بعد تكليفه بدفن مئات من ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا، أحضر متعهد دفن الموتى (الحانوتي) علي دوجرو زوجته وأبناءه الأربعة، ليعيشوا في حافلة قديمة بجوار المقبرة التي يعمل فيها بمدينة إسكندرون، ليتأكد من أنهم في أمان.
فبعد فترة وجيزة من وقوع الزلزال الأول في السادس من فبراير ، نقل علي 46 عاما أسرته إلى المقبرة من شقتهم السكنية المتضررة للاحتماء بالحافلة.
ومنذ ذلك الحين استقروا إلى جانب "الأموات"، فيما راح أبناؤه يقضون معظم يومهم مع أمهم، إذ إن المدارس لا تزال مغلقة.
كما يلعبون بين القبور مع أبناء عمهم الذين يعيشون في خيمة بجوار الحافلة.
إلا أن القلق ينتاب الأب بخصوص الحالة النفسية لأبنائه، لكنه لم يجد من يعتني بهم بعيدا عن المقبرة.
رأينا جثث أطفال
من جهتها، أكدت خديجة، زوجته أنهم رأوا العديد من الجثث حول الحافلة ومعظمها لأطفال. وأعربت عن أملها بأن تتمكن الأسرة من العودة لمنزلها في نهاية أبريل، قائلة "أتمنى العودة إلى المنزل بعد العيد".
وتساءلت بحيرة "أين يمكن أن نذهب إذا غادرنا هذا المكان؟ لا أريد أي شيء. أنا فقط أريد بيتي"، بحسب ما نقلت رويترز
في حين قال علي إنه يستطيع التكيف مع العيش في مقبرة لكن اضطراره لدفن أعداد كبيرة من الموتى مرة واحدة ترك ندوبا نفسية عميقة في داخله. ففي الليلة الأولى بعد الزلزال، دفن 12 ميتا. ثم قفزت الأرقام اليومية بشكل خرافي. وفي غضون عشرة أيام من وقوع الزلزال كان قد دفن 1210 جثث.
ومع ارتفاع عدد الضحايا، كان عليه جلب آلات ثقيلة لحفر القبور والتنسيق مع عشرات الأئمة الذين أتوا من أنحاء تركيا للمساعدة.
فيما أوضح أن "كل ما أراده حينها كان شيئا واحدا ألا وهو العمل ليل نهار لإنهاء هذه المهمة"، مضيفا ". لم أرد أن يأتي الناس ويقولون إن الجثث لم تُدفن".
يحملونهم كالخراف
وشبه علي الذي كان يعمل في السابق قصّابا، مشهد الناس وهم يحملون أحباءهم إلى المقبرة بهؤلاء الذين يحملون الخراف لذبحها في عيد الأضحى. وقال "حين كنت أعمل قصّابا، كنت أرى الناس يحملون الخراف بين أذرعهم. تأثرت بشدة عندما رأيت أشخاصا يحملون أطفالهم وشركاءهم".
إلى ذلك، كشف أنه دفن بعض الأطفال ووالديهم الذين توفوا في أحضان بعضهم معا في قبر واحد، مشيرا إلى أنه منع الناس من فصلهم قائلا لهم إن "الموت لم يستطع فصل الطفل عن أمه أو أبيه فلماذا تفعلون أنتم ذلك؟".
كما ساعد السلطات في تصوير جثث مجهولة الهوية وأخذ بصمات الأصابع وعينات الدم والحمض النووي ليتسنى للأهالي التعرف على ذويهم.
يذكر أن الزلزال المدمر الذي ضرب الجنوب التركي والشمال السوري في السادس من فبراير حصد أكثر من 53 ألف قتيل، فيما لا يزال العديد بعداد المفقودين، على الرغم من مضي أكثر من شهر على المأساة.