بينما تتصاعد وتيرة الاشتباكات والعمليات العسكرية بين "حزب الله" وإسرائيل في جنوب لبنان، تتزايد المخاوف من إمكانية اتساع الحرب لتمتد إلى كل لبنان، في ظل التهديدات الإسرائيلية المتواصلة.
وأتت عملية اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري في عمق المربع الأمني لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت لتزيد مخاوف اللبنانيين من جرّهم إلى حرب أوسع وأشمل.
ولعل السؤال الأبرز الذي يطرح هو "هل سيكون لبنان المسرح الأساسي لتبادل الرسائل النارية، لاسيما أنه ملاذ لكبار قادة المنظمات الفلسطينية المسلحة، كأمين عام حركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة، ونائب رئيس حركة حماس في غزة "خليل الحية"، وسابقاً العاروري، إضافة إلى القيادي البارز بالحركة أسامة حمدان الذي يعقد مؤتمرات صحافية شبه يومية من أحد مكاتب الحركة على طريق المطار يُلخّص فيها مجمل الأوضاع والتطورات في قطاع غزة.
وكل هذه القيادات كانت تجتمع مع وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان في كل مرة كان يزور فيها لبنان.
تغيير في الخطة؟
فهل ستُغيّر قادة الفصائل خطة تحرّكاتها في لبنان بعد اغتيال العاروري؟
لاسيما أن المعلومات المتداولة تحدّثت عن "غرفة عمليات" مشتركة سياسية وإعلامية وحتى أمنية للفصائل داخل لبنان لتحديد بوصلة التحرّكات؟
في السياق، أكدت مصادر في حماس لـ"العربية.نت": "أن ترتيبات أمنية جديدة ستتخذها الحركة بعد مقتل العاروري".
كما اعتبرت أن "قواعد الاشتباك قبل اغتيال العاروري لم تعد كما هي"، موضحة أن الضربات الإسرائيلية اقتصرت سابقا على منطقة جنوب الليطاني، أما اليوم فباتت في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأردفت قائلة "هذا يدل على نوع جديد من توسيع المعركة قد يوصلنا إلى أمور ثانية، والساعات المقبلة ستُحدد طبيعة الرد".
إلى ذلك، أشارت المصادر إلى "أن استهداف قادة حماس في دول عدة ليس بجديد، ولطالما كان ردّنا داخل فلسطين، لأن معركتنا فلسطين"، في إشارة واضحة إلى أن الرد هذه المرة أيضا سيكون في الداخل.
وأكدت "أن الصراع مع إسرائيل مفتوح، وما حصل في الضاحية لا يُمكن اعتباره خرقا أمنيا".
ورداً على سؤال عمّا إذا كان قادة الحركة سيتركون لبنان بعد استهداف العاروري، قالت المصادر "إن هذا الأمر ليس له علاقة بما حصل، لأن الصراع مع العدوّ مفتوح ولا يحدّه مكان وزمان".
ومع أن الضربة استهدفت قادة فلسطينيين حصراً في الضاحية الجنوبية، ولم تكن عشوائية، غير أن توقيتها بعد أقل من أسبوع على استهداف قائد إسناد الحرس الثوري الإيراني في سوريا رضي موسوي في ريف العاصمة السورية، وهو أبرز قائد عسكري إيراني يُقتل بعد قائد فيلق القدس السابق الجنرال قاسم سليماني، يطرح علامات استفهام حول حجم وطبيعة الرد الإيراني على عمليات الاغتيال في سوريا ولبنان بعد الفشل في تنفيذ عمليات على ذات مستوى الأهمية، كاستهداف قيادات إسرائيلية معروفة.
وفي هذا السايق، اعتبر الدكتور فراس الياس، المتخصص في شؤون الأمن القومي والدراسات الإيرانية "إن إسرائيل نقلت عملياً الصراع إلى الداخل اللبناني بانتظار شرارة الحرب المفتوحة التي وعد بها زعيم حزب الله حسن نصرالله بخطاباته السابقة".
إلا أنه اعتبر في تصريحات لـ"العربية.نت": "أن ردّ محور إيران على الاستهدافات الإسرائيلية لن يكون بالضرورة بنفس حجم الضربات، لأن الصراع بين إيران وإسرائيل غير متكافئ".
كما رأى أن "ردود محور إيران على الاستهدافات الأخيرة لمسؤولين فيها وللمسؤول بحماس صالح العاروري لن ترقى للمستوى المتوقّع، وستبقى ضمن إطار الضربات الصاروخية والتحرّشات العسكرية على الشريط الحدودي بين إسرائيل ولبنان، أي تكرار لمرحلة ما بعد مقتل سليماني، عندما ذهبت إيران إلى استهداف مقرّات إسرائيلية أو رجال أعمال إسرائيليين أو تجمّعات إسرائيلية في مناطق تمتلك فيها حضوراً استخباراتياً واضحاً مثل تركيا أو آسيا الوسطى أو في بعض دول أوروبا". وأشار إلى "أن إيران تبحث عادة عن ردود لا ترقى لمستوى الانتقام، لأن لا هي ولا حلفاؤها قادرون على تحمّل حجم خسائر دون الحدّ المسموح به، وهذا ما يدفعها إلى ردود أقل كلفة، وهي تُدرك تماماً أنه كلما صعد سقف الصراع كان الاستنزاف كبيراً".
كذلك اعتبر أن "طهران تُدرك أن الرأي العام في الدول التي يتواجد فيها حلفاؤها لا يريد الدخول في حروب على مستوى عال".