إرم نيوز
حذّر باحثون في مجال المياه من أن إغراق الأنفاق بمياه البحر يمكن أن يؤدي إلى تأثير مدمر على إمدادات المياه العذبة في قطاع غزة.

وكان الجيش الإسرائيلي، أكد بدءه في تنفيذ خطة غمر الأنفاق تحت قطاع غزة، في عدد من المواقع غير المعلنة، وفق تقرير نشرته مجلة "نيتشر".

وأضاف المصدر، أن هذه الخطوة كانت بمثابة "اختراق هندسي وتكنولوجي كبير"، وأنه تم اختيار المواقع بحيث "لا تتعرّض المياه الجوفية في المنطقة للخطر".

آثار مدمرة

ويحذّر بعض الباحثين في مجال المياه من أن إغراق الأنفاق بمياه البحر يمكن أن يؤدي إلى تأثير مدمر على إمدادات المياه العذبة الشحيحة أصلا في غزة، وإلى زعزعة استقرار المباني، بالإضافة إلى تعريض العديد من الرهائن الإسرائيليين للخطر.

لكن أحد الباحثين الذين تحدثت إليهم المجلة، شكّك في تأثير ضخ المياه؛ لأن طبقة المياه الجوفية في غزة ملوثة بالفعل بمياه البحر.

وكانت الرهينة السابقة يوتشيفيد ليفشيتز، قد أفادت بعد إطلاق سراحها بأن عمق أحد الأنفاق يصل إلى 50 مترًا، ووفقًا لمصادر إسرائيلية، فإن بعضها يحتوي على عدة فتحات دخول ومدعومة بالخرسانة ومجهزة بكابلات وأنابيب كهرباء. ومن المحتمل أن تستخدم لتخزين الأسلحة، واحتجاز الرهائن.

وتابع التقرير أن أحد أكبر المخاوف هو أن مياه البحر المستخدمة لإغراق الأنفاق ستلوّث طبقة مياه جوفية ساحلية مهمة، تقع بين غزة ومصر وإسرائيل، وتوفر ما يقرب من 80٪ من مياه غزة.

غمر الأنفاق سيلوث المياه

ويقول مارك زيتون، مهندس المياه والمدير العام لمركز جنيف للمياه في سويسرا، إن المصدر الرئيس لمياه الشرب في غزة أصبح ملوثا، مضيفا: "إذا وضعت مياهًا مالحة في مصدر مياه عذبة، فإنها تلوث، وتفسد، وتسمم".

وأوضح زيتون أنه بمجرد ضخ مياه البحر في الأنفاق، فهناك احتمال أن تتسرب هذه المياه إلى داخل طبقة المياه الجوفية، إذا لم تكن الأنفاق محكمة الإغلاق بشكل جيد بما يكفي لاحتواء أي مياه.

ويوافق الجغرافي أحمد رأفت غضية، المقيم في جامعة النجاح الوطنية في نابلس بالضفة الغربية، على أن طبقة المياه الجوفية من المرجّح أن تصبح ملوثة بالمياه المالحة بشكل لا يمكن إصلاحه.

ويقول غضية: "في حال غمروا هذه الأنفاق، فإن مياه البحر ستخترق الطبقات الجيولوجية، باتجاه طبقة المياه الجوفية". وأضاف أن "مثل هذا الإجراء ستكون له عواقب وخيمة على جميع جوانب الحياة في غزة - على الزراعة والتربة والبنية التحتية". وتابع غضية أن مياه البحر يمكن أن تخلق فجوات تزعزع استقرار أساسات المباني.

مبالغة في التقديرات

لكن عالم الهيدرولوجيا نعوم فايسبرود، وعميد معاهد جاكوب بلاوستين لأبحاث الصحراء في جامعة بن غوريون في النقب بإسرائيل، يقول إن أولئك الذين يشعرون بالقلق من أن طبقة المياه الجوفية الساحلية بأكملها ستتلوث بشكل لا يمكن إصلاحه ربما يبالغون في تقدير آثار غمر الأنفاق.

وأوضح: "لست متأكدًا من شدة حدة المخاطر البيئية كما يريد الناس تصديقها". مضيفا أن تأثير الفيضانات سيختلف باختلاف مكان وجود الأنفاق المتضررة.

الخزان الجوفي ملوّث

ويأخذ منطق فايسبرود في الاعتبار حقيقة أن المياه في طبقة المياه الجوفية في المناطق القريبة من الساحل مالحة بالفعل. علاوة على ذلك، يقول، "إن أجزاء كبيرة من مياه الخزان الجوفي ملوثة بالفعل بسبب أنظمة الصرف الصحي غير المنظمة والأسمدة وغيرها".

ويقول فايسبرود أيضًا إن خطة إسرائيل قد يكون لها تأثير محدود، مؤكدا أن شبكة الأنفاق "ليست خطة مترو كبيرة كما هو الحال في نيويورك أو لندن. إنها ليست شيئًا كبيرًا جميع أجزائه مرتبطة معا. لذا، فإنك ستستخدم الكثير من الجهد وستُغرق شيئًا محدودًا للغاية في النهاية. لذلك ربما لا يستحق الأمر كل هذا القلق."