تدخل الأزمة السودانية، اليوم الأحد، يوماً جديداً من التصعيد والاقتتال، وسط تحذيرات عالمية بأن تشهد البلاد أزمات إنسانية كبيرة. وتتواصل معاناة ملايين المدنيين في الخرطوم وإقليم دارفور من جرّاء الحرب المحتدمة بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث فشلت الجهود الدبلوماسية في إيجاد مخرج حتى الآن.
وفي آخر التطورات الميدانية، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مقر الاحتياطي المركزي بالعاصمة الخرطوم، بحسب ما بثت بموقعها على "فيسبوك". وأفادت تقارير صحافية سودانية بأن قوات الدّعم السريع تسعى منذ أكثر من شهر للسيطرة على مقر قيادة قوات الاحتياطي المركزي جنوب الخرطوم وشنت عليه هجمات عديدة.
وقال شهود إن العاصمة السودانية الخرطوم شهدت، اليوم الأحد، تصاعداً في حدة الاشتباكات والقصف المدفعي والضربات الجوية مع دخول الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أسبوعه الحادي عشر، وهو ما تسبب في نزوح 2.5 مليون شخص وإحداث أزمة إنسانية.
وأشار الشهود أيضا إلى زيادة حادة في أعمال العنف في الأيام الأخيرة في نيالا، أكبر مدن إقليم دارفور غرب البلاد. ودقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر، أمس السبت، فيما يتعلق بالاستهداف العرقي وقتل أفراد من جماعة المساليت في الجنينة بولاية غرب دارفور.
العاصمة السودانية ومدينة الجنينة الأكثر تضررا من الصراع الذي اندلع في 15 أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، غير أن التوتر والاشتباكات تصاعدا الأسبوع الماضي في أجزاء أخرى من دارفور وفي كردفان جنوب البلاد.
وقال سكان في الخرطوم وبحري وأم درمان، وهي المدن الثلاث التي تشكل منطقة العاصمة الكبرى، إن قتالا عنيفا اندلع الليلة الماضية واستمر حتى صباح اليوم.
وقصفت قوات الجيش بالمدفعية تجمعات تتبع لعناصر الدعم شرق جسر المنشية، شرق العاصمة السودانية الخرطوم، كما نفذ الجيش قصفا جويا وبالمدفعية الثقيلة على مواقع الدعم بالحلفايا شمال الخرطوم.
اتهامات متبادلة بين طرفي الصراع
هذا واتهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني بقصف عدة أحياء سكنية في الخرطوم والخرطوم بحري بالمدفعية والطيران.
وقال بيان للدعم السريع، إن أحياء شمبات تعرضت إلى عمليات قصف عشوائي كثيف بالمدافع الثقيلة مما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين وتدمير منازلهم وممتلكاتهم الخاصة.
كما أضاف البيان أن طيران الجيش قصف أيضا عدداً من الأحياء السكنية جنوب الخرطوم وتسبب في مقتل وإصابة "العشرات من المدنيين"، حسب بيان الدعم السريع.
وهزّت طلعات الطيران الحربي ودويّ الأسلحة الرشّاشة المنازل مجدّداً في الخرطوم، السبت، حيث ينزوي المدنيون داخل منازلهم خوفاً من القصف.
ووفق الأمم المتحدة، غادر مليون ونصف المليون سوداني العاصمة منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي".
أما ملايين السودانيين الآخرين الذين بقوا في العاصمة فيعيشون بلا كهرباء منذ الخميس.
هذا وأفاد مراسل "العربية" و"الحدث" في السودان بسقوط 20 قتيلاً وعشرات الجرحى إثر القتال الدائر بين الجيش والدعم السريع بمدينة نيالا بولاية جنوب دارفور.
وبحسب مصادر "العربية" و"الحدث"، فإن قذائف مدفعية ثقيلة وخفيفة وقعت في مناطق مأهولة بالسكان وتحديداً في أحياء "الوادي، المزاد، الجمهورية والجير" إضافة لمعسكرات النازحين شمال مدينة نيالا يوم أمس واليوم.
وفي السياق قالت ذات المصادر أن هناك عددا آخر من القتلى والجرحى لم يتم حصرهم نسبة لتردي خدمة الاتصالات وانقطاع الكهرباء.
تحذير من مجاعة
يأتي ذلك فيما قالت منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" إن الأزمة الحالية في السودان أدت إلى تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي وإنه من المتوقع أن يزداد الجوع بشكل كبير في جميع أنحاء البلاد مع اقتراب موسم الجفاف المعتاد الذي يمتد من يونيو إلى سبتمبر.
وأضافت المنظمة أنها تحتاج إلى مبلغ 95 مليون دولار أميركي، لتتمكن من إنقاذ نحو 15 مليون شخص، من خلال تزويد المزارعين بالبذور والمعدات الزراعية وحماية قطعان المواشي وتجديد مواردها.
ولفتت المنظمة إلى أنها تسعى إلى مساعدة أكثر من مليون من المزارعين الضعفاء وعائلاتهم من الآن وحتى نهاية يوليو عبر تزويدهم ببذور الحبوب لزرعها في الولايات الـ14 للبلاد.
وأكدت الفاو أن الأزمة الحالية في السودان جاءت في وقت حرج بالنسبة للملايين من الأشخاص الذين يعتمدون على الأغذية والزراعة، بالإضافة إلى صعوبات الانتقال السريع والآمن للسلع الإنسانية عبر الحدود الدولية.
مأساة مدينة الجنينة
هذا ودعا مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، السبت، لوقف استهداف الفارين من مدينة الجنينة بغرب دارفور وتوفير ممر آمن لهم.
وقال بيان للأمم المتحدة "يدعو المفوض السامي لحقوق الإنسان قيادة قوات الدعم السريع لإدانة ووقف قتل الأشخاص الفارين من الجنينة على الفور، وغير ذلك من أشكال العنف وخطاب الكراهية على أساس انتمائهم العرقي. يجب محاسبة المسؤولين عن أعمال القتل وأعمال العنف الأخرى".
وأضاف البيان "مدينة الجنينة أصبحت غير صالحة للسكن. دمرت البنية التحتية الأساسية ولا يزال نقل المساعدات الإنسانية إلى الجنينة ممنوعا. ندعو لتوفير ممر إنساني بين تشاد والجنينة، وممر آمن للمدنيين خارج المناطق المتضررة من الأعمال العدائية".
واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على نحو مفاجئ في منتصف أبريل بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دوليا.