الحرة
بعد حوالي شهر من انطلاق الاحتجاجات، يواصل الإيرانيون صمودهم أمام قمع السلطات التي كثفت من عملياتها الأمنية في مواجهة المظاهرات التي بدأت تتحول إلى انتفاضة وطنية، حسب "سي إن إن".
وتلفتُ الشبكة الأميركية إلى المواجهات العنيفة التي تشهدها أجزاء واسعة من البلاد التي باتت ساحات دموية للقتال وقمع المحتجين المنتفضين على النظام الإيراني.
قمع دموي
وتواجه سنندج، عاصمة محافظة كردستان إيران، النسبة الأكبر من هذا القمع حسبما نقلت مشاهد فيديو، وفي شهادته لـ"سي إن إن"، قال أحد المتظاهرين بالمدينة، إن المحتجين خرجوا إلى الشارع للاحتجاج، على الرغم من القطع شبه الكامل للإنترنت في المنطقة.
وأضاف الشاهد أن "القوات الإيرانية، أطلقت ليل الأربعاء، النار باتجاه المنازل، باستخدام رصاص عسكري"، مشيرا إلى أنه لم يسبق له سماع مثل صوت هذا الرصاص، وبأن الناس كانوا خائفين للغاية.
وأظهر مقطع فيديو، تم تصويره على ما يبدو من فوق أسطح المنازل، ما بدا أنها اشتباكات بين متظاهرين شباب يرشقون الشرطة بالحجارة، وقوات أمن التي استعملت الرصاص الحي في مواجهتم.
ويقول ناشطون بسنندج، الواقعة على بعد 400 كيلومتر غرب العاصمة الإيرانية طهران، إن أعداد كبيرة من عناصر الحرس الثوري الإيراني، تشارك في الحملة القمعية إلى جانب الشرطة المحلية.
وكشفت منظمة "هينغاو" الكردية لحقوق الإنسان، عن وفاة صبي يبلغ من العمر 7 سنوات بين ذراعي والدته، الأحد، بعد أن أطلقت قوات الأمن النار على حشد من المتظاهرين.
وقال أحد المتظاهرين إن الأمن يطلق النار على الصغار والكبار على حد سواء"، مشيرا إلى أن "الجرحى لا يذهبون إلى المستشفيات، لأنهم إذا ذهبوا إلى هناك بملابس مدنية فسوف تعتقلهم الشرطة".
وأوردت "سي إن إن"، أن في الوقت الذي يبدو فيه من المستحيل التحقق بشكل مستقل من عدد القتلى خلال هذه الاشتباكات، فإن الصور المروعة المنتشرة على الإنترنت وإفادات الشهود، تشير إلى أن "محافظة سندنج تشهد إراقة دماء".
استهداف مراكز حيوية
وعلى الرغم من ادعاءات الحكومة المتكررة باستعادة الهدوء، يظهر حسب "سي إن إن" بأن الاحتجاجات ما زالت متواصلة، بل ويكشف نشطاء وخبراء بأنها تحولت إلى "انتفاضة وطنية، وواحدة من أكبر التحديات التي يواجهها النظام منذ تأسيسه".
في هذا السياق، يقول أستاذ التاريخ المشارك في كلية لندن للاقتصاد، روهام ألفاندي لشبكة CNN: "هذا ليس احتجاجا من أجل المطالبة بالإصلاحات، بل انتفاضة تطالب بنهاية الجمهورية الإسلامية"، مضيفا بأن "هذه الاحتجاجات مختلفة تماما عما رأيناه من قبل ".
ويستهدف المتظاهرون خلال الآونة الأخيرة، ما وصفها تقرير "سي إن إن" بـ"مراكز الأعصاب الاقتصادية والسياسية للنظام"، من خلال المواجهات مع الشرطة، وخروج احتجاجات في المدن المحافظة التي تمثل قاعدة قوة النظام، بالإضافة إلى الاحتجاج في مؤسسات اقتصادية وصناعية.
ودخل عمال قطاع النفط الحيوي في البلاد على خط المظاهرات بعد تنفيذهم إضرابا عن العمل هذا الأسبوع، وسط دعوات أطلقها نشطاء للبدء بمزيد من الإضرابات والاحتجاجات.
وبدأت هذه المظاهرات في شكل احتجاجات على الأجور، قبل أن تتحول بعد ذلك إلى احتجاجات مناهضة للنظام، حيث هتف العمال "الموت للديكتاتور" - في إشارة إلى المرشد علي خامنئي، حسب الصحيفة الأميركية.
ويقول الخبراء إن احتجاج العمال والتجار على نطاق واسع قد يمثل تصعيدًا آخر في الاحتجاجات.
وفي هذا الجانب، يصرح أستاذ التاريخ المشارك في كلية لندن للاقتصاد، روهام ألفاندي: "إذا كان هناك إضراب عام على مستوى البلاد، فما الذي يمكن أن تفعله الحكومة حقا (..) هذا من شأنه أن يشل الدولة تماما وسيظهر عجزها في مواجهة هذه الحركة".
وأبرزت "سي إن إن" أن للإضرابات العمالية رمزية كبير في التاريخ الإيراني، موضحة أن لإضرابات واحتجاجات مصافي النفط والغاز في عام 1979، دور حاسم في الحركة الشعبية التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي ومهدت الطريق للجمهورية الإسلامية.