وكالات
أغلقت المتاجر في مختلف أنحاء إيران، الثلاثاء، بعدما دعا منظمو الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني إلى التظاهر في مناسبة مرور ثلاث سنوات على حملة قمع دامية خلال احتجاجات نُظمت جراء ارتفاع أسعار الوقود عام 2019.

ويُتوقع أن تعطي الدعوة لإحياء ذكرى ضحايا حراك 2019 زخماً جديداً للاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ شهرين إثر وفاة مهسا أميني بعدما احتجزتها شرطة الأخلاق لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة.

وكانت قوات الأمن الإيرانية قادت حملة قمع دموية ضد مظاهرات شهدتها البلاد عام 2019 احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود، أسفرت عن مصرع مئات الأشخاص، بينهم ما لا يقل عن 17 مراهقاً ونحو 400 سيدة، فضلا عن عدد من قوات الأمن والشرطة.

إضراب في الجامعات والمصانع

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي إضرابات وتجمعات. وأوضحت لقطات نشرها حساب (1500 تصوير) 1500tasvir على تويتر، متاجر مغلقة في سوق طهران، مع تجمع حشد من الناس يرددون شعارات مناهضة للحكومة.

وأشارت منظمة هنجاو الكردية لحقوق الإنسان بحدوث إضرابات جماعية في العديد من المدن التي يسكنها أكراد في شمال وشمال غرب إيران، كما أضربت جامعات في هذه المناطق.

وشهدت جامعة آزاد في مدينة كرج القريبة من طهران إضراباً أيضاً، ونشر حساب 1500 تصوير مقطع فيديو يظهر ممرات الجامعة فارغة والأبواب مغلقة. كما نشر الحساب مقطع فيديو لأشخاص في قطار أنفاق وهم يهتفون "الموت للديكتاتور"، وهو شعار كثيراً ما تم ترديده ويُقصد به الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي.

وفي مدينة أصفهان بوسط إيران، وقف عمال خارج مصنع للصلب وانضموا إلى الإضراب. وذكر حساب "1500 تصوير" أن العمال رددوا "سئمنا الوعود، موائدنا فارغة".

دعم الحركة الاحتجاجية

ودعا ناشطون شباب للنزول إلى الشوارع في الأهواز وأصفهان ومشهد وتبريز، من بين مدن أخرى منها طهران.



وقالوا في نداء عبر الإنترنت "سنبدأ من المدارس الثانوية والجامعات والأسواق وسنواصل التجمعات التي تركّز على الأحياء للانتقال إلى الساحات الرئيسية في المدن".

وتقف مجموعات من الشباب التي لا تكشف عن أسمائها وراء الدعوات الأخيرة إلى الاحتجاج منذ وفاة أميني في 16سبتمبر الماضي.

ولم تُسجّل التحركات تراجعاً رغم استخدام النظام الإيراني للقوة المميتة لمواجهة ما تقول جماعات حقوقية إنهم متظاهرون سلميّون إلى حد كبير وحملة اعتقالات جماعية استهدفت ناشطين وصحافيين ومحامين.

ويتزايد الدعم لحركة الاحتجاجات من مختلف فئات المجتمع الإيراني، وذكر لاعب كرة القدم المتقاعد الشهير علي دائي عبر إنستجرام أنه رفض دعوة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لحضور بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر.

وكتب دائي "في هذه الأيام العصيبة.. اعتذرت عن عدم قبول دعوة الفيفا وأفضّل البقاء إلى جانب أبناء بلدي وتقديم التعازي للأسر التي فقدت أحباءها مؤخراً".

وتقول إيران إن أميني توفيت نتيجة مشكلات صحية كانت تعاني منها بالفعل، وتُحمل أعداء خارجيين من بينهم الولايات المتحدة المسؤولية عن إثارة ما تشهده من اضطرابات.

احتجاجات 2019 الدامية

تأتي الدعوة إلى الاحتجاج الثلاثاء لإحياء الذكرى الثالثة لبدء تحركات "أبان الدموي" - أو "نوفمبر الدامي" عندما أدت الزيادة المفاجئة في أسعار الوقود إلى احتجاجات دامية.

وشهدت أيام الاضطرابات في إيران منذ 15 نوفمبر في تلك السنة مهاجمة مراكز الشرطة ونهب متاجر وإحراق مصارف ومحطات وقود بينما لجأت السلطات إلى قطع الاتصال بالإنترنت مدة أسبوع.

وقالت منظمة العفو الدولية إن ما لا يقل عن 304 أشخاص قتلوا في الاضطرابات التي سرعان ما امتدت إلى أكثر من 100 بلدة ومدينة في أنحاء البلاد.

وأفاد فريق من المحامين الدوليين في إطار ما سُمي "محكمة آبان" التي عُقدت في لندن هذا العام أن أدلة جمعها خبراء تشير إلى أن العدد الفعلي للقتلى قد يكون أكبر بكثير وقد يصل إلى 1515.

ضغوط على إيران

وفرض الاتحاد الأوروبي الاثنين عقوبات إضافية على إيران بسبب قمعها للاحتجاجات، التي وصفها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنها ثورة.

واستهدفت عقوبات الاتحاد الأوروبي وزير الداخلية أحمد وحيدي وقائد القوات البرية الإيرانية كيومرث حيدري من بين أولئك الذين قالت إنهم مسؤولون عن قمع التظاهرات.

كما وضع أربعة من أفراد وحدة الشرطة التي احتجزت أميني على القائمة السوداء.

ومن بين الكيانات المستهدفة قناة "برس تي في" الحكومية التي اتُهمت ببث "اعترافات قسرية لمعتقلين".



وأشادت الولايات المتحدة بالإجراءات الأوروبية وقالت إن "أنظار العالم على إيران".

كما أدانت الإدارة الأميركية الضربات الصاروخية التي شنّتها إيران الاثنين ضد مواقع لفصائل معارضة كردية متمركزة في العراق تتهمها طهران بتأجيج ما تسميه "أعمال شغب".

وهدّدت إيران التي اتهمت الولايات المتحدة وحلفاءها بالوقوف وراء الاضطرابات بالرد.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني "على ما يبدو، أدى الإدمان على العقوبات إلى عزل العقلانية والجدية لدى الأطراف الأوروبية".

وأضاف أن إيران "ستتخذ الإجراءات المتبادلة والفاعلة بحكمة وقوّة وبناء على المصالح الوطنية تجاه مثل هذه الممارسات غير المجدية وغير البناءة، وتحتفظ بالحق في الرد" على العقوبات الأوروبية والبريطانية.