صمم المتخصصون في الفترة السوفيتية أسلحة ومعدات لا يزال بعضها يبدو حتى الآن عجيبا وسابقا لعصره. إحداها طائرة هجومية فريدة لم يكشف عنها إلا في السنوات القليلة الماضية.
هذه الطائرة الهجومية السوفيتية التي سميت "إم – 25"، صممت بطريقة غير مسبوقة، وتبدو تفاصيلها كما لو كانت من الخيال العلمي. لم يكن يفترض أن تزود بالأسلحة المعتادة مثل القنابل والصواريخ بل كان سلاحها القاتل، موجة قوية أسرع من الصوت يتم توليدها من محركات ضخمة خاصة.
لم تظهر المعلومات الدقيقة حول هذا المشروع السوفيتي السري إلا في عام 2017، حين نشر سيرغي سميرنوف، وهو مصمم للمعدات المعقدة كان عمل في أحد المصانع التجريبية السوفيتية، وشارك في تصميم الطائرة "إم – 25" التي أطلق عليها شعبيا اسم "الطائرة الجهنمية"، مقالة بتفاصيل وافية في مجلة أجنحة الوطن.
سعى المصممون السوفييت إلى صنع سلاح يكون بإمكانه تدمير القوات البشرية للعدو في الأماكن المفتوحة بموجة أسرع من الصوت بدلا عن الأسلحة النووية التكتيكية. جرى التخطيط لصنع طائرة جهنمية تستطيع تدمير أو تعطيل حشود الأعداء بهذه الموجات الشديدة، في شريط يصل عرضه إلى 150 مترا من خلال تحليقها على ارتفاع يصل إلى 50 مترا. بالمقارنة مع الأسلحة النووية التكتيكية أي صغيرة الحجم، لا تخلف الموجات القاتلة الأسرع من الصوت إشعاعات ولا تتسبب في تلوث بيئي.
بدأت البحوث حول "الأسلحة الموجية" في عام 1968، فيما انطلق مشروع الطائرة نفسها في 17 يونيو 1969. أطلق المجلس العلمي والتقني لوزارة صناعة الطيران في الاتحاد السوفيتي على المشروع اسم "طائرة ذات أغراض خاصة بموجة صادمة".
قبل البدء في التجارب العملية، جرى في صيف عام 1968 اختبار تأثيرات الموجات الأسرع من الصوت باستخدام طائرة "ميغ – 21" اتضح أن المقاتلة حين تحلق على ارتفاع منخفض تكون قادرة على توجيه ضربة قاتلة لقوات العدو البشرية بسلاح الموجات الفائقة.
تبين في نفس الوقت من التجارب العملية، أن الخنادق والانحناءات والتضاريس والنقاط المحصنة تقلل بشكل كبير من تأثير مثل هذا السلاح، ما يعني أن الضربات بالموجات الفائقة السرعة تكون أكثر فاعلية في التضاريس المسطحة.
انضم عدد من المؤسسات العلمية السوفيتية إلى مشروع الطائرة الفريدة "إم – 25"، بما في ذلك معهد الميكانيكا النظرية والتطبيقية ومركز "ليبيتسك" للقوات الجوية، وجرى تحديد المعالم الرئيسة للطائرة على النحو التالي:
- أبعاد كبيرة ووزن ضخم.
- محركات عالية الطاقة يصل عددها إلى 4، أو باستخدام محركات الصواريخ.
- قوس غير قياسي ومولد موجة خاصة.
- اتجاه موجة الصدمة كان يفترض أن يكون للأسفل وعلى الجانبين.
واجه القائمون على المشروع العديد من المشكلات المعقدة كان أهمها أن المحركات التي يمكن أن تصل بسرعة الطائرة إلى 1.4 ماخ، وهي السرعة الضرورية للتشغيل القتالي للطائرة، لم تكن متاحة في الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت.
من بين التعقيدات الأخرى التي واجهت المشروع، المتطلبات الخاصة لأنظمة التحكم في الطائرة والتي كان يفترض أن تطير على ارتفاع منخفض يصل إلى 50 مترا وسط تضاريس متنوعة.
هذه المشكلات الفنية بقيت من دون حل، ولذلك تم إغلاق المشروع في عام 1972، واودعت جميع المخططات في الأرشيف، ولم يتم على النقيض من الشائع، صنع نموذج تجريبي لهذه الطائرة غير المسبوقة.
خبراء الأسلحة يؤكدون أن الموجة الأسرع من الصوت يمكن بالفعل أن تستخدم كسلاح، إلا أن هؤلاء يستبعدون إمكانية صنع مثل هذا السلاح حتى في الوقت الراهن.