تُشكل جلسة الاستماع العلنية الإثنين لمدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي ومدير وكالة الأمن القومي مايك روجرز محط آمال بتقديم توضيحات لمسائل تعكر صفو الحياة السياسية الأميركية منذ أسابيع، بينها اتهامات الرئيس لسلفه بالتنصت عليه وعلاقات فريقه بروسيا.
وستكون هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها كل من كومي وروجرز علنا عن المسألتين الحساستين حيث سيمثلان أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب.
وتشكل صلات محيط ترامب بروسيا موضع تكهنات منذ قبل انتخابات الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر. وفي كانون الثاني/يناير، خلصت الاستخبارات الأميركية بالإجماع إلى أن قراصنة يعملون لصالح روسيا تمكنوا من اختراق رسائل البريد الإلكتروني لكبار المسؤولين الديموقراطيين ونشروا المحرجة منها بهدف مساعدة ترامب في الفوز على منافسته الديموقراطية حينها، هيلاري كلينتون.
وأثيرت منذ ذلك الوقت مسألة تواطؤ محتمل بين أعضاء من فريق ترامب وموسكو.
والأحد أعلن ديفين نيونز رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، أنه ليس هناك أي "دليل على تواطؤ" بين فريق ترامب وروسيا.
وكانت موسكو نفت تورطها في القرصنة، فيما ندد الرئيس الأميركي بالضجة التي أحاطت القضية.
وأضاف نيونز لشبكة "فوكس نيوز" الإخبارية أن "المعلومات التي حصلنا عليها الجمعة" تشير كذلك إلى أنه لم تكن هناك أجهزة تنصت زرعت في برج ترامب.
وكان ترامب أثار صدمة في الرابع من مارس عندما كتب على موقع تويتر أن إدارة الرئيس السابق باراك اوباما قامت بالتنصت على هاتفه.
تحديد كاشفي الاتصالات
وكانت عدة لجان في مجلس النواب أطلقت تحقيقات في التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات، بينها لجنتا مجلسي النواب والشيوخ، اللتان تملكان سلطة على وكالات الاستخبارات الـ17 في الولايات المتحدة. ويحقق مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" كذلك في التدخل الروسي.
ويبقى السؤال إن كانت الوكالة فتحت تحقيقا جنائيا في العلاقات المحتملة بين معاوني ترامب ومسؤولين في موسكو.
ويتوقع ان تشكل جلسة الاثنين مواجهة مفتوحة بين مكتب التحقيقات الفدرالي والنواب، في نقاش ستراقبه أوساط الأمن القومي عن كثب لمعرفة إن كان كومي سيفجر قنبلة سياسية.
وكان أعضاء في مجلس الشيوخ عبروا عن سخطهم تجاه ما اعتبروه عدم تعاون من مكتب التحقيقات الفدرالي بشأن روسيا وادعاء ترامب بتعرضه إلى التنصت، وهو ما نفاه أوباما وعدد آخر من المسؤولين.
وطفت مسألة التنصت على السطح الشهر الماضي عندما أجبر مستشار ترامب للأمن القومي مايكل فلين على الاستقالة بعدما تم الكشف أنه ضلل كبار المسؤولين بشأن اتصالاته مع السفير الروسي في واشنطن لمناقشة العقوبات بحق موسكو التي كان أوباما أعلن عنها على خلفية التدخل في الانتخابات.
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" في تلك الفترة، نقلا عن مسؤولين حاليين وسابقين، أن في حوزة اجهزة الاستخبارات الاميركية تقارير وتسجيلات عن محادثات اجريت العام الماضي بين عناصر من فريق حملة ترامب وكبار مسؤولي الاستخبارات الروسية.
وأفاد نيونز أن تحقيق لجنة الاستخبارات يركز في جزء منه على الجهة التي كشفت أن فلين أجرى اتصالات غير معلنة مع الروس بشأن العقوبات.
مصداقية ترامب
وبلغ التوتر في قضية الاتصالات مع موسكو مستوى جديدا بعدما امتنع وزير العدل المقرب من ترامب، جيف سيشنز، عن الخوض في المساءلات المتعلقة بروسيا، اثر الكشف عن تستره على لقائين أجراهما مع السفير الروسي قبل بضعة أشهر من تنصيب ترامب خلال جلسة تثبيته حين سئل عن اتصالات من هذا النوع.
وداخليا، صرف الجدال بشأن ادعاء التنصت الأنظار عن جهود ترامب للخوض في مسائل أساسية أخرى على اجندته، بينها خطته لاستبدال القانون الذي وضعه أوباما المتعلق بالرعاية الصحية، والإصلاح الضريبي، إضافة إلى مراسيمه المثيرة للجدل بمنع دخول مواطني عدة دول ذات غالبية مسلمة الولايات المتحدة.
ويشير مراقبون كذلك إلى أن ادعاءات التنصت أدت إلى انحدار مستوى النقاش السياسي في واشنطن، الذي كان في الأساس حاد اللهجة، كما قلل من مصداقية الرئيس في الولايات المتحدة والخارج.
واتخذت بعض تداعيات هذه السجالات بعدا دوليا حيث اضطر البيت الأبيض إلى التراجع عن اتهام كرره المتحدث باسمه شون سبايسر الذي أفاد أن أجهزة الاستخبارات البريطانية ساعدت أوباما في عملية التنصت على ترامب مما أدى إلى توتير العلاقات مع أقرب حلفاء واشنطن.
ومع ذلك، عاد ترامب وجدد الاتهام خلال مؤتمر صحافي مشترك الجمعة مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل.
وقال ترامب مازحا، "في مجال التنصت الذي قامت به الادارة السابقة، على الاقل لدينا شىء مشترك.. ربما"، مشيرا بيده الى المستشارة الالمانية التي بدت على وجهها علامات الدهشة.
وكان الرئيس الاميركي يلمح بذلك الى عمليات التنصت التي قامت بها وكالة الامن القومي في 2013 على الهاتف النقال للمستشارة الالمانية.