجوي)، بحسب تقديرات عام 2022 الواردة في "كتاب حقائق العالم" الذي تصدره وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA.
وتبلغ النفقات العسكرية في العراق 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي بحسب تقديرات عام 2021، و4.1% من الناتج المحلي الإجمالي وفق تقديرات عام 2020.
قوات الأمن
وتضم قوات الأمن على الصعيد الوطني، جهاز مكافحة الإرهاب، فرقة القوات الخاصة التابعة لرئيس الوزراء، والكتائب الرئاسية.
تحت مظلة وزارة الداخلية، تأتي قوات الشرطة الاتحادية، وقوات حرس الحدود، ووكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، وقسم الاستجابة للطوارئ، ومديرية حماية المنشآت، وشرطة المحافظات، ومديرية شرطة الطاقة.
ويوجد نحو 25 ألفاً من عناصر قوات الأمن على الصعيد الوطني (10 آلاف في جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، و10 آلاف في الألوية الرئاسية، و5 آلاف في فرقة القوات الخاصة التابعة لرئيس الوزراء).
وزارة البيشمركة (إقليم كردستان)
تضم وزارة البيشمركة في إقليم كردستان العراق، كتائب حرس الإقليم، وقوات الوحدة 70، وقوات الوحدة 80، وقوات العمليات الخاصة، وقوات مكافحة الإرهاب، وتضم مجموعة مكافحة الإرهاب ومديرية مكافحة الإرهاب.
وترتبط الوحدة 70 ومجموعة مكافحة الإرهاب بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، في حين أن الوحدة 80 ومديرية مكافحة الإرهاب مرتبطتان بالحزب الديمقراطي الكردستاني.
وتضم أكثر من 150 ألف عنصر (ما بين 45 و50 ألفاً في كتائب الحرس الإقليمي، ما بين 40 و45 ألفاً في قوات الوحدة 70، وما بين 56 و70 ألفاً في قوات الوحدة 80)، وما يقدر بنحو 100 إلى 160 ألفاً من قوات هيئة الحشد الشعبي.
هيئة الحشد الشعبي
تأسست هيئة الحشد الشعبي في يونيو 2014 لقتال تنظيم "داعش" إلى جانب قوات الجيش والأمن العراقية، وينضوي تحت لوائها قوات الحشد الشعبي، وقوات الحشد العشائري، وتضم نحو 60 فصيلاً مسلحاً تتباين أحجام ومصالح تلك الفصائل السياسية على نطاق واسع، بحسب "كتاب حقائق العالم".
تتضمن قوات الحشد الشعبي ثلاث فصائل متمايزة، استناداً إلى ولاءاتها إلى كلٍ من المرشد الإيراني علي خامنئي، والمرجع الشيعي في العراق علي السيستاني، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بحسب دراسة لـ"مركز مالكوم كير– كارنيجي للشرق الأوسط".
مع ذلك تواصل هيئة الحشد الشعبي والقوات التابعة لها تجاهل قانون هيئة الحشد الشعبي لعام 2016، الذي نص على تنظيم الفصائل المسلحة بطريقة مماثلة لقوات الأمن العراقية الأخرى، والعمل تحت السيطرة المباشرة للحكومة العراقية.
وتمول الحكومة العراقية قوات الحشد الشعبي، وتتلقى أوامرها بشكل قانوني من رئيس الوزراء، لكن العديد من وحدات الفصائل تتلقى أوامر من أحزاب سياسية مرتبطة بها أو مسؤولين حكوميين آخرين، بما في ذلك البعض ممن لهم صلات بـ"الحرس الثوري" الإيراني، وبعض الفصائل التي صنفتها الولايات المتحدة منظمات إرهابية.
الفصائل المسلحة
يعود تاريخ نشأة بعض الفصائل المسلحة في العراق إلى الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وعلى إثر تفكيك الأجهزة الأمنية العراقية آنذاك، انتشر سوق الأسلحة والمسلحين، الذين رفعوا شعار "محاربة الوجود الأميركي" في البلاد.
واستمر صعود الفصائل في العراق بعد فراغ السلطة والفوضى السياسية التي خلّفها الغزو. وبعد الانسحاب الأميركي من العراق، سرعان ما برزت على الساحة العراقية تنظيمات مسلحة، أغلبها شيعية مدعومة من إيران، وصارت تفرض سطوتها على الحياة السياسية عبر الضغط الأمني، مع عدم إخفاء ارتباطها بجهات خارجية.. لكن ما هي أبرز الفصائل المسلحة بالعراق؟
"كتائب بدر"
أقوى هذه الفصائل، هو كتائب بدر (المعروف الآن باسم منظمة بدر) الذي تشكل في إيران عام 1982 لتقديم معارضة للعراق، خلال الحرب العراقية الإيرانية، بحسب دراسة أصدرها مركز "مركز جنيف الدولي للعدالة"، وهو منظمّة غير حكومية مستقلة مقرّها الرئيسي في جنيف.
كان هذا التنظيم هو الجناح العسكري لما يسمى الآن المجلس الأعلى الإسلامي في العراق، وهو جزء من حزب الدعوة، الذي كان يُعرف سابقاً باسم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق حتى أعاد تسمية نفسه في يونيو 2007، سعياً لتأكيد العلاقات الوطنية العراقية.
بينما حافظ "حزب الدعوة" على بعض الاستقلال عن إيران، عمل المجلس الأعلى الإسلامي العراقي كأداة إيرانية خلال هذه الفترة. ومن المعروف أن "لواء بدر" حينها شارك في تعذيب وإعدام أسرى حرب عراقيين، بدعم ضمني من السلطات الإيرانية. وفي أعقاب الحرب العراقية الإيرانية، استمر التنظيم في العمل بهدف إسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وأصبح زعيم "منظمة بدر" هادي العامري الزعيم السياسي والعسكري للتنظيم بعد الانفصال عن المجلس الأعلى الإسلامي العراقي. مع صعود تنظيم "داعش" في عام 2014، حافظت منظمة بدر على وجود عسكري قوي في العراق، وتحت أوامر العامري، هاجمت عدة مدن بحجة محاربة "داعش"، إلى جانب الفصائل الشيعية الأخرى والجيش العراقي.
كانت المنظمة موالية لإيران على مر السنين وتتلقى دعمها بشكل منتظم. وفي هذا الصدد، تعاون العامري عدة مرات لتنفيذ عدة هجمات مع قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني قاسم سليماني، الذي اغتيل في 3 يناير 2020، بغارة أميركية قرب مطار بغداد.
"سرايا السلام"
"سرايا السلام" هي وحدات عسكرية تأسست بدعوة من مقتدى الصدر، في يونيو 2014 بالتنسيق مع الحكومة العراقية لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية من "القوى الظلامية"، بعدما اجتاح تنظيم داعش شمال العراق وسيطر على أراض واسعة، وانهيار الجيش العراقي، وهو ما أدى إلى توسع نفوذ الفصائل المسلحة في العراق، لاحقاً حسبما ذكر "معهد كارنيجي للسلام".
ورغم دورها "الدفاعي" الذي حدده الصدر مبدئياً، لعبت "سرايا السلام" لعبت دوراً في القتال ضد "داعش" في سامراء ومحافظة صلاح الدين، وتكريت، وشاركت في معركة استعادة الموصل.
و"سرايا السلام" هي إعادة إحياء لفصائل "جيش المهدي" الذي أسسه الصدر في أواخر 2003 عقب الغزو الأميركي للعراق قبل أن يحله في 2008.
ورأت ورقة بحثية نشرتها جامعة "ستانفورد" الأميركية، بشأن الفصائل المسلحة في العراق، أن تغيير تسمية "جيش المهدي"، إلى "سرايا السلام" يؤشر إلى أن الصدر أراد أن يباعد السرايا الجديدة عن سمعة "جيش المهدي" التي تلوثت جراء النزاع الطائفي في العراق في الفترة ما بين 2006 و2007.
"جيش المهدي"
بين عامي 2006 و2007، وُجهت اتهامات لـ"جيش المهدي"، باستهداف العراقيين السنة، والتحريض على العنف الطائفي.
ورغم نفي الصدريين، وجود "فرق موت" تستهدف العراقيين السنة، فإن "جيش المهدي" أو على الأقل عناصر مارقة فيه، نشطت في العنف الطائفي بين 2006 و2007، بحسب خريطة جامعة "ستانفورد" للميليشيات العراقية.
لكن التحوّل في مسيرة "جيش المهدي" حدث في أغسطس 2008، حين دخل جيش المهدي في مواجهات عنيفة في كربلاء مع كتائب بدر الشيعية، والتي سقط فيها 50 شيعياً. وألقي باللوم على "جيش المهدي" في سقوط الضحايا.
وفي نهاية 2007 وأوائل 2008، ذهب الصدر إلى منفاه الاختياري في محافظة قم بإيران، حيث واصل دراساته الدينية وإدارة جيش المهدي عن بعد. وفي أغسطس من العام نفسه، أعلن الصدر تجميد جيش المهدي إلى أجل غير مسمى.
لكن مسؤولين أميركيين وعراقيين قالوا في يونيو 2011، إن فصيلاً صغيراً من "جيش المهدي" يسمى "لواء اليوم الموعود" ينفذ هجمات ضد القوات الأميركية قبل إتمام انسحابها، حتى بعد أن علق الصدر نشاط معظم مقاتليه، حسبما ذكرت وكالة "رويترز" حينها.
وفي فبراير 2015، أي بعد أقل من عام على تأسيس السرايا، أعلن الصدر تجميد أنشطة فصائل "اليوم الموعود" و"سرايا السلام،" كـ"بادرة حسن نية"، عقب سلسلة أحداث عنف فصائل شيعية ضد مدنيين سنة.
ورغم تجميد عمل "السرايا"، أعاد الصدر نشر قواته مجدداً في 2015، لمعاونة القوات الحكومية في هجومهم لاستعادة مدينة تكريت من تنظيم "داعش".
وفي مايو 2016، أعلن الصدر، استعداد "سرايا السلام" للمشاركة في هجوم لاستعادة مدينة الموصل من "داعش".
وبعد الانتخابات البرلمانية في أكتوبر 2021، أعلن الصدر في 29 من الشهر ذاته، غلق كل مقار "سرايا السلام"، باستثناء 5 مدن، خلال 15 يوماً، حسبما ذكرت وكالة أنباء العراق "واع" حينها.
وفي 19 نوفمبر، أعلن الصدر، حلّ فصيل "لواء اليوم الموعود" المسلح الموالي له، وأمر بغلق مقراته.
"حزب الله العراقي"
يعدّ "حزب الله العراقي" أبرز الجماعات المسلحة في العراق، ولا يُخفي ولاؤه لإيران. تأسس في عام 2003 في مدينة العمارة جنوب العراق، مع تصاعد النفوذ الشيعي بعد صدام حسين.
في ذلك الوقت، ظهرت كتائب تحمل اسم "لواء أبو الفضل العباس" و"كتائب كربلاء" و"كتائب السجاد" و"كتائب زيد بن علي" و"كتائب علي الأكبر"، وكلها فصائل مسلحة شيعية، أعلنت توحّدها تحت اسم "حزب الله العراقي" في عام 2007، وكان هدفها المعلَن محاربة الوجود الأميركي، قبل أن يتحول هذا الهدف إلى "العمل على تحقيق الجمهورية الإسلامية في العراق"، كما في إيران.
يحظى "حزب الله العراقي" بتمويل وتسليح وتدريب ودعم إيراني، وكان يرأسه أبو مهدي المهندس الذي اغتيل مع قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني.
يقدّر عدد مسلحي "حزب الله العراقي" بـ7 آلاف عنصر، أشرف على تدريبهم قادة إيرانيون ولبنانيون، أبرزهم عماد مغنية الذي قُتل في سوريا عام 2015.
في عام 2009، أدرجت الولايات المتحدة "حزب الله العراقي" على قائمتها للجماعات الإرهابية.
ويواجه "حزب الله العراقي" اتهامات بالمسؤولية عن محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وهو ما ينفيه.
"عصائب أهل الحق"
تأسست "عصائب أهل الحق" في عام 2006 بعدما انشق قيس الخزعلي عن "جيش المهدي"، الذي كان آنذاك الجناح العسكري لـ"التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر قبل أن يُحلّ في عام 2008. وجاء الانشقاق إثر توقيع "جيش المهدي" على وقف إطلاق النار مع الحكومة العراقية والأميركيين.
عند تأسيسها، شُكلت "عصائب أهل الحق" من شيعة العراق، وانضم إليها لاحقاً مقاتلون من السنّة من محافظة صلاح الدين بعد سيطرة تنظيم "داعش" على مساحات من الأراضي العراقية في عام 2014. ويقدّر عدد عناصرها بـ10 آلاف مسلح.
تعمل "عصائب أهل الحق" داخل العراق ولها وجود في سوريا، وينضوي عناصرها تحت "لواء أبو الفضل العباس" الذي يقاتل إلى جانب القوات الحكومية السورية في الحرب هناك.
في 10 أغسطس 2012، قام عناصر من "عصائب أهل الحق" باقتحام مسجد سنّي في بغداد، وحوّلوه إلى مسجد شيعي. وأدرجت الولايات المتحدة "عصائب أهل الحق" على لائحتها للمنظمات الإرهابية.
"حركة النجباء"
انشقت "حركة النجباء" عن "عصائب أهل الحق" في عام 2013، ويقودها أكرم الكعبي، الذي يقول إن الحرب السورية دفعته لتشكيل الجماعة.
تتلقى الجماعة علناً التدريب والأسلحة والمشورة العسكرية من إيران. يتراوح عدد عناصرها ما بين 8 و10 آلاف عنصر، وكانت من بين أولى الجماعات العراقية الشيعية المسلحة التي ترسل مقاتلين إلى سوريا، وقامت بذلك منذ تشكيلها في عام 2013.
"سرايا الخراساني"
"سرايا الخراساني" هي فصيل شيعي يُعدّ الجناح العسكري لحزب طليعة الخراساني. تأسست في عام 1995، وترتبط بشكل مباشر بإيران ولها نفس شعار الحرس الثوري الإيراني.
يقدّر عدد عناصرها بـ7 آلاف مسلح، وهي تنضوي تحت لواء "الحشد الشعبي" العراقي.