في موكب مهيب يتألف من 200 سيارة ومحمياً بطائرات مروحية ومئات الجنود، عاد قلب الدين حكمتيار، إلى العاصمة الأفغانية بعد غياب 20 عاماً، ليلقى استقبالاً رسمياً من الرئيس الأفغاني أشرف غني وكبار المسؤولين.ولطالما اعتبر زعيم الحزب الإسلامي السبعيني واحدا من أشرس المقاتلين في البلاد، خصوصا لقصفه العنيف العشوائي لكابل أثناء الحرب الأهلية (1992-1996) والذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف، ما دفع الصحافة العالمية إلى تلقيبه بـ "جزار كابل".وكرر هذا الزعيم البشتوني عقد التحالفات وحلها، منقلبا على حليف اللحظة، في سلوك واجهه زعيم "مجاهدي تحالف الشمال" الراحل أحمد شاه مسعود، المقاتل الآخر التاريخي ضد السوفيات، مرات متعددة في كابل وفي معقله في بانشير.وينظر إلى حكمتيار كأحد أكبر المستفيدين من الأموال الأميركية إبان الحرب الأفغانية ضد الوجود السوفييتي، حيث أوردت تقارير عن تلقيه ما يصل إلى 600 مليون دولار من المخابرات الأمريكية في جهود محاربة السوفييت، لكن أمير الحرب المثير للجدل استخدم الأموال في تدريب المقاتلين الأجانب لموجهة الفصائل الأفغانية الأخرى، ثم إطلاق حملة ضد الغرب.وبعد حرب أهلية مريرة انتهت بسيطرة طالبان على مقاليد السلطة في أفغانستان عام 1996، لجأ حكمتيار إلى إيران في بادئ الأمر ثم إلى باكستان، حيث أمضى الحيز الكبير من السنوات العشرين الفائتة، قبل أن يدعو إلى "الجهاد" ضد الولايات المتحدة والقوات الأجنبية التي توافدت لقتال طالبان.وبعد 11 سبتمبر 2001 اتهمت الولايات المتحدة حكمتيار بالعمل مع زعيم القاعدة آنذاك أسامة بن لادن ووضعت اسمه على لائحة "الإرهابيين الدوليين" ومازال، رغم ترحيب السلطات الأمريكية الحالية باتفاق السلام الذي وقع في سبتمبر عام 2016 بين حزب حكمتيار والرئيس غني، الذي أعطى الرجل حصانة من الملاحقة القضائية.ورفعت الأمم المتحدة عقوباتها عن حكمتيار في فبراير 2017، بعد عودة فرنسا عن تحفظاتها القائمة على تبني زعيم الحزب الإسلامي "كمين أوزبين" في 2008 الذي استهدف جنودا فرنسيين وأسفر عن مقتل 10 في وادي كابيسا الأفغاني.وكانت السلطات التركية رفعت الحظر عن ممتلكات حكمتيار في 30 أبريل، تماشياً مع قرار الأمم المتحدة.وأدانت المنظمات الحقوقية على غرار هيومن رايتس ووتش، "ثقافة الإفلات من العقاب" التي أجازتها الحكومة الأفغانية ومانحوها الدوليون، عندما وقعت اتفاق سلام مع حكمتيار.وذكرت هيومن رايتس ووتش، بمجازر ارتكبها حكمتيار بحق المدنيين واغتيالات للمثقفين والصحفيين والناشطين المدافعين عن حقوق النساء. ويقدم الحزب نفسه منذ عودته إلى أفغانستان في 29 أبريل بصورة صانع سلام ويكرر توجيه النداءات لحركة طالبان لإلقاء السلاح.