الأزمة الليبية .. ملف يزداد تأزمًا يومًا بعد يوم، حيث يسير الاقتتال الداخلي بوتيرة متسارعة، ويخيم على الوضع مشهد من الضبابية حول ماهية الأطراف المتصارعة داخل ليبيا وأهدافها، ودور القوى الخارجية في تعقيد الوضع وقيادته نحو مزيد من العنف بما يخدم مصالحها في المنطقة .. من بعيد أو قريب تقف جامعة الدول العربية تنظر وتراقب.. تتدخل أحيانا وتكتفي بالشجب والاستنكار والادانة أحيانا أخرى.
التعاطي الحذر على طاولة بروتوكولات الجامعة العربية للملف الليبي بات متجددا بشكل إيجابي في كل قمة تعقد، خاصة عقب سرت عام 2010، فيما ينتظر أن يتم خلال القمة الـ 28 المقررعقدها في الأردن يوم 29 مارس الجاري، استكمال الملف العالق منذ فترة ووضعه ضمن الأولويات، بعد تزايد المطالب الشعبية بإعادة ملف ليبيا ووضعه في المكان الطبيعي في أروقة الجامعة العربية.
المراقبون للأزمة المستمرة وما تحتويه من شد وجذب بين كافة أطرافها يؤكدون أن الملف الليبي بالجامعة العربية في طريقه إلى الاستكمال أو وضع خارطة طريق حياله، مستشهدين بتأكيد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بأن الملف الليبي سيكون من بين أبرز الملفات المطروحة التي ستركز عليها القمة إلى جانب القضية الفلسطينية، والأزمة السورية، والأوضاع في العراق، وكذلك محاربة التطرف والإرهاب وفقاً لقناة ليبيا، حيث ينتظر أن يتصدر هذا الملف الأجندة.
ويظهر جلياً أن الدول العربية أولت الملف الليبي اهتماماً كبيراً، عقب دعوة الجامعة في سبتمبر 2015 كافة الأطراف السياسية الليبية إلى الإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد التوصل إلى نص نهائي للاتفاق السياسي بمدينة الصخيرات المغربية التي تستضيف جلسات الحوار، وهو ما أكدته تصريحات نائب الأمين العام أحمد بن حلي حينها بأن جامعة الدول العربية تدعو ألا يكون هناك أي تلكؤ أو تأخر لتفعيل الاتفاق، محذرا من أن هناك أطرافا أخرى - لم يسمها- ربما تستغل الحالة الليبية بما يؤدي إلى تعقيدات في المشهد.
محاولات الزج بالملف الليبي على رأس أولويات القمم العربية الأخيرة جاءت أبرزها بالقمة المنعقدة بشرم الشيخ في التي دعا بيانها لتقديم الدعم السياسي والمادي الكامل للحكومة الشرعية بما في ذلك دعم الجيش الوطني، فيما طالبت سطور البيان القادة العرب مجلس الأمن بسرعة رفع الحظر عن واردات السلاح إلى الحكومة الليبية باعتبارها الجهة الشرعية، وتحمل مسؤولياته في منع تدفق السلاح إلى الجماعات الإرهابية، مشدداً على دعم الحكومة الليبية في جهودها لضبط الحدود مع دول الجوار، وهو قرار تحفظت قطر عليه بالكامل، فيما فسرت الجزائر الفقرات المتعلقة برفع الحظر وتسليح الجيش الليبي على أنه يندرج ضمن السياق السياسي للحل.
قمة نواكشوط الأخيرة شهدت زخما أكبر للتعاطي مع الملف الليبي،خاصة بعدما دعا بيانها الختامي الشعب الليبي إلى ضرورة ما أسماه استكمال بناء الدولة والتصدي للإرهاب، ومن المؤمل أن يتم استكمال هذا الملف في قمة الأردن.
الحكومة الليبية من جانبها انتقدت جامعة الدول العربية في بيان رسمى في مايو 2016 وجهته للأمين العام د.نبيل العربي، على خلفية قرار الجامعة بمنع وزير الخارجية محمد الدايري التابع للحكومة الليبية المؤقتة من المشاركة في اجتماع وزراء الخارجية العرب لمناقشة القضية الفلسطينية.
ويؤكد المراقبون أن الدول العربية وبلدان منطقة الشرق الأوسط القمة العربية تعول على قمة الأردن لتحقيق الاستقرار في ليبيا إلى جانب تحقيق تطلعات شعوبها، فيما يرون أن نجاح القمة مرتبط بحل جذري لهذه الأزمة لإنهاء معاناة الشعب.