تشهد مدينة شرم الشيخ في مصر، الأحد، انطلاق فعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP27 "، والذي يعقد تحت شعار "معاً نحو التنفيذ لتحقيق نتائج عادلة وطموحة"، سعياً لاتخاذ إجراءات حاسمة للحد بشكل عاجل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وبناء القدرة على الصمود والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ، وصولًا إلى الوفاء بالتزامات تمويل العمل المناخي في البلدان النامية.
ولا يُعد مصطلح "تغير المناخ" حديثاً، ففي القرن التاسع عشر، أجرى العلماء مجموعة من التجارب التي تشير إلى أن زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي نتيجة النشاط البشري الصناعي قد تغير مناخ الكوكب.
إلا أن الأمر استغرق ما يقرب من قرن من البحث المُدعم بالبيانات لإقناع الغالبية العظمي من المجتمع العلمي بأن تركيز الغازات المُسببة للاحتباس سيضر بالفعل بكوكب الأرض.
بحلول أواخر الخمسينيات في القرن العشرين، قدمت قراءات ثاني أكسيد الكربون بعض البيانات الأولية لتأييد نظرية الاحترار العالمي.
في نهاية المطاف، أظهرت وفرة البيانات، جنباً إلى جنب مع نمذجة المناخ وأحداث الطقس في العالم الحقيقي، أن الاحترار العالمي ليس فقط أمراً حقيقياً لكنه أيضاً سيجلب على كوكب الأرض العديد من العواقب الكارثية.
اتفاقية مبدئية
وبعد أكثر من 30 عاماً؛ وبالتحديد في عام 1992 وأثناء قمة الأرض المنعقدة في مدينة "ريو دي جانيرو" البرازيلية، أعلنت الأمم المتحدة التوصل لاتفاقية دولية مبدئية بشأن التغير المناخي.
كان الهدف من تلك الاتفاقية الحد من انبعاث الغازات الضارة بالبيئة، كي تتيح للنظام البيئي التكيف بشكل طبيعي مع التغيرات التي تطرأ على المناخ وتضمن عدم تعرض إنتاج الأغذية للخطر.
وبعد أقل من 3 أعوام على قمة الأرض، تم إنشاء مؤتمر الأطراف باعتباره هيئة عُليا للاتفاقيات المناخية، وكرابط بين جميع الدول الأعضاء الموقعة على اتفاقية كيوتو.
ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن، تنعقد اجتماعات سنوية منتظمة يحضرها رؤساء الدول والوزراء والمنظمات غير الحكومية تُعرف باسم "قمة المناخ".
عُقد أول مؤتمر للأطراف في عام 1995 واستضافته العاصمة الألمانية برلين، واتفقت الدول فيه على سلسلة من الالتزامات والمبادرات لتقليل الاحتباس الحراري.
لكن المبادرات لم تكن ملزمة على الإطلاق، إذ أن كل دولة كانت تختار من تلك المبادرات ما يتفق مع احتياجاتها وقدراتها.
في مؤتمر الأطراف الثاني، الذي انعقد في مدينة جنيف بسويسرا، وضعت الدول "أهدافاً كمية ملزمة" تحد من انبعاثات غازات الدفيئة من قبل البلدان الصناعية.
بروتوكول كيوتو
وفي كيوتو عام 1997، تم تحديد أهداف ملزمة لغازات الدفيئة لـ37 دولة، مما أدى إلى إنشاء ما عرف لاحقاً باسم بروتوكول كيوتو، الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2008.
ونص بروتوكول كيوتو على إلزام الدول المتقدمة بخفض الانبعاثات بنسبة 5٪ مقارنة بعام 1990.
ومع ذلك، رفضت اثنتان من أكبر الدول المسببة للانبعاثات، وهما الصين والولايات المتحدة، التصديق على الاتفاقية.
وتلى ذلك 9 مؤتمرات للأطراف بين عامي 1998 و2006 ليست لها أيّة قيمة تُذكر.
في عام 2007، اجتمع مؤتمر الأطراف الـ13 في بالي بإندونيسيا، حيث تم اتخاذ خطوات مهمة لاستبدال البروتوكول الفاشل، دون تفعيل معاهدة جديدة فعلياً.
وفي ضوء الأدلة المتزايدة حينها بأن الاحترار العالمي بات أمراً واقعياً، وضعت خطة عمل "بالي" خارطة طريق لمدة عامين نحو اتفاقية ملزمة يتم التوصل إليها في مؤتمر المناخ الـ15 في كوبنهاجن عاصمة الدنمارك.
تم تخصيص مؤتمر المناخ الـ14، الذي عقد في مدينة "بوزنان" البولندية، لتنقيح التفاصيل قبل مؤتمر الأطراف الـ15 في كوبنهاجن، وقدم برنامجاً لنقل التقنيات البيئية العقلانية إلى البلدان النامية.
في هذا المؤتمر؛ كان يبدو أن العالم في طريقه أخيراً لفعل شيء لمعالجة ما أصبح حقيقة واضحة بشكل متزايد، على الأقل بالنسبة للعلماء.
إجهاض الأمل
تم استقبال مؤتمر الأطراف بالدنمارك بوصفه أملاً كبيراً في جوهره بهدف الوصول إلى "إبرام اتفاقية مناخية ملزمة قانوناً، صالحة للعالم بأسره، والتي سيتم تنفيذها اعتباراً من عام 2012".
لكن في الاجتماع الذي عقد في تايلاند قبل 3 أسابيع من مؤتمر الأطراف الـ15، اتفقت الصين والولايات المتحدة على أن أي اتفاق يتم التوصل إليه لن يكون ملزماً، وبالتالي فإن أي شيء يتم تحقيقه في المؤتمر سوف يولد ميتاً بشكل أساسي، ومن ثم وصفت القمة بالفشل المرير والكارثة من قبل المنظمات البيئية والحكومات على حد سواء.
واستضافت المكسيك مؤتمر المناخ الـ16 في مدينة كانكون، واتفقت الدول على تمويل صندوق المناخ الأخضر، وهو كيان تشغيلي لمساعدة البلدان النامية في ممارسات التكيف والتخفيف لمواجهة تغير المناخ.
في عام 2011، استضافت مدينة "ديربان" بجنوب إفريقيا مؤتمر الأطراف الـ17، فيما لم تكن لذلك المؤتمر أيّ نتائج مهمة.
وفي العام التالي، استضافت العاصمة القطرية الدوحة مؤتمر الأطراف الثامن عشر، وبعد 13 يوماً من المفاوضات تمكنت الدول الأطراف من الاتفاق على سلسلة من القرارات لدفع العملية إلى الأمام وحفظ بروتوكول كيوتو، على الأقل من حيث المبدأ.
وفي نهاية المطاف، كان الشعور إلى حد كبير هو عدم الرضا عن الطموح الضعيف الذي أظهرته الاتفاقية النهائية، لا سيما في ضوء أن حقائق العلم أظهرت أن الانبعاثات في عام 2012 كانت بالفعل ضعف ما كانت عليه في عام 1990.
أما في عام 2013 كان الهدف الأولي لمؤتمر المناخ التاسع عشر، والذي انعقد في وارسو، هو الاتفاق على خفض الانبعاثات بحلول عام 2015، لكنه واجه معارضة شرسة، ليس أقلها من الدولة المضيفة، بولندا، التي لا تزال حتى يومنا هذا تمتلك صناعة قوية قائمة على الفحم.
ومر مؤتمر الأطراف في 2014 دون تحقيق نتائج ملموسة.
اتفاق باريس
حملت النسخة الـ21 من مؤتمر المناخ تقدماً كبيراً، إذ تبنت 197 دولة اتفاق باريس في 12 ديسمبر 2015. ودخل الاتفاق حيز التنفيذ بعد أقل من عام، وكان يهدف إلى الحد بشكلٍ كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين، مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة.
وخلال المؤتمرات التي تلت مؤتمر باريس؛ زادت قناعة العالم بضرورة الالتزام بجميع بنود الاتفاق الباريسي.
وجمع مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في جلاسكو، العام الماضي، عدداً كبيراً من قادة العالم؛ واعترفت فيه كافة الدول بوجود "حالة طوارئ مناخية"، ودعوا لتسريع العمل والابتعاد عن الوقود الأحفوري وتحقيق التمويل المتعلق بالمناخ.
والآن؛ ينعقد مؤتمر المناخ السابع والعشرين في مدينة شرم الشيخ المصرية؛ بهدف التأكيد على نتائج دورة جلاسكو، ولاتخاذ إجراءات بشأن مجموعة من القضايا الحاسمة لمعالجة حالة الطوارئ المناخية؛ انطلاقاً من الحد بشكل عاجل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
كما يهدف المؤتمر إلى بناء القدرة على الصمود، والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ، وصولًا إلى محاولة حث الدول المتقدمة المُسببة في الأساس للتغير المناخي بالوفاء بالتزامات تمويل العمل المناخي في البلدان النامية.
{{ article.visit_count }}
ولا يُعد مصطلح "تغير المناخ" حديثاً، ففي القرن التاسع عشر، أجرى العلماء مجموعة من التجارب التي تشير إلى أن زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي نتيجة النشاط البشري الصناعي قد تغير مناخ الكوكب.
إلا أن الأمر استغرق ما يقرب من قرن من البحث المُدعم بالبيانات لإقناع الغالبية العظمي من المجتمع العلمي بأن تركيز الغازات المُسببة للاحتباس سيضر بالفعل بكوكب الأرض.
بحلول أواخر الخمسينيات في القرن العشرين، قدمت قراءات ثاني أكسيد الكربون بعض البيانات الأولية لتأييد نظرية الاحترار العالمي.
في نهاية المطاف، أظهرت وفرة البيانات، جنباً إلى جنب مع نمذجة المناخ وأحداث الطقس في العالم الحقيقي، أن الاحترار العالمي ليس فقط أمراً حقيقياً لكنه أيضاً سيجلب على كوكب الأرض العديد من العواقب الكارثية.
اتفاقية مبدئية
وبعد أكثر من 30 عاماً؛ وبالتحديد في عام 1992 وأثناء قمة الأرض المنعقدة في مدينة "ريو دي جانيرو" البرازيلية، أعلنت الأمم المتحدة التوصل لاتفاقية دولية مبدئية بشأن التغير المناخي.
كان الهدف من تلك الاتفاقية الحد من انبعاث الغازات الضارة بالبيئة، كي تتيح للنظام البيئي التكيف بشكل طبيعي مع التغيرات التي تطرأ على المناخ وتضمن عدم تعرض إنتاج الأغذية للخطر.
وبعد أقل من 3 أعوام على قمة الأرض، تم إنشاء مؤتمر الأطراف باعتباره هيئة عُليا للاتفاقيات المناخية، وكرابط بين جميع الدول الأعضاء الموقعة على اتفاقية كيوتو.
ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن، تنعقد اجتماعات سنوية منتظمة يحضرها رؤساء الدول والوزراء والمنظمات غير الحكومية تُعرف باسم "قمة المناخ".
عُقد أول مؤتمر للأطراف في عام 1995 واستضافته العاصمة الألمانية برلين، واتفقت الدول فيه على سلسلة من الالتزامات والمبادرات لتقليل الاحتباس الحراري.
لكن المبادرات لم تكن ملزمة على الإطلاق، إذ أن كل دولة كانت تختار من تلك المبادرات ما يتفق مع احتياجاتها وقدراتها.
في مؤتمر الأطراف الثاني، الذي انعقد في مدينة جنيف بسويسرا، وضعت الدول "أهدافاً كمية ملزمة" تحد من انبعاثات غازات الدفيئة من قبل البلدان الصناعية.
بروتوكول كيوتو
وفي كيوتو عام 1997، تم تحديد أهداف ملزمة لغازات الدفيئة لـ37 دولة، مما أدى إلى إنشاء ما عرف لاحقاً باسم بروتوكول كيوتو، الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2008.
ونص بروتوكول كيوتو على إلزام الدول المتقدمة بخفض الانبعاثات بنسبة 5٪ مقارنة بعام 1990.
ومع ذلك، رفضت اثنتان من أكبر الدول المسببة للانبعاثات، وهما الصين والولايات المتحدة، التصديق على الاتفاقية.
وتلى ذلك 9 مؤتمرات للأطراف بين عامي 1998 و2006 ليست لها أيّة قيمة تُذكر.
في عام 2007، اجتمع مؤتمر الأطراف الـ13 في بالي بإندونيسيا، حيث تم اتخاذ خطوات مهمة لاستبدال البروتوكول الفاشل، دون تفعيل معاهدة جديدة فعلياً.
وفي ضوء الأدلة المتزايدة حينها بأن الاحترار العالمي بات أمراً واقعياً، وضعت خطة عمل "بالي" خارطة طريق لمدة عامين نحو اتفاقية ملزمة يتم التوصل إليها في مؤتمر المناخ الـ15 في كوبنهاجن عاصمة الدنمارك.
تم تخصيص مؤتمر المناخ الـ14، الذي عقد في مدينة "بوزنان" البولندية، لتنقيح التفاصيل قبل مؤتمر الأطراف الـ15 في كوبنهاجن، وقدم برنامجاً لنقل التقنيات البيئية العقلانية إلى البلدان النامية.
في هذا المؤتمر؛ كان يبدو أن العالم في طريقه أخيراً لفعل شيء لمعالجة ما أصبح حقيقة واضحة بشكل متزايد، على الأقل بالنسبة للعلماء.
إجهاض الأمل
تم استقبال مؤتمر الأطراف بالدنمارك بوصفه أملاً كبيراً في جوهره بهدف الوصول إلى "إبرام اتفاقية مناخية ملزمة قانوناً، صالحة للعالم بأسره، والتي سيتم تنفيذها اعتباراً من عام 2012".
لكن في الاجتماع الذي عقد في تايلاند قبل 3 أسابيع من مؤتمر الأطراف الـ15، اتفقت الصين والولايات المتحدة على أن أي اتفاق يتم التوصل إليه لن يكون ملزماً، وبالتالي فإن أي شيء يتم تحقيقه في المؤتمر سوف يولد ميتاً بشكل أساسي، ومن ثم وصفت القمة بالفشل المرير والكارثة من قبل المنظمات البيئية والحكومات على حد سواء.
واستضافت المكسيك مؤتمر المناخ الـ16 في مدينة كانكون، واتفقت الدول على تمويل صندوق المناخ الأخضر، وهو كيان تشغيلي لمساعدة البلدان النامية في ممارسات التكيف والتخفيف لمواجهة تغير المناخ.
في عام 2011، استضافت مدينة "ديربان" بجنوب إفريقيا مؤتمر الأطراف الـ17، فيما لم تكن لذلك المؤتمر أيّ نتائج مهمة.
وفي العام التالي، استضافت العاصمة القطرية الدوحة مؤتمر الأطراف الثامن عشر، وبعد 13 يوماً من المفاوضات تمكنت الدول الأطراف من الاتفاق على سلسلة من القرارات لدفع العملية إلى الأمام وحفظ بروتوكول كيوتو، على الأقل من حيث المبدأ.
وفي نهاية المطاف، كان الشعور إلى حد كبير هو عدم الرضا عن الطموح الضعيف الذي أظهرته الاتفاقية النهائية، لا سيما في ضوء أن حقائق العلم أظهرت أن الانبعاثات في عام 2012 كانت بالفعل ضعف ما كانت عليه في عام 1990.
أما في عام 2013 كان الهدف الأولي لمؤتمر المناخ التاسع عشر، والذي انعقد في وارسو، هو الاتفاق على خفض الانبعاثات بحلول عام 2015، لكنه واجه معارضة شرسة، ليس أقلها من الدولة المضيفة، بولندا، التي لا تزال حتى يومنا هذا تمتلك صناعة قوية قائمة على الفحم.
ومر مؤتمر الأطراف في 2014 دون تحقيق نتائج ملموسة.
اتفاق باريس
حملت النسخة الـ21 من مؤتمر المناخ تقدماً كبيراً، إذ تبنت 197 دولة اتفاق باريس في 12 ديسمبر 2015. ودخل الاتفاق حيز التنفيذ بعد أقل من عام، وكان يهدف إلى الحد بشكلٍ كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين، مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة.
وخلال المؤتمرات التي تلت مؤتمر باريس؛ زادت قناعة العالم بضرورة الالتزام بجميع بنود الاتفاق الباريسي.
وجمع مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في جلاسكو، العام الماضي، عدداً كبيراً من قادة العالم؛ واعترفت فيه كافة الدول بوجود "حالة طوارئ مناخية"، ودعوا لتسريع العمل والابتعاد عن الوقود الأحفوري وتحقيق التمويل المتعلق بالمناخ.
والآن؛ ينعقد مؤتمر المناخ السابع والعشرين في مدينة شرم الشيخ المصرية؛ بهدف التأكيد على نتائج دورة جلاسكو، ولاتخاذ إجراءات بشأن مجموعة من القضايا الحاسمة لمعالجة حالة الطوارئ المناخية؛ انطلاقاً من الحد بشكل عاجل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
كما يهدف المؤتمر إلى بناء القدرة على الصمود، والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ، وصولًا إلى محاولة حث الدول المتقدمة المُسببة في الأساس للتغير المناخي بالوفاء بالتزامات تمويل العمل المناخي في البلدان النامية.