"الهدف خلف منحدر"، "الخطوط الأمامية مكشوفة"، "ازحفوا!"، "أطلقوا النار!" يردد مدربون إيطاليون في غرب أفغانستان مثل هذه العبارات مستغلين الشتاء الهادئ نسبياً لتعزيز قدرات القوات الافغانية في مواجهة حركة طالبان.
ويتعرض عناصر الأمن في البلد الذي تمزفه الحرب منذ سنوات، إلى خسائر بأعداد كبيرة فيما يواجهون تقدماً للمسلحين المتمردين، مما يثير الأسئلة بشأن قدرتهم على تحمل الوضع.
وتحت راية مهمة "الدعم الحازم" التابعة لحلف شمال الأطلسي، تسابق القوات الإيطالية في معسكر "ارينا" في ولاية هرات دخول فصل الربيع لتمنح القوات الافغانية حظوظاً أوفر في القتال.
وحركة طالبان هي العدو الرئيس في هرات، المحاذية لولاية هلمند، مركز انتاج الأفيون في أفغانستان الذي يسيطر عليه المتمردون.
واستولى مقاتلو طالبان في 23 مارس على منطقة سانغين الاستراتيجية في هلمند، في نكسة إضافية للقوات الأفغانية تعكس تزايد سيطرة المتمردين.
وتثير العصابات الإجرامية التي تدبر عمليات التهريب إلى إيران المجاورة الدرجة نفسها من المخاوف.
ويشير قائد قاعدة معسكر "أرينا" الجنرال كلوديو منغيتي إلى أن الثقة بالنفس هي المفتاح. و"الرسالة الأساسية للجنود هي أنهم بوضع أفضل ولديهم آليات أفضل من العدو، وهو ما يعد غاية في الأهمية لمعنوياتهم".
وبحسب هيئة إعمار أفغانستان الأمريكية المعروفة بـ"سيغار"، ارتفعت نسبة الضحايا في صفوف قوات الأمن الافغانية بنسبة 35% عام 2016 مع مقتل 6800 جندي وشرطي.
وحتى فصل الشتاء الذي يشهد عادة توقفاً للقتال، لم يأت إلا بقليل من الراحة.
فبحسب آخر تقرير أصدرته الأمم المتحدة في بداية شهر مارس، ازدادت المواجهات بنسبة قياسية بلغت 30% في يناير 2017، مقارنة بعام 2016.
ويشكل ضعف القيادة العسكرية أحد التحديات. وبقي اللواء 207 المتمركز في هرات بلا قائد لحوالي شهرين، حتى وصل الجنرال زيارات عابد في يناير بعدما تلقى تدريباً في روما وباريس.
وأكد الكولونل توماسو كاباسو الذي وقف يشاهد التدريبات على هامش مدى أهداف إطلاق النار في معسكر "أرينا" أن الجنرال عابد "على الأرض مع رجاله كل يوم. هذا جديد".
وأضاف فيما زحف الرجال في صف واحد أن "هذا الجيل الجديد مختلف عن الجيل السابق، الذين يقضون وقتهم في المكاتب."
وأضاف "يعرفون كيف يطلقون النار ولكنهم لا يعرفون كيف يحاربون معا. علينا خلق روح الفريق، ولدينا شهر لنقوم بذلك".
الغارات "سهلة"
وقدم الإيطاليون الدعم المعنوي والمشورة العسكرية في فرح، إحدى الولايات التي يتولونها في ظل مهمة "الدعم الحازم" عندما طلب محافظها مساعدة في التعامل مع التمرد. وقال الكولونل الذي قاد العملية لوكالة فرانس برس إن المحافظ أراد من حلف الأطلسي شن عدة غارات لطرد المتمردين.
وأضاف الكولونل الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن مهمة كهذه "سهلة، ولكنها تجعلهم في حالة اعتماد" دائم على قوات الحلف. ولكن ما تم تقديمه للمحافظ بدلاً من ذلك، هو نشر لقوة ايطالية من 120 عنصراً هدفهم رفع المعنويات في غضون أسبوع.
وقال الكولونل الإيطالي "وجدنا في فرح جنوداً محبطين، صغاراً في العمر لدرجة كبيرة، ومدربين بشكل سيئ وجاهزين للاستسلام" مشيراً إلى "نقص القيادة حتى في الرتب المنخفضة" من الجيش الأفغاني.
ويؤكد المتحدث باسم "الدعم الحازم"، الجنرال تشارلز كليفلاند، أن هناك تحركاً واسعاً يجري على جميع المستويات خلال العام الحالي "لاستبدال القادة الفاسدين والذين لم ينفذوا ما كان متوقعا انجازه العام الماضي (...) سيأخذ ذلك بعض الوقت، لا يمكن إحداث تغييرات مؤسساتية بين ليلة وضحاها".
وبالنسبة للجنرال منغيتي، تشكل عملية فرح السريعة مثالاً على مهمة "الدعم الحازم" في تدريب وتقديم الاستشارة والدعم للقوات الأفغانية.
وأوضح أنه "بمجرد أن وجدوا أن هناك من يقف إلى جانبهم، تمكن الأفغان من استعادة السيطرة. وبعدة نصائح، تمكنوا من إظهار قدراتهم".
الربيع نذير شؤم
وسحب حلف شمال الأطلسي قواته المقاتلة في أواخر عام 2014. وتحت مظلة مهمة "الدعم الحازم"، لايزال هناك 11 ألف جندي، بينهم 8400 من الأمريكيين، في البلاد.
ويستضيف معسكر "ارينا" 900 جندي وضابط إيطالي، بينهم كتيبة من فيلق بيرساغلييري الرفيع الذين يرتدون خوذا مزينة بريشة الموهير في تقليد يعود إلى 200 عام ويهدف إلى توفير الظل لهم.
وكان قائد البعثة الجنرال الأمريكي جون نيكلسون حذر الشهر الماضي من أنه سيحتاج إلى "بضعة آلاف" من الجنود الإضافيين لهزم طالبان والتهديد المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية.
وبالنسبة للكابتن لوكا الذي امتنع عن التصريح باسمه الحقيقي وهو عضو في القوات الخاصة الايطالية، يتعين على وكالة الاستخبارات الأفغانية والشرطة تلقي التدريبات معاً، حيث غالباً ما يقاتل الطرفان إلى جانب بعضهما البعض كما حصل خلال هجوم المتمردين على مستشفى عسكري في كابول في السابع من مارس.
إلا أن الوقت قصير ولا يمكن لعناصر وكالة الاستخبارات الذين "دائماً ما تتم تعبئتهم" تلقي التدريب فيما يعلن بدء ارتفاع درجات الحرارة حلول فصل الربيع، وهو موسم القتال في أفغانستان.