حثت أوكرانيا الإثنين محكمة العدل الدولية على المساهمة في إحلال السلام على أراضيها في إطار سعيها لإقناع القضاة بأن روسيا ترعى "الإرهاب" في النزاع الدامي الذي يشهده شرق البلاد بين الانفصاليين الموالين لموسكو وقوات كييف. وقالت نائبة وزير الخارجية الأوكراني اولينا زيركال أمام أعلى محكمة للأمم المتحدة في لاهاي "اليوم أقف أمام المحكمة لكي أطلب حماية لحقوق الإنسان الأساسية للشعب الأوكراني". وأضافت أن "آلاف الأوكرانيين الأبرياء تعرضوا لهجمات دامية". وتابعت "اليوم أقف أمام العالم لكي أطلب حماية لأوكرانيا من الاتحاد الروسي" مؤكدة أن كل ما تطلبه كييف هو "إجراءات استقرار وهدوء في وضع خطير". ويطلب ممثلو أوكرانيا من محكمة العدل الدولية أن تتخذ خطوات طارئة تطالب جارتها بوقف إرسال الأموال والسلاح والمقاتلين إلى الشرق، ووقف ما تقول إنه "تمييز" ضد الأقليات في شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمتها روسيا. وتسعى كذلك إلى الحصول على تعويض للهجمات على المدنيين خلال ثلاثة أعوام من النزاع. ولطالما نفت موسكو بأنها تسلح المتمردين قائلة إن الاتهامات ضدها مدفوعة بـ"مصالح سياسة". وادعت كذلك بأن كييف "أظهرت عدم رغبة في إقامة حوار متين". ورفعت أوكرانيا القضية ضد الدولة التي حكمتها أيام الاتحاد السوفيتي لدى المحكمة الواقعة في لاهاي في منتصف يناير، مشيرة إلى أنها احتجت على مدى أعوام ضد تمويل موسكو المفترض لمتمردين انفصاليين يقاتلون القوات الحكومية. وتعتبر كييف أن موسكو "فشلت بشكل كبير" في التجاوب مع جهودها للتفاوض على حل للنزاع وأن "المزيد من المفاوضات سيكون أمراً عقيماً". وطلبت في وثائق قدمتها إلى المحكمة "حكماً وإعلاناً بأن مسؤولية دولية أخلاقية تقع على عاتق روسيا" وعليها أن تتحمل تبعاتها "نتيجة رعايتها للإرهاب (...) والأعمال الإرهابية التي يقوم بها وكلاؤها في أوكرانيا". وأودت ثلاث سنوات من الحرب بحياة 10 آلاف شخص في شرق أوكرانيا فيما تمكنت روسيا من ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، وهو ما دفع العلاقات بين موسكو والغرب إلى أدنى نقطة منذ الحرب الباردة. وأفادت الرئاسة الأوكرانية في بيان الخميس أن المحادثات النادرة بين الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو ونظيره الروسي فلاديمير بوتين كانت "غير مثمرة". وجاءت المحادثات وسط تزايد في العنف أدى إلى مقتل 35 شخصاً في بداية فبراير حول مدينة أفديييفكا، التي تسيطر عليها الحكومة قرب معقل المتمردين في دونيتسك.
"تعويضات كاملة"
أفادت الوثائق التي قدمتها السلطات الأوكرانية أن موسكو "تحدت" ميثاق الأمم المتحدة عبر ضمها شبه جزيرة القرم وقبل أن تحاول "إضفاء الشرعية على تصرفاتها العدوانية" عبر طرحها "استفتاء غير قانوني" بشأن هذه المسألة. واتهمت روسيا كذلك بالتمييز ضد الأقليات في القرم كالتتار والمتحدرين من الاثنية الأوكرانية حيث قامت بحملة "محو ثقافي" استهدفت هذه المجموعات. وطالبت الكرملين بـ"تعويضات كاملة (...) لأفعال الإرهاب التي تسببت بها روسيا، سهلت لها، أو دعمتها،" بما فيها إسقاط طائرة ركاب ماليزية فوق شرق اوكرانيا الانفصالي، في يوليو 2014. وقال مسؤول من السفارة الروسية لوكالة فرانس برس إن "وفداً واسعاً" من نحو 35 مسؤولاً بينهم "أعضاء وكالات مختلفة، وخبراء، ومحامون" سيكونون متواجدين خلال أربعة أيام من الجلسات التي ستفتتح الإثنين. وأنشئت محكمة العدل الدولية عام 1945 للبت في الخلافات بين الدول. وفيما تدرس المحكمة إن كانت ستتولى ملف النزاع بأكمله، على قضاتها الـ15 الثابتين كذلك اتخاذ قرار بشأن الاجراءات المؤقتة أو الطارئة التي تطلبها كييف، بما فيها ضرورة "التوقف عن أي أفعال قد تزيد من حدة النزاع أو توسعه". وفيما يتعين على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الالتزام بقرارات محكمة العدل الدولية، إلا أن الواقع يفيد بأن قراراتها لا تؤثر فعلياً على الأرض.