"بعدما فشلت السلطات الإيرانية عدة مرات في اختطاف صوته أو قلمه بعدما فضح الفساد المستشري في هيكل النظام.. ها هي تختطف جثته".
إنه الصحفي المعارض "رضا حقيقت نجاد" الذي فارق الحياة في 17 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري عن عمر ناهز 45 عاماً، واختطفت قوات من الحرس الثوري جثته عقب وصوله جثته مدينة شيراز جنوب إيران.
وقالت "بيغم جان رئيسي" والدة الصحفي رضا حقيقت نجاد، الخميس، إن قوات من استخبارات الحرس الثوري الإيراني اختطفت مساء الأربعاء جثة ابنها بعد وصوله إلى مطار مدينة شيراز جنوب إيران.
وأضافت في مقطع فيديو اطلعت عليه مراسلة "العين الإخبارية" في طهران، "بعد وصوله إلى المطار اختطفته قوة أمنية تابعة لجهاز الاستخبارات في الحرس الثوري وقامت بنقله إلى جهة مجهولة".
وكان الصحفي حقيقت نجاد يعمل لصالح إذاعة "فردا" الإيرانية المعارضة لسنوات طويلة، بعدما أسس في السابق موقع "إيران واير" المعارض عقب خروجه من إيران عام 2009.
وطالبت "بيغم جان رئيسي" الشعب الإيراني بأن يسمع صوتها بهدف الضغط على السلطات لتسليم جثة نجها لدفنه في مسقط رأسه بمدينة شيراز.
من هو رضا حقيقت نجاد؟
ولد في مدينة شيراز عام 1977، درس في البداية علوم المختبرات، لكنه أصبح مهتمًا بالكتابة ودرس الصحافة.
وبدأ عمله في الصحف المحلية في محافظة يزد (معقل الإصلاحيين) عام 2000، عمل كمحرر لصحيفة "خاتم" المحلية، وبعدها التحق في مجلة "جزيرة كيش"، ثم انتقل إلى العاصمة طهران وعمل مراسلاً للخدمة السياسية في وكالة أنباء العمل الإيرانية "إيلنا" الإصلاحية.
وخلال الانتخابات الرئاسية العاشرة لإيران، كان يعمل في وكالة أنباء إيلنا وظهر كمراسل في محكمة محتجين احتجاجات عام 2009، وبعد ذلك انضم إلى صحيفة "طهران تايمز"، ومنذ بداية عام 2010 ذهب إلى صحيفة هفت صبح المقربة من رئيس البرلمان الإيراني الحالي محمد باقر قاليباف.
وفي عام 2011 توقف عن العمل مع صحيفة "هفت صبح"، وغادر إيران، ليعلن تعاونه مع وسائل الإعلام الإيرانية المعارضة الناطقة باللغة الفارسية وظهر كخبير في البرامج الإذاعية والتلفزيونية.
بحث رضا حقيقت نجاد، في هيكل مكتب المرشد علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني، وكان الكشف عن الفساد في صناعة البتروكيماويات من أولى أنشطته البحثية بعدما بدأ العمل في راديو "فردا".
وفي عام 2008، حُكم عليه بالسجن 91 يومًا وغرامة قدرها 50 ألف تومان (5 آلاف دولار حينئذ)، لنشره مقالات في مجلة خاتم وبعض النصوص في مدونته الشخصية.
وفيما يتعلق باختطاف جثته، وصف جيمي فلاي، رئيس إذاعة أوروبا الحرة / راديو فردا، ما قامت به قوات الأمن الإيرانية، بأنه "مخز ومثير للاشمئزاز".
مرضه
وقبل 6 أشهر اكتشف رضا حقيقت نجاد، إصابته بسرطان القولون وانتشاره في الكبد، وتلقى العلاج في براغ بالتشيك ثم في برلين بألمانيا، ولكن رغم الجراحة المعوية وبدء العلاج الكيميائي، فإنه مات في 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ويصفه التيار الأصولي المتشدد بأنه "أحد رجال الفتنة" وهو لقب أطلقه أنصار الحكومة على الاحتجاجات بعد انتخابات عام 2009، والتي اتهمت النظام بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية لصالح الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد.
وبحسب زملائه، فإن "صراحته وشجاعته" لم تقتصر على مراجعة سجله المهني، فقد كتب ونشر العديد من المقالات التحليلية التي تنتقد أداء إيران وخاصة خامنئي والمعينين من قبله.
وتسببت هذه النصوص التحقيقية والنقدية في تعرضه لانتقادات ومهاجمة متكررة من قبل أنصار النظام الإيراني.