هو العبور الأخير في قطار الحياة لمن يسلك طريقا أنشأته إسرائيل في قطاع غزة، في ظل استمرار الحرب لليوم الـ178 على التوالي.

صحيفة "هآرتس" تقول إن الجيش الإسرائيلي أنشأ "مناطق قتل" في غزة، حيث يتم إطلاق النار على أي شخص يعبر منها.

ووفق الجيش الإسرائيلي، فإن تسعة آلاف مقاتل في غزة قتلوا منذ بدء الحرب مع حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

لكن مسؤولي دفاع وجنودا قالوا للصحيفة العبرية إن هؤلاء غالبا ما يكونون مدنيين، وكانت جريمتهم الوحيدة هي عبور الخط غير المرئي الذي رسمه الجيش الإسرائيلي لـ"مناطق القتل".

وذكرت الصحيفة أنه منذ أكثر من أسبوع، ظهرت وثائق أخرى للحادثة على قناة الجزيرة. وأظهر الفيديو أربعة رجال، وليس واحدا، يسيرون معا في طريق واسع بمنطقة في خان يونس جنوبي القطاع، ويرتدون ملابس مدنية، قبل أن يكسر القصف صمت المكان ويُقتل اثنان من الأربعة.

أما الاثنان المتبقيان فحاولا إكمال السير ربما ظنوا أنهما قد نجيا من الموت، لكن بعد ثوانٍ، أسقطت قنبلة على أحدهما، فيما بدا الآخر يسقط على ركبتيه، قبل أن تتصاعد النيران وألسنة الدخان من المكان.

وقال ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي لصحيفة "هآرتس": "كان هذا حادثا خطيرا للغاية، لقد كانوا غير مسلحين، ولم يعرضوا قواتنا للخطر في المنطقة التي كانوا يسيرون فيها".

بالإضافة إلى ذلك، يشير ضابط مخابرات مطلع على القصة، إلى أنه ليس من المؤكد على الإطلاق أنهما كانا متورطين في إطلاق صواريخ كما يقول الجيش.

ويقول إنهم "كانوا ببساطة الأشخاص الأقرب إلى موقع الإطلاق - من المحتمل أنهم مسلحون، ومن الممكن أن يكونوا مدنيين يبحثون عن الطعام".

وتعليقا على ذلك، قالت هآرتس "هذه القصة ليست سوى مثال واحد، تم نشره، للطريقة التي يُقتل بها الفلسطينيون بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة".

ويقدر الآن عدد القتلى من سكان غزة جراء الحرب الإسرائيلية، بأكثر من 32 ألف فلسطيني.

ومع ذلك، فإن مجموعة من قادة الجيش الاحتياطيين والقادة الدائمين الذين تحدثوا إلى صحيفة "هآرتس" شككوا في الادعاء بأن كل هؤلاء كانوا مسلحين. وأنه من المحتمل جدا أن الفلسطينيين الذين لم يحملوا سلاحا قط في حياتهم قد تم ترقيتهم إلى رتبة "مسلح" بعد وفاتهم، على الأقل من قبل الجيش الإسرائيلي".

ويروي ضابط كبير في القيادة الجنوبية مُطلع على هذه القضية: "من المدهش أن نسمع التقارير بعد كل عملية عن عدد المسلحين الذين قتلوا"، مضيفا "لست بحاجة إلى أن تكون عبقريا لتدرك أنه ليس لديك مئات أو عشرات من الرجال المسلحين الذين يركضون عبر المنطقة".

إذن، كيف تبدو المعارك في غزة حقا؟

يجيب ضابط احتياط كان هناك، "عادة ما يكون هناك مسلح، ربما اثنين أو ثلاثة، يختبئون داخل المبنى. ومن يكتشفهم هم مقاتلون بمعدات خاصة أو طائرات بدون طيار".

كان أحد أدوار هذا الضابط هو إبلاغ المستويات العليا بعدد المسلحين الذين قتلوا في المنطقة التي كان يقاتل فيها هو ورجاله.

ويوضح قائلا: "لم يكن هذا استجوابا رسميا حيث يريدون منك أن تظهر جميع الجثث". . "يسألونك كم عددهم وأعطيهم رقما بناء على ما نراه ونفهمه على الأرض، ونمضي قدما".

وتابع "لا نخترع الجثث، لكن لا أحد يستطيع أن يحدد على وجه اليقين من هو المسلح ومن أصيب بعد دخول منطقة القتال".

ويشير عدد من جنود الاحتياط والجنود الآخرين الذين كانوا في غزة في الأشهر الأخيرة إلى السهولة التي يتم بها إدراج الفلسطيني في فئة معينة بعد وفاته. ويبدو أن السؤال ليس ماذا فعل بل أين قُتل.

في قلب منطقة القتل

منطقة القتال هي مصطلح رئيسي. وهي منطقة تتمركز فيها قوات الجيش الإسرائيلي، وعادة ما يكون ذلك في منزل مهجور، حيث تصبح المنطقة المحيطة به منطقة عسكرية مغلقة، ولكن بدون علامات واضحة على هذا النحو. مصطلح آخر لمثل هذه المناطق هو "مناطق القتل".

يقول ضابط احتياط: "في كل منطقة قتال، يحدد القادة مناطق القتل هذه".

وأوضح "هذا يعني خطوطا حمراء واضحة لا يجوز لأي شخص ليس من الجيش الإسرائيلي تجاوزها، حتى لا تتعرض قواتنا في المنطقة للقصف".

ولم يتم تحديد حدود مناطق القتل هذه مسبقا، ولا المسافة التي تفصلها عن المنزل الذي تتمركز فيه القوات.