"منعطف خطير"، و"مفاجأة".. بهذه الكلمات وصف مسؤولون إسرائيليون، بينهم المفتش العام للشرطة، التفجيرين اللذين وقعا في القدس الغربية، الأربعاء، وأسفرا عن سقوط ضحية وعددٍ من الجرحى، مشيرين إلى طبيعتها "المختلفة" عن الهجمات الأخرى التي وقعت خلال السنوات الأخيرة من حيث المكان والأدوات.
وقالت السلطات الإسرائيلية إن العملية تحمل "طابعاً منظماً"، لأن تنفيذها يتطلّب إعداد متفجرات، وتحديد المكان والزمان اللذين يتجمع فيهما عدد أكبر من الناس للذهاب إلى العمل، والتفجير عن بعد، وذلك بخلاف عمليات فردية أخرى دأب شبان فلسطينيون على تنفيذها باستخدام أسلحة نارية فردية أو أسلحة بيضاء، وغالباً ما كانت تجري في الضفة الغربية بعيداً عن المدن، والتجمعات السكانية في إسرائيل.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين قولهم، إن آخر عملية تفجيرية من هذا النوع وقعت في عام 2010. وأشارت إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تركز في بحثها عن معدي ومنفذي هذه العملية، على الجهة المنظمة، وعن امتدادها التنظيمي، ومصدر القرار، وعن المختبر الذي أعدت فيه القنبلتين، وعن الأدوات الأخرى المستخدمة من هاتف نقال ومواصلات وغيرها.
اجتياحات واغتيالات
في غضون ذلك، لم يستبعد مراقبون ومحللون قيام الجيش الإسرائيلي باجتياحات فورية لمناطق في الضفة الغربية بحثاً عن المنفذين، أو القيام بعمليات قصف واغتيال انتقامي في قطاع غزة.
وكانت الفصائل الفلسطينية المختلفة لجأت إلى العمليات التفجيرية بمختلف أشكالها أثناء سنوات الانتفاضة الثانية، التي اندلعت في سبتمبر عام 2000، وانتهت في عام 2005، لكن بعض مظاهرها استمرت حتى عام 2010.
موجات من الهجمات
وشهدت الضفة الغربية منذ عام 2015 سلسلة موجات من الهجمات اتسمت بطابع فردي غير منظم، تخللتها عمليات مسلحة محدودة ذات طابع محلي. ومن أبرز هذه الموجات "هبة أكتوبر" عام 2015 التي شملت سلسلة عمليات طعن وعمليات دهس نفذها شبان يافعون. ومنها عمليات مسلحة قامت بها منظمات محلية تشكلت في شمال الضفة الغربية خلا العام الجاري، مثل "عرين الأسود" في نابلس، و"كتيبة جنين" في مخيم جنين وغيرها. وتميزت هذه المجموعات بأنها عابرة للفصائل، وضمت شباناً من مختلف المشارب والانتماءات السياسية والفصائلية والمستقلين.
وحظيت المجموعاتر المذكورة بتأييد شعبي واسع من قبل الجمهور الفلسطيني، الذي اعتبر عملياتها بمثابة رد انتقامي على الممارسات القمعية الإسرائيلية اليومية مثل عمليات قتل المتظاهرين والمواطنين العزل، والاستيطان المنفلت، الذي يجرد المواطنين من أراضيهم العامة والشخصية، وانهيار كل فرص الحل السياسي، وفقدان الأمل بالخلاص من الاحتلال وممارساته.
"مأزق" السلطة الفلسطينية
ووجدت السلطة الفلسطينية نفسها في "مأزق"، أمام تنامي هذه المجموعات وانتشارها بسبب قلقها من تآكل سلطتها من جهة، وخشيتها من ردود الفعل الإسرائيلية التي تترك آثاراً مدمرة على الاقتصاد وعلى حركة المواطنين مثل إغلاق مناطق لفترات طويلة، ومنع وتقييد حركة السلع والأفراد في بعض المناطق. ومن ذلك قيام الجيش الإسرائيلي بإغلاق مدينة نابلس لمدة شهر ونصف الشهر، أخيراً، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المدينة ومحيطها. وكذلك إغلاق مدينة جنين أمام المتسوقين الفلسطينيين القادمين من إسرائيل، لفترة من الوقت، ما ألحق ضرراً كبيراً باقتصاد المدينة، الذي يعتمد الجزء الأكبر منه على هؤلاء المتسوّقين الذين يقصدونها من مناطق قريبة من داخل إسرائيل.
وعملت السلطة الفلسطينية على احتواء مجموعة "عرين الأسود" في صفوف أجهزة الأمن، بعد سلسلة عمليات عسكرية إسرائيلية، استهدفت قيادات وأعضاء المجموعة الذين آثروا في نهاية الأمر الانضمام إلى أجهزة السلطة لحمايتهم من عمليات الاغتيال.
لكن في جنين واصلت المجموعة التي تحمل اسم "كتيبة جنين" حمل السلاح للرد على عمليات الاقتحام الإسرائيلية التي تقع في المدينة والمخيم.
"لغز" أمام إسرائيل
ولا يستبعد بعض المراقبين أنّ تكون العملية المزدوجة في القدس جزءاً من العمليات الفردية التي جرى تطوير أدواتها من السلاح الناري إلى المتفجرات.
في هذا السياق، قال الكاتب عصمت منصور لـ"الشرق" إن "هذا النمط من العمليات الذي يتضمن استخدام متفجرات واستهداف حافلات في قلب المدن، هو نمط غير مألوف، وربما تكون مبادرة فردية، وربما تقف وراءها إحدى الفصائل"، مضيفاً: "هذا هو اللغز الذي تسعى أجهزة الأمن الإسرائيلية إلى حله".
ويرى منصور أن رد الفعل الإسرائيلي على هذه العملية سيتحدد بناء على هذه النتيجة، مشيراً إلى أن إسرائيل قد تشن عمليات اجتياح واسعة أو محدودة في الضفة، أو عمليات استهداف لقطاع غزة، واغتيالات لقيادات في القطاع، في حال ثبت وقوف أحد الفصائل خلفها.
"الهاجس الأكبر"
وجاءت العملية المزدوجة في القدس لتشكل تحدياً كبيراً لإسرائيل. إذ يقول منصور إن "الهاجس الأكبر بالنسبة لإسرائيل هو وقوع عمليات في قلب المدن، لهذا جاءت عملياتها التي أطلقت عليها اسم كاسر الأمواج بهدف منع وصول مهاجمين إلى داخل المدن".
وتحاول قوى اليمين المتطرف التي حققت تقدماً كبيراً في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، دفع الجيش للقيام بعمليات انتقامية واسعة ضد الفلسطينيين رداً على عملية الأربعاء.
وقال إيتمار بن غفير وهو أحد زعماء حركة "الصهيونية الدينية" والمرشح لتولي منصب وزير الأمن في الحكومة الجاري تشكيلها برئاسة بنيامين نتنياهو، في تصريحات له بعد وصوله إلى موقع العملية: "يجب القيام باجتياح الضفة الغربية وتمشيطها بيتاً بيتاً بحثاً عن الفاعلين".
وقالت السلطات الإسرائيلية إن العملية تحمل "طابعاً منظماً"، لأن تنفيذها يتطلّب إعداد متفجرات، وتحديد المكان والزمان اللذين يتجمع فيهما عدد أكبر من الناس للذهاب إلى العمل، والتفجير عن بعد، وذلك بخلاف عمليات فردية أخرى دأب شبان فلسطينيون على تنفيذها باستخدام أسلحة نارية فردية أو أسلحة بيضاء، وغالباً ما كانت تجري في الضفة الغربية بعيداً عن المدن، والتجمعات السكانية في إسرائيل.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين قولهم، إن آخر عملية تفجيرية من هذا النوع وقعت في عام 2010. وأشارت إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تركز في بحثها عن معدي ومنفذي هذه العملية، على الجهة المنظمة، وعن امتدادها التنظيمي، ومصدر القرار، وعن المختبر الذي أعدت فيه القنبلتين، وعن الأدوات الأخرى المستخدمة من هاتف نقال ومواصلات وغيرها.
اجتياحات واغتيالات
في غضون ذلك، لم يستبعد مراقبون ومحللون قيام الجيش الإسرائيلي باجتياحات فورية لمناطق في الضفة الغربية بحثاً عن المنفذين، أو القيام بعمليات قصف واغتيال انتقامي في قطاع غزة.
وكانت الفصائل الفلسطينية المختلفة لجأت إلى العمليات التفجيرية بمختلف أشكالها أثناء سنوات الانتفاضة الثانية، التي اندلعت في سبتمبر عام 2000، وانتهت في عام 2005، لكن بعض مظاهرها استمرت حتى عام 2010.
موجات من الهجمات
وشهدت الضفة الغربية منذ عام 2015 سلسلة موجات من الهجمات اتسمت بطابع فردي غير منظم، تخللتها عمليات مسلحة محدودة ذات طابع محلي. ومن أبرز هذه الموجات "هبة أكتوبر" عام 2015 التي شملت سلسلة عمليات طعن وعمليات دهس نفذها شبان يافعون. ومنها عمليات مسلحة قامت بها منظمات محلية تشكلت في شمال الضفة الغربية خلا العام الجاري، مثل "عرين الأسود" في نابلس، و"كتيبة جنين" في مخيم جنين وغيرها. وتميزت هذه المجموعات بأنها عابرة للفصائل، وضمت شباناً من مختلف المشارب والانتماءات السياسية والفصائلية والمستقلين.
وحظيت المجموعاتر المذكورة بتأييد شعبي واسع من قبل الجمهور الفلسطيني، الذي اعتبر عملياتها بمثابة رد انتقامي على الممارسات القمعية الإسرائيلية اليومية مثل عمليات قتل المتظاهرين والمواطنين العزل، والاستيطان المنفلت، الذي يجرد المواطنين من أراضيهم العامة والشخصية، وانهيار كل فرص الحل السياسي، وفقدان الأمل بالخلاص من الاحتلال وممارساته.
"مأزق" السلطة الفلسطينية
ووجدت السلطة الفلسطينية نفسها في "مأزق"، أمام تنامي هذه المجموعات وانتشارها بسبب قلقها من تآكل سلطتها من جهة، وخشيتها من ردود الفعل الإسرائيلية التي تترك آثاراً مدمرة على الاقتصاد وعلى حركة المواطنين مثل إغلاق مناطق لفترات طويلة، ومنع وتقييد حركة السلع والأفراد في بعض المناطق. ومن ذلك قيام الجيش الإسرائيلي بإغلاق مدينة نابلس لمدة شهر ونصف الشهر، أخيراً، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المدينة ومحيطها. وكذلك إغلاق مدينة جنين أمام المتسوقين الفلسطينيين القادمين من إسرائيل، لفترة من الوقت، ما ألحق ضرراً كبيراً باقتصاد المدينة، الذي يعتمد الجزء الأكبر منه على هؤلاء المتسوّقين الذين يقصدونها من مناطق قريبة من داخل إسرائيل.
وعملت السلطة الفلسطينية على احتواء مجموعة "عرين الأسود" في صفوف أجهزة الأمن، بعد سلسلة عمليات عسكرية إسرائيلية، استهدفت قيادات وأعضاء المجموعة الذين آثروا في نهاية الأمر الانضمام إلى أجهزة السلطة لحمايتهم من عمليات الاغتيال.
لكن في جنين واصلت المجموعة التي تحمل اسم "كتيبة جنين" حمل السلاح للرد على عمليات الاقتحام الإسرائيلية التي تقع في المدينة والمخيم.
"لغز" أمام إسرائيل
ولا يستبعد بعض المراقبين أنّ تكون العملية المزدوجة في القدس جزءاً من العمليات الفردية التي جرى تطوير أدواتها من السلاح الناري إلى المتفجرات.
في هذا السياق، قال الكاتب عصمت منصور لـ"الشرق" إن "هذا النمط من العمليات الذي يتضمن استخدام متفجرات واستهداف حافلات في قلب المدن، هو نمط غير مألوف، وربما تكون مبادرة فردية، وربما تقف وراءها إحدى الفصائل"، مضيفاً: "هذا هو اللغز الذي تسعى أجهزة الأمن الإسرائيلية إلى حله".
ويرى منصور أن رد الفعل الإسرائيلي على هذه العملية سيتحدد بناء على هذه النتيجة، مشيراً إلى أن إسرائيل قد تشن عمليات اجتياح واسعة أو محدودة في الضفة، أو عمليات استهداف لقطاع غزة، واغتيالات لقيادات في القطاع، في حال ثبت وقوف أحد الفصائل خلفها.
"الهاجس الأكبر"
وجاءت العملية المزدوجة في القدس لتشكل تحدياً كبيراً لإسرائيل. إذ يقول منصور إن "الهاجس الأكبر بالنسبة لإسرائيل هو وقوع عمليات في قلب المدن، لهذا جاءت عملياتها التي أطلقت عليها اسم كاسر الأمواج بهدف منع وصول مهاجمين إلى داخل المدن".
وتحاول قوى اليمين المتطرف التي حققت تقدماً كبيراً في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، دفع الجيش للقيام بعمليات انتقامية واسعة ضد الفلسطينيين رداً على عملية الأربعاء.
وقال إيتمار بن غفير وهو أحد زعماء حركة "الصهيونية الدينية" والمرشح لتولي منصب وزير الأمن في الحكومة الجاري تشكيلها برئاسة بنيامين نتنياهو، في تصريحات له بعد وصوله إلى موقع العملية: "يجب القيام باجتياح الضفة الغربية وتمشيطها بيتاً بيتاً بحثاً عن الفاعلين".