القبس
في هجوم وصفه الرئيس الباكستاني، عارف علي، بأنه «محاولة اغتيال شنيعة»، أُصيب رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان (70 عاما) برصاصة في قدمه خلال تجمع سياسي، لكنه نجا، وهو في حالة مستقرة.

خان كان يتقدم مسيرة انطلقت منذ الجمعة الماضية من مدينة لاهور نحو العاصمة إسلام آباد في إطار حملة للمطالبة بانتخابات مبكرة بعدما أقصي من منصبه في أبريل، وقال رؤوف حسن، أحد كبار مساعديه، إن خان أُصيب حين أُطلقت النيران من الحشد قرب مدينة غوجرانوالا (وزير آباد) في إقليم البنجاب «في محاولة لاغتياله» وجرى نقله بشكل سريع إلى لاهور لتلقي العلاج، مشيرا الى انه تم قتل أحد المهاجمين واعتقال آخر، نقلت وسائل إعلام باكستانية أنه أقر بأنه أراد قتل خان وأنه تصرف بشكل مستقل.

ويرى محللون أن محاولة اغتيال خان أتت بسبب الشعبية الكبيرة التي يحظى بها، التي ظهرت خلال التظاهرة الضخمة التي يقودها إلى إسلام آباد، والتي شكلت صدمة لمن هم في الحكم فأرادوا على ما يبدو التخلص منه وإبعاده عن المشهد السياسي، وهو أمر بمنزلة سكب الزيت على النار التي ستشعل باكستان كلها.

اعتقد الكثيرون أن خروج عمران خان من سدة الحكم في باكستان سيساعد على إعادة الاستقرار إلى البلاد، الا أنه مع غياب شخصية سياسية بديلة، تتمتع بثقله وشعبيته، يظل خان أحد الفاعلين المؤثرين في المشهد على الرغم من تصاعد حدة الاستقطاب بين الأطياف السياسية والعسكرية، وانعدام الدعم الأميركي له، وضعف الدعم الروسي والصيني في ظل الأحداث العالمية التي فرضتها حرب اوكرانيا وسباق التسلح في بحر الصين والمحيد الهادئ.

أربك حسابات الحكومة

كانت ولاية عمران خان انتهت خلال شهر أبريل الماضي، في أعقاب تصويت البرلمان على حجب الثقة عنه بموافقة 174 صوتاً من أصل 342 صوتاً، إلا أن إبعاده عن السلطة أدخل البلاد في موجة اضطرابات سياسية واقتصادية ضاعفت حدتها تغيراتُ المناخ والفيضانات. فبقي الرجل على قوته مربكاً حسابات حكومة خصمه شهباز شريف الحالية، اذ انه ما زال يلعب عدداً من الأدوار السياسية الخفية، عبر مناصريه، حيث تصاعدت حدة الأزمة بين أنصار خان والسلطة بعد إعلان هيئة تنظيم الإعلام الإلكتروني في باكستان، يوم 20 أغسطس الماضي، حظر بث خطابات مباشرة لرئيس الوزراء السابق بزعم انه ينشر خطاب كراهية.

وبات خان يطالب بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، ويقود منذ أشهر تجمعات حزبية وفردية، واكتسبت تحركاته زخماً كبيراً عقب الانتخابات المحلية في إقليم البنجاب، في يوليو الفائت، وأدت إلى فوز حزبه «حركة الإنصاف» بـ15 من اصل 20 مقعداً.

ويتهم خان الحكومة الحالية بأنها موالية للولايات المتحدة التي رفض طلبها إقامة قواعد لها في أعقاب انسحابها من أفغانستان. في المقابل، تسعى حكومة شريف إلى سجن خان، حيث اتهمته بالإرهاب، غير أن محكمة إسلام آباد قضت بعدم تعرضه للملاحقة.

ويرى مراقبون أن الجيش يلعب دوراً كبيراً في الصراع، وذلك لانتقاد خان العلني والحاد للمؤسسة العسكرية واتهامها بأنها تقف وراء جميع الأزمات السياسية، مطالباً اياها بإثبات حيادها. على الرغم أنه من المعروف على نطاق واسع أنه جاء إلى السلطة بمساعدة من الجيش وجهاز الاستخبارات، لكنه عاد واختلف معهما، وهو أمر قال فيه المراقبون أنه يفسر سقوطه.

شخصية كاريزمية

عندما انتُخب خان رئيساً للوزراء في 2018، بدا وكأنه يملك كل شيء في مصلحته، فقد تحول البطل الوطني في لعبة الكريكت إلى سياسي يتمتع بشخصية كاريزمية، وتمكن بعد سنوات من النضال من أن يحل محل السلالتين السياسيتين الراسختين المتنافستين اللتين هيمنتا على السياسة في باكستان طوال عقود.

ولقد برز كقوة جديدة، بمسيراته المدوية الحافلة بالأغاني الجذابة، التي عملت، إلى جانب حضوره الواسع على وسائل التواصل الاجتماعي، على تضخيم رسالته القوية المناهضة للفساد. ووعد خان بأن يجلب «التغيير» للبلاد، وأن يبني «باكستان جديدة».

لم يسبق لرئيس وزراء في باكستان أن أكمل خمس سنوات من الفترة البرلمانية في البلاد، وبدا وكأن عمران خان قد يكون الأول.

أصر خان على أن تركيزه منصب على تحسين طريقة الحكم، وحقق بعض التوسعات المثيرة للإعجاب على نظام الرفاهية الاجتماعية، حيث أدخل برنامج التأمين الصحي في أجزاء واسعة من البلاد، على سبيل المثال.

وحظي أسطورة الكريكت بشعبية واسعة قبل أن تتراجع بسبب تعثره في جوانب أخرى أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع مستوى التضخم وضعف الروبية وتفاقم الديون، وفشل في الوفاء بتعهده بالقضاء على عقود من الفساد المتجذّر والمحسوبية. فكان قراره بتعيين شخص عديم الخبرة في السياسة ويفتقر إلى الخبرة والمؤهل في منصب رئيسي، هو منصب الوزير الأول في إقليم البنجاب، وهو أكثر الأقاليم كثافة سكانية في البلاد، مادة للسخرية.

تأثير الغرب.. والعسكر

• أثار خان غضب الغرب بمواصلته زيارته لموسكو في اليوم الذي بدأت فيه روسيا غزو أوكرانيا.

• أحد قادة الدول القلائل، الذين حضروا افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين.

• وجّه كلمات حادة للاتحاد الأوروبي: «لسنا عبيداً لكم»، على خلفية مطالبته بإدانة غزو أوكرانيا.

• كانت خطاباته لاذعة ضد الإسلاموفوبيا، معتبراً أنها تتخفى في الغرب وراء ستار حرية التعبير.

• لم يصل أيّ رئيس وزراء في باكستان إلى نهاية مدته القانونية في منصبه.

• شهدت البلاد منذ استقلالها في 1947 أربعة انقلابات عسكرية أطاحت بالنظام.

• ظلّت لأكثر من 3 عقود تحت حكم العسكريين وتواجه حركات متطرفة وإرهابية.

https://alqabas.com/article/5898053 :إقرأ المزيد