من باريس إلى تل أبيب، هبّت رياح عاتية فدقت أجراس الغضب تحاصر "الديمقراطية" على ضفاف السين والمتوسط.
ففي مقاطع فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي ظهر فرنسيون يتناولون عشائهم في مطعم وعلى بعد خطوات منهم تعالت ألسنة اللهب.
فالمطعم الباريسى كان في واجهة المشهد بينما في الخلفية صورة للعنف الدامي لمظاهرات محتجين على قانون مثير للجدل بشأن رفع سن التقاعد إلى 64 عاما.
مظاهرات عنيفة مستمرة منذ أسابيع في فرنسا، لم تكن الوحيدة في أوروبا وإن كانت أكثرها درامية، حيث استخدمت فرق مكافحة الشغب القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياة، فيما رشق المحتجون الشرطة بالزجاجات الحارقة.
وعلى الجانب الآخر من الأبيض المتوسط بتجاه الشرق، كانت ألسنة لهب مشابهة تعلو في سماء إسرائيل التي تخوض منذ أسابيع أيضا جولة عنف غير مسبوقة على وقع أزمة داخلية لا تزال نتائجها غامضة.
عنف وحرائق وقطع طرقات وقنابل صوتية وأخرى مسيلة للدموع حبست الديمقراطية الغربية بين قوسين ووضعت علامات استفهام بشأن قدرة النظام السياسي الغربي على التجاوب مع عالم جديد يتشكل في ضوء وسائل تواصل غير معهودة.
فرنسا
ونهاية الأسبوع الماضي شهدت فرنسا ارتفاعا في منسوب العنف خلال الجولة التاسعة من الاحتجاجات التي تشهدها ضد إصلاح نظام التقاعد.
وجاء العنف في مواجهة التفاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على البرلمان بتمرير القانون المثير للجدل دون الحاجة للتصويت عليه مستغلا بند دستوري يخول له ذلك.
وأمام ما وصف بوحشية ماكرون التي يعتقد منتقدوه أنها أخلت بقوانين اللعبة الديمقراطية شهدت العاصمة باريس وعدة مدن فرنسية أخرى، إضرابات وإغلاقات واحتجاجات حاشدة تحت شعار "الخميس الأسود"، رفضاً لقانون إصلاح نظام التقاعد، الذي أقرته الحكومة على مسؤوليتها.
لكن ذاكرة الأيام الماضية في فرنسا مثقلة بذكريات مظاهرات السترات الصفراء التي أرقت أوروبا بعد أن ولدت في باريس منتصف عام 2018.
وكانت الحركة أول رد فعل غربي عنيف على ارتفاع أسعار الوقود وغلاء المعيشة، لذلك فقد سهل انتقال العدوى من فرنسا إلى مختلف دول القارة.
وشهدت المظاهرات حينها جولات عنف دموي واعتقالات حتى أن الأسئلة بدأت تتراكم بشأن قدرة النظام الديمقراطي الغربي على التعبير بالفعل عن آمال الرأي العام.
زيارة غير متوقعة
وقاطعت حركات الاحتجاجات زيارة غير متوقعة لفيروس جديد أطلق عليه كورونا في 2019.
الاجتياح المخيف للفيروس الغامض دفع الدول لاتخاذ إجراءات غلق مشددة وفرض حظر للتجول وتعليق رحلات الطيران وغلق الحدود.
ومع استمرار الإجراءات المشددة تدفق المئات إلى الشوارع للمطالبة بتطبيع الحياة بعد أن تسببت سياسات مكافحة الوباء في أزمات اقتصادية عميقة.
وشهدت الاحتجاجات في عدد من عواصل العالم الغربي مشاهد عنف لتفريق المحتجين، ما أعاد السؤال بشأن الديمقراطية.
لكن إجابة السؤال حينها بدت أكثر بساطة في ظل تهديد وجودي مثله فيروس كوفيد19، إلا أن الاحتجاجات اللاحقة بدت أكثر تعقيدا.
تل أبيب
وفي إسرائيل خرج عشرات الآلاف للاحتجاج على قانون لتعديلات قضائية رأى معارضوها أنها تمثل اعتداء صارخ على الديمقراطية، لكن نفس الآليات الديمقراطية هى التي أتاحت إمكانية تمريرها عبر الكنيست.
واليوم كان يفترض إقرار التعديلات المقترحة لكن ليلة عنف دام وإضرابات وتعليق لحركة الطيران في مطار بن جوريون حالت دون ذلك.
وتترقب إسرائيل كلمة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتوقع المراقبون أن تحمل قرارا بتعليق الإصلاح القضائي، ما يعني هزيمة المعسكر الحاكم الذي يملك أغلبية في برلمانية مريحة.
وبين التفاف على الجمعية الوطنية في فرنسا وفشل في الوصول إلى جلسة تصويت في الكنيست تبدو الديمقراطية اليوم حبيسة أقواس بشأن ما إذا كانت لا تزال تمثل أفضل سبل التمثيل السياسي لجموع المواطنين في ظل آلة وسائل التواصل الاجتماعي سريعة التقلب.
{{ article.visit_count }}
ففي مقاطع فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي ظهر فرنسيون يتناولون عشائهم في مطعم وعلى بعد خطوات منهم تعالت ألسنة اللهب.
فالمطعم الباريسى كان في واجهة المشهد بينما في الخلفية صورة للعنف الدامي لمظاهرات محتجين على قانون مثير للجدل بشأن رفع سن التقاعد إلى 64 عاما.
مظاهرات عنيفة مستمرة منذ أسابيع في فرنسا، لم تكن الوحيدة في أوروبا وإن كانت أكثرها درامية، حيث استخدمت فرق مكافحة الشغب القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياة، فيما رشق المحتجون الشرطة بالزجاجات الحارقة.
وعلى الجانب الآخر من الأبيض المتوسط بتجاه الشرق، كانت ألسنة لهب مشابهة تعلو في سماء إسرائيل التي تخوض منذ أسابيع أيضا جولة عنف غير مسبوقة على وقع أزمة داخلية لا تزال نتائجها غامضة.
عنف وحرائق وقطع طرقات وقنابل صوتية وأخرى مسيلة للدموع حبست الديمقراطية الغربية بين قوسين ووضعت علامات استفهام بشأن قدرة النظام السياسي الغربي على التجاوب مع عالم جديد يتشكل في ضوء وسائل تواصل غير معهودة.
فرنسا
ونهاية الأسبوع الماضي شهدت فرنسا ارتفاعا في منسوب العنف خلال الجولة التاسعة من الاحتجاجات التي تشهدها ضد إصلاح نظام التقاعد.
وجاء العنف في مواجهة التفاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على البرلمان بتمرير القانون المثير للجدل دون الحاجة للتصويت عليه مستغلا بند دستوري يخول له ذلك.
وأمام ما وصف بوحشية ماكرون التي يعتقد منتقدوه أنها أخلت بقوانين اللعبة الديمقراطية شهدت العاصمة باريس وعدة مدن فرنسية أخرى، إضرابات وإغلاقات واحتجاجات حاشدة تحت شعار "الخميس الأسود"، رفضاً لقانون إصلاح نظام التقاعد، الذي أقرته الحكومة على مسؤوليتها.
لكن ذاكرة الأيام الماضية في فرنسا مثقلة بذكريات مظاهرات السترات الصفراء التي أرقت أوروبا بعد أن ولدت في باريس منتصف عام 2018.
وكانت الحركة أول رد فعل غربي عنيف على ارتفاع أسعار الوقود وغلاء المعيشة، لذلك فقد سهل انتقال العدوى من فرنسا إلى مختلف دول القارة.
وشهدت المظاهرات حينها جولات عنف دموي واعتقالات حتى أن الأسئلة بدأت تتراكم بشأن قدرة النظام الديمقراطي الغربي على التعبير بالفعل عن آمال الرأي العام.
زيارة غير متوقعة
وقاطعت حركات الاحتجاجات زيارة غير متوقعة لفيروس جديد أطلق عليه كورونا في 2019.
الاجتياح المخيف للفيروس الغامض دفع الدول لاتخاذ إجراءات غلق مشددة وفرض حظر للتجول وتعليق رحلات الطيران وغلق الحدود.
ومع استمرار الإجراءات المشددة تدفق المئات إلى الشوارع للمطالبة بتطبيع الحياة بعد أن تسببت سياسات مكافحة الوباء في أزمات اقتصادية عميقة.
وشهدت الاحتجاجات في عدد من عواصل العالم الغربي مشاهد عنف لتفريق المحتجين، ما أعاد السؤال بشأن الديمقراطية.
لكن إجابة السؤال حينها بدت أكثر بساطة في ظل تهديد وجودي مثله فيروس كوفيد19، إلا أن الاحتجاجات اللاحقة بدت أكثر تعقيدا.
تل أبيب
وفي إسرائيل خرج عشرات الآلاف للاحتجاج على قانون لتعديلات قضائية رأى معارضوها أنها تمثل اعتداء صارخ على الديمقراطية، لكن نفس الآليات الديمقراطية هى التي أتاحت إمكانية تمريرها عبر الكنيست.
واليوم كان يفترض إقرار التعديلات المقترحة لكن ليلة عنف دام وإضرابات وتعليق لحركة الطيران في مطار بن جوريون حالت دون ذلك.
وتترقب إسرائيل كلمة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتوقع المراقبون أن تحمل قرارا بتعليق الإصلاح القضائي، ما يعني هزيمة المعسكر الحاكم الذي يملك أغلبية في برلمانية مريحة.
وبين التفاف على الجمعية الوطنية في فرنسا وفشل في الوصول إلى جلسة تصويت في الكنيست تبدو الديمقراطية اليوم حبيسة أقواس بشأن ما إذا كانت لا تزال تمثل أفضل سبل التمثيل السياسي لجموع المواطنين في ظل آلة وسائل التواصل الاجتماعي سريعة التقلب.