مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة للشهر الثالث، ارتفع أعداد القتلى، فضلا عن المصابين.
وفيما دفن نحو 20 ألف فلسطيني في القطاع، لا تزال مئات الجثث أيضا تحت أنقاض المنازل المهدمة.
أما الجرحى، الذين فاق عددهم الـ 55 ألفاً فليس أمامهما سوى خيارين أحلاهما مر، إما الموت أو فقدان يد أو رجل والعيش طوال حياتهم "معوقين".
ومن هؤلاء الشابة العشرينية شيماء نبهان. فقد وجدت نفسها فجأة أمام خيار صعب للغاية، فإما أن تفقد ساقها اليسرى أو تخاطر بالموت.
"تغيرت حياتي كلها"
إذ دخلت الفتاة البالغة من العمر 22 عاما المستشفى لمدة أسبوع تقريبا، بعد بتر جزئي لكاحلها جراء غارة جوية إسرائيلية، عندما أبلغها الأطباء أنها تعاني من تسمم في الدم.
فاختارت فرصها في البقاء على قيد الحياة، ووافقت على بتر ساقها بمقدار 15 سنتيمترا تحت الركبة. وقالت شيماء، متحدثة من سريرها في مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح "لقد تغيرت حياتي كلها... إذا أردت أن أخطو خطوة أو أذهب إلى أي مكان، فأنا بحاجة إلى مساعدة"، حسب ما نقلت وكالة أسوشييتد برس.
إلا أن قرار البتر هذا قلب حياة الطالبة الجامعية الطموحة رأسا على عقب، تماما كما حدث لعدد لا حصر له من بين أكثر من 54500 مصاب واجهوا خيارات مماثلة مؤلمة، جراء الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
مبتورو الأطراف
ففي مستشفى دير البلح يرقد العشرات من مبتوري الأطراف حديثا ويشهدون مراحل مختلفة من العلاج والتعافي.
فيما رأى عدد من الخبراء أنه في بعض الحالات كان من الممكن إنقاذ الأطراف بالعلاج المناسب، ولكن تسعة مستشفيات فقط من أصل 36 مستشفى في غزة ما زالت تعمل بعد أسابيع من الهجوم الجوي والبري العنيف الذي شنته إسرائيل.
كما أن تلك المستشفيات مكتظة للغاية، ولا تقدم سوى علاج محدود، وتفتقر إلى الأجهزة والأدوات الأساسية لإجراء العمليات الجراحية.
بينما لا يزال هناك العديد من الجرحى غير القادرين على الوصول أصلا إلى المستشفيات بسبب القصف الإسرائيلي والقتال البري.
العدوى بعد الجراحة!
من جهته، أوضح جورديل فرانسوا، جراح العظام في منظمة أطباء بلا حدود، الذي عمل في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس الجنوبية في نوفمبر الماضي أن "خطر الإصابة بعدوى ما بعد الجراحة في غزة، مرتفع للغاية" ما يفاقم حالات البتر أيضا.
وكانت منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة في غزة أعلنت أن عمليات بتر الأطراف باتت شائعة نتيجة الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، التي دخلت الآن أسبوعها الثاني عشر، لكنهما لم تتمكنا من تقديم أعداد دقيقة.
وقال شون كيسي، مسؤول المنظمة العالمية الذي زار مؤخرا عدة مستشفيات في غزة، إن النقص الحاد في عدد جراحي الأوعية الدموية - الأقدر على إنقاذ الأطراف - يزيد من عمليات البتر.
لكنه أوضح في الوقت عينه أنه في كثير من الحالات تعني الإصابة الشديدة أن بعض الأطراف غير قابل للإنقاذ، ويجب البتر في أسرع وقت ممكن. وأضاف خلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي: "رأينا مرضى مصابين بتسمم الدم والغرغرينا".
يذكر أنه حتى قبل الحرب كان النظام الصحي في غزة مثقلا إثر سنوات من الصراع والحصار الحدودي، الذي فرضته إسرائيل ردا على سيطرة حماس على القطاع عام 2007.
وفي عامي 2018 و2019 أصيب الآلاف بنيران الجيش الإسرائيلي في الاحتجاجات الأسبوعية التي قادتها حماس ضد الحصار، وتم بتر أطراف أكثر من 120 من المصابين. حينها كانت غزة تفتقر إلى الخدمات الصحية المتقدمة، ومن ذلك الأطراف الصناعية الحديثة اللازمة بعد البتر.
والآن أيضا يواجه المنضمون إلى صفوف مبتوري الأطراف وضعا كارثيا.