لم يكن قائد مجموعة فاجنر يفجيني بريجوجين بمفرده، عندما أُعلن، الأربعاء، عن تحطم طائرة خاصة، قالت السلطات الروسية إنه ضمن قائمة ركابها، بل كان بجواره أيضاً مساعدة ديمتري أوتكين، إضافة إلى 8 آخرين.وعلى عكس بريجوجين الذي لطالما أحبَّ الأضواء، لا يُعرف الكثير عن الضابط الروسي السابق ديمتري فاليريفيتش أوتكين، ومن غير الواضح منصبه الفعلي الأخير في "فاجنر" التي أسسها قبل سنوات، وعلى الرغم من ذلك تشير تقارير إلى أدوار عسكرية بارزة لعبها أوتكين في عدد من البلدان.سيرة غامضةفي مقابلة مع موقع "جازيتا" الروسي عام 2016، قالت إيلينا شربينينا الزوجة السابقة لدميتري أوتكين إنه وُلد في 11 يونيو 1970، ونشأ بدون أب وعاش طفولته مع والدته، ثم دخل المدرسة العليا لقيادة الأسلحة في لينينجراد، كما شغل منصب قاد المفرزة الخاصة التابعة لهيئة الأركان العامة الروسية.ويُعتبر أوتكين من قدامى المحاربين في حرب الشيشان. وذكرت زوجته السابقة أنه"قاتل بضراوة هناك وحصل على أول أوسمته العسكرية".وأشار الموقع إلى أن السيرة الذاتية لهذا الضابط الروسي يكتنفها الكثير من الغموض، لاسيما أنه لا يتواصل مع الصحافيين، ونادر الظهور، ولا يوجد مقابلة مكتوبة أو مصورة معه.كما تحدثت شربينينا عن انطباعاتها حيال زوجها السابق الذي عاشت معه عدداً من السنوات، لافتةً إلى رغبة ديمتري الملحة والدائمة للانخراط في الأعمال العسكرية، موضحة: "لم يحب الحياة السلمية. كان قلقاً جداً من أنه لا يُقاتل. لقد أراد مهنة عسكرية، كضابط قتالي، وليس ضابطاً في المقر الرئيسي".تأسيس "فاجنر"وظهرت روايتان حول اختيار أوتكين اسم "فاجنر"، إذ يتردد أن مجموعة المرتزقة الروسية الخاصة أخذته من الاسم الحركي لزعيمها ديمتري أوتكين الذي اختار بدوره هذا اللقب عندما كان ضابطاً في القوات الخاصة، لتكريم ريتشارد فاجنر (1813- 1883) الملحن المعادي للسامية والمفضل لدى الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر الذي كان يعشق موسيقاه.وبحسب موقع قاعدة البيانات "PUTIN'S LIST" التابع لمنتدى روسيا الحرة المعارض، كان أوتكين قائداً لوحدة القوات الخاصة رقم (700) التابعة للواء القوات الخاصة المنفصل الثاني التابع لوزارة الدفاع الروسية.وبعد انتقاله إلى الاحتياط برتبة مقدم، عمل أوتكين في مجموعة "موران" الأمنية، وانخرط في فترة لاحقة ضمن ما يسمى "الفيلق السلافي" وهو شركة عسكرية خاصة مقرها في هونج كونج، شارك عناصره خلال الحرب في سوريا منذ 2013 إلى جانب القوات الحكومية، ولعب دوراً حاسماً في اقتحام مدينة تدمر واستعادة السيطرة عليها من تنظيم "داعش".لكن الموقع ذاته أشار إلى أن أجهزة أمن الدولة الروسية اعتقلت أوتكين لفترة قصيرة، قبل أن تُفرج عنه بعد اندلاع الحرب في شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014، حيث طلب الكرملين من الضابط السابق وفريقه تنفيذ عمليات عسكرية خاصة خلال ذلك النزاع، وسرعان ما استعاد أوتكين مكانته لدى السلطات الروسية.وفي نوفمبر 2017، تولى أوتكين على ما يقول المصدر نفسه منصب الرئيس التنفيذي لشركة "كونكورد" للإدارة والاستشارات، وهي شركة مختصة بتقديم الطعام يملكها يفجيني بريجوجين المعروف آنذاك بـ"طباخ بوتين"، وأحد المقربين منه.وكانت المجموعة دعمت الجيش الروسي في الحرب على أوكرانيا قبل أن تتمرد على قياداته وتُهدد بالزحف إلى موسكو في 24 يونيو الماضي، حيث استمر التمرد مدة 24 ساعة، وانتهى باتفاق قضى بمغادرة قائد المجموعة يفيجيني بريجوجين إلى بيلاروس مع قواته التي كانت تحاول الزحف باتجاه موسكو."جماعة عنصرية"تُظهر الصور القليلة المنشورة للضابط الروسي السابق وشماً على طول عظام الترقوة، قالت مجلة "ذا تايم" الأميركية في تقرير نُشر العام الماضي إنه يرمز إلى أعضاء منظمة "Waffen-SS" النازية خلال الحرب العالمية الثانية، والغاية منه تحديد فصيلة دم الفرد تأكيداً لـ"تفوقه العرقي".وعلى غرار تلك المجموعة النازية، ينتمي العديد من الأعضاء المؤسسين لـ"فاجنر"، وفقاً للمجلة، إلى مجموعة قومية متطرفة تُؤمن بتفوق العرق الأبيض وتُعرف باسم "الحركة الإمبراطورية الروسية" والتي أعلنتها وزارة الخارجية الأميركية منظمة إرهابية قبل سنوات.ورغم إنكار الكرملين أي علاقات مع فاجنر، إلّا أن هناك صور عديدة تجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأوتكين.عقوبات أوروبية وأميركيةخلال يونيو 2017، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على دميتري أوتكين بصفته رئيساً للجنة العسكرية الخاصة لمجموعة "فاجنر" العسكرية.كما فرضت 7 دول أخرى هي: بريطانيا، وكندا، وسويسرا، وأستراليا، واليابان ونيوزيلندا، وأوكرانيا، عقوبات على الضابط الروسي السابق بسبب أنشطته الأمنية وتورطه في "جرائم قتل وجرائم حرب" في عدد من البلدان بينها (أوكرانيا، وسوريا، والسودان، وليبيا، وجمهورية إفريقيا الوسطى).وقالت الوكالة الوطنية الأوكرانية لمكافحة الفساد: "نظراً لمنصبه القيادي، يُعتبر أوتكين مسؤولاً عن الإجراءات التي قوضت وهددت سلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها واستقلالها ونفذت بنشاط هذه الأعمال".واعتبر "PUTIN'S LIST" أن أوتكين انتهك قوانين الاتحاد الروسي بموجب المادة 359 من القانون الجنائي، وذلك على خلفية قيادته فصيل مسلح غير قانوني يقوم بأنشطة عسكرية خارج روسيا.وبحسب الموقع المعارض نفسه، يتحمل أوتكين مسؤولين "وفاة 3 صحافيين روس في جمهورية إفريقيا الوسطى أرسلهم مركز إدارة التحقيقات التابع للمعارض الروسي ميخائيل خودوركوفسكي لإجراء تحقيقات صحافية، وخودوركوفسكي كان سابقاً أحد أقطاب البترول في روسيا، قبل أن يسجن 10 سنوات من قبل الرئيس فلاديمير بوتين، ويعيش حالياً في لندن حيث يدير منظمة "Open Russia" غير الحكومية.