وكالات
أفادت وسائل إعلام إيرانية، الخميس، بمصرع 10 أشخاص بينهم عناصر من الشرطة في هجومين مسلحين، فيما اتهمت السلطات الإيرانية إسرائيل وأجهزة مخابرات غربية بالتآمر لإشعال شرارة حرب أهلية في البلاد التي تشهد أحد أكبر الاحتجاجات المناهضة للحكومة منذ عقود.

تأتي هذه التطورات في ظل استمرار الاحتجاجات التي بدأت على خلفية وفاة مهسا أميني بعد توقيفها في 16 سبتمبر، وتزامناً مع ذكرى مرور ثلاث سنوات على حراك شعبي احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود عام 2019.

وكتب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان على تويتر أن "أجهزة أمنية متعددة وإسرائيل وبعض السياسيين الغربيين الذين وضعوا خططاً لنشوب حرب أهلية وتدمير وتفكيك إيران، يجب أن يعلموا أن إيران ليست ليبيا أو السودان".



وتتهم طهران خصومها الغربيين بتأجيج الاضطرابات في جميع أنحاء البلاد، فيما تَواصَل تنديد الدول الغربية بـ"حملة القمع" التي تمارسها الحكومة الإيرانية ضد المتظاهرين.

هجمات مسلحة

أفادت وسائل إعلام رسمية، الخميس، بمصرع 10 أشخاص بينهم مواطنون وعناصر أمن في هجومين منفصلين الليلة الماضية، إذ لقي 7 أشخاص في مدينة إيذه جنوب غرب البلاد، وثلاثة عناصر من قوات الباسيج التابعة للحرس الثوري مصرعهم في هجوم منفصل في أصفهان وسط البلاد.

وبحسب وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، فإن الهجوم الأول نفّذته مجموعتان من المسلحين يستقلون دراجتين ناريتين، لافتة إلى أنهم "أطلقوا النار على المواطنين وعناصر الشرطة، باستخدام أسلحة كلاشينكوف، في السوق المركزية بمدينة إيذه". وأشارت إلى اعتقال 3 أشخاص ضالعين في ما وصفته بـ "الاعتداء الإرهابي".

وصفت وكالة "إرنا" الرسمية منفّذي إطلاق النار بـ"الإرهابيين"، وقالت "على إثر دعوة مجموعات مناهضة للثورة (إلى الاحتجاج)، استغل عناصر إرهابيون مسلحون وجود عدد من الأشخاص، وبدأوا بإطلاق النار على الناس وعناصر الأمن" في سوق مدينة إيذه.

في المقابل، قال حساب "1500 تصوير" 1500tasvir على تويتر، إن الشرطة استخدمت أعيرة نارية ضد المتظاهرين في إيذه، ونشر مقطع فيديو لما قال إنها بقايا للذخائر التي استخدمها عناصر الأمن.



ووصفت وكالة "فارس" الهجوم الثاني الذي وقع في أصفهان بـ"أعمال شغب"، لافتة إلى أن "مسلحاً مجهولاً كان يستقل دراجة نارية أطلق النار على القوات المدافعة عن الأمن، ما أدى إلى مصرع اثنين منهم وإصابة اثنين آخرين". وفي وقت لاحق، الخميس، أفادت الوكالة بمصرع عنصر ثالث من الأمن متأثراً بجروحه جرّاء الهجوم، فيما أشارت إلى مصرع 3 من "مثيري الشغب" على أيدي الشرطة في الهجوم.

ويعد هذا الاعتداء الثاني في أصفهان الذي حمّلت السلطات الإيرانية مسؤوليته أيضاً إلى "إرهابيين"، وأمر الرئيس إبراهيم رئيسي السلطات المعنية بـ"التحرّك فوراً لتحديد هوية منفّذي الاعتداء وتسليمهم إلى النظام القضائي لتتم معاقبتهم".

ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجومين اللذين ألقى التلفزيون الرسمي باللوم فيهما على "مثيري الشغب".

وهذه هي المرة الثانية التي تنسب فيها السلطات هجمات مسلحة إلى "إرهابيين" منذ اندلاع الاحتجاجات، بعد هجوم استهدف في 26 أكتوبر الماضي مرقداً دينياً في مدينة شيراز (جنوباً)، ما أدى الى مصرع 13 شخصاً وتبنّاه تنظيم "داعش".

"معارك شوارع"

قالت منظمة "هنكاو" الحقوقية التي تتخذ من أوسلو مقراً، إن متظاهراً لقي مصرعه في بوكان الخميس، بعدما أفادت بمصرع 10 أشخاص على الأقل في معارك شوارع، غرب إيران، الأربعاء.

وفي مكان آخر، اتُهمت القوات الأمنية بقتل 10 أشخاص على الأقل في 24 ساعة خلال التظاهرات التي شهدتها مدن بوكان وكاميران وسنندج، وفي سقز مسقط رأس أميني، حسبما أفادت "هنكاو" في وقت متأخر، الأربعاء.

وقالت المنظمة الحقوقية التي ترصد الانتهاكات في المناطق التي يقطنها الأكراد، إنه تم رصد إطلاق نار، الخميس، في تلك المدن الأربع بالإضافة إلى مدن أخرى من بينها دهجولان وإيلام ومهاباد وروانسار.

ووصف قائد قوى الأمن الداخلي الإيراني حسين أشتري الاضطرابات في إيران بـ" الحرب الهجينة" التي يدبرها أعداء إيران، لافتاً إلى أن الشرطة ما زالت "تتحلى بضبط النفس" في التعامل مع الأحداث الأخيرة.

يأتي ذلك وسط تقارير لمنظمات حقوق الإنسان تفيد بأن 342 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم خلال المظاهرات منذ انطلاقها في سبتمبر الماضي، فيما تم تقدير عدد المعتقلين بالآلاف.

وقالت وكالة أنباء ميزان التابعة للسلطة القضائية في إيران، إن 5 أشخاص اعتقلوا خلال الاحتجاجات، حُكم عليهم بالإعدام.

فيما قالت منظمة العفو الدولية في تغريدة على تويتر، إن السلطات الإيرانية تسعى إلى توقيع عقوبة الإعدام على 21 شخصاً على الأقل "في محاكمات صورية يراد بها ترهيب المشاركين في الانتفاضة الشعبية التي هزت إيران منذ سبتمبر، وردع الآخرين عن الانضمام إلى الحراك".

تواصل الإضراب

يأتي ذلك فيما يتواصل إضراب عام لأصحاب المتاجر في مختلف المدن الإيرانية لليوم الثالث، بعدما دعت إليه الحركة الاحتجاجية في البلاد بمناسبة مرور ثلاث سنوات على حملة قمع دامية خلال احتجاجات نُظمت جرّاء ارتفاع أسعار الوقود عام 2019.

وأفاد موقع "إيران إنترناشيونال" بأن أصحاب المتجار أبقوا محلاتهم مغلقة منذ 15 نوفمبر الجاري ولليوم الثالث على التوالي، في مدن من ضمنها شيراز وشهركرد، وأراك، وقزوين، وكرمان، وسربول ذهاب، وأصفهان، ونجف آباد، وبوجنورد، وإيلام، وصومعه سرا، وسنندج، وبابل، ومروشت، وكركان.



وأفادت تقارير إعلامية بتحوّل مراسم تشييع ضحايا الاحتجاجات، الخميس، إلى مظاهرات واسعة في مدينة بوكان بأذربيجان الغربية. ونشر حساب "1500 تصوير" على تويتر مقطع فيديو لأحد المتظاهرين في المدينة يرفع شارة النصر وخلفه عدد من المتظاهرين. وقال الحساب إن الفيديو يوثق مشاهد من مظاهرات الخميس في مدينة بوكان.

في سنندج، مركز إقليم كردستان، وبالتزامن مع أربعينية أربعة أشخاص من ضحايا الاحتجاجات، توجّه المتظاهرون إلى مقبرة "بهشت محمدي" في هذه المدينة، ورددوا شعارات مثل "الموت للديكتاتور"، بحسب المصدر ذاته.



وتشهد إيران منذ 16 سبتمبر احتجاجات في عدد من المناطق إثر وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً) بعد 3 أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في البلاد.

وتقول إيران إن أميني توفيت نتيجة مشكلات صحية كانت تعاني منها بالفعل، وتُحمّل أعداء خارجيين من بينهم الولايات المتحدة المسؤولية عن إثارة ما تشهده من اضطرابات.

ولم تسجل التحركات تراجعاً رغم استخدام النظام الإيراني القوة المميتة لمواجهة من تقول جماعات حقوقية إنهم متظاهرون سلميّون إلى حد كبير، وحملة اعتقالات جماعية استهدفت ناشطين وصحافيين ومحامين.