يواجه ثلث سكان السودان البالغ عددهم حوالي 45 مليون نسمة، أزمة جوع متصاعدة. فبحسب أرقام وإحصاءات الأمم المتحدة، يعاني قرابة ثلاثة ملايين طفل في دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد.
وفي هذا السياق، أكدت مسؤولة الاتصال في برنامج الأغذية العالمي في السودان ليني كينزلي أن "أكثر من 100 ألف طفل معرضون للموت نتيجة سوء التغذية إذا تُركوا من دون علاج".
فيما سجلت وفاة 63 طفلا في مخيم كلمة وجواره باقليم دارفور ، بسبب سوء التغذية، وفق منظمة "ألايت إيد" للمساعدات الإنسانية
كما أفادت المنظمة أن ثلث الأطفال دون سن الخامسة "أقصر من المعدل المتناسب مع أعمارهم" وأن ثمة انتشارا لـ"التقزم ما يزيد عن نسبة 40%" في ما يقرب من نصف مناطق السودان
فقدت طفلها
ففي "مخيم كلمة" للنازحين على أطراف مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بالسودان، جلست أنصاف عمر بائسة تحاول مداواة جرح فقدانها طفلها الرضيع وعجزها عن إنقاذه وسط أزمة غذائية حادة طالت الملايين في جميع أنحاء البلاد.
وقالت عمر البالغة من العمر 34 عاما لوكالة فرانس برس، بعد قرابة شهر على خسارتها رضيعها الذي كان يبلغ عاما ونصف العام "أعاني من سوء تغذية حاد ولم أتمكن من إرضاع ولدي".
كما أضافت بحزن "أصيب بسوء تغذية وذهبنا به إلى مركز للعلاج ومرة أخرى إلى مستشفى وفي النهاية مات".
أحيانا ننام جائعين
وعلى غرار عمر، تعاني أمهات كثيرات حول مخيم كلمة من سوء تغذية حاد، فيما يكافحن يوميا لإطعام أطفالهن الضعفاء والجياع.
فقد أكدت حواء سليمان البالغة من العمر 38 عاما بوهي تحمل رضيعها النائم آملة في إيجاد الطعام، بدورها أن الوضع سيء للغاية. وقالت "ليس لدينا أي شيء في المنزل .. أحيانا ننام جائعين".
أما نور الشام إبراهيم (30 عاما) فلم تعد قادرة على الاعتماد على المساعدات لإطعام أطفالها الخمسة، قائلة "نحاول كسب بعض المال من العمل في الحقول خارج المخيم لكنه بالكاد يغطي يوما واحدا . حتى الخبز باهظ الثمن".
لكن بالنسبة للآخرين، مثل عمر وغيرها ، فإن الخروج من المخيم في إقليم دارفور المضطرب نتيجة العنف القبلي، يُعد مغامرة محفوفة بالمخاطر.
"تتعرض النساء للاغتصاب"
وقالت عمر التي تجني حوالي 500 جنيه سوداني (0.8 دولار) في اليوم جراء عملها في الحقول "تتعرض النساء والفتيات للاغتصاب .. ويُقتل الرجال".
ولا يُعد انعدام الأمن الغذائي بالأمر الجديد على سكان مخيم كلمة، وهو الأكبر للنازحين في دارفور إذ يضم نحو 120 ألف نازح منذ اندلاع النزاع في دارفور العام 2003.
لكن مع تفاقم الصعوبات الاقتصادية واستمرار العنف القبلي من حين لآخر، أكد الناس أن الأوضاع تزداد تدهورا.
فقد شهدت مراكز علاج سوء التغذية التي تديرها ألايت إيد في مخيم كلمة "ارتفاعا هائلا" في طلبات الحصول على علاج ومساعدات غذائية، بحسب هايدي دريديش المدير الإقليمي للمجموعة.
واستقبلت هذه المراكز "خلال العام الماضي 863 طفلا بزيادة 71% مقارنة بالعام 2021.. وارتفع معدل الوفيات بنسبة 231% في عام 2022 وسط الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن ستة أشهر".
يذكر أن إقليم دارفور كان ساحة لحرب أهلية مريرة عام 2003 بين متمردي الأقليات العرقية الإفريقية وحكومة عمر البشير.
ومع أن النزاع الذي خلف 300 ألف قتيل وشرّد 2,5 مليون شخص، خمد إلى حد كبير، إلا أن العنف العرقي لا يزال ينشب على خلفية الوصول إلى المياه أو الأرض أو الماشية.