وليد صبري
يتوجه الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع اليوم للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية الـ 12 منذ الثورة عام 1979، بالتوازي مع انتخابات المجالس البلدية والقروية، والانتخابات التكميلية لمجلس الشورى، وسط ظروف إقليمية ودولية متوترة، خاصة بين أمريكا وإيران، في ظل حملات مقاطعة شاملة من قبل غالبية أحزاب وتيارات المعارضة في الداخل والخارج التي تصف الانتخابات بأنها "غير ديمقراطية"، حيث لا يوجد مرشح واحد من خارج السلطة، وسط مخاوف تزوير الانتخابات لصالح التيار المتطرف، خاصة ان نصف مليون صوت يمثلون الحرس الثوري الإيراني التابع لسلطة المرشد بالإضافة إلى مئات الآلاف من عناصره المتنكرين. في غضون ذلك، تبقى لامبالاة الناخبين أكبر خطر على فرص إعادة انتخاب التيار الإصلاحي وتعد نسبة المشاركة العنصر الأكثر غموضاً في الاقتراع.
سلطة مهمشة
ويصف المراقبون والمحللون الاستحقاق الرئاسي بأنه أشبه بمسرحية ديمقراطية خاصة وأن الرئيس يحظى بسلطة مهمشة ويخرج في النهاية من عباءة المرشد الإيراني علي خامنئي. وتبدو وعود المرشحين وطموحاتهم نحو تطبيق برامجهم أشبه بأحلام ووعود وطموحات من يحكم بما لا يملك تنفيذ تلك القرارات أو إقرارها، فطبقاً للدستور الإيراني الحاكم الفعلي هو المرشد الأعلى على خامنئي، وهو وحده الذي يوافق على المرشحين للرئاسة أو المناصب العليا أو يمكنه أن يلغي نتائج الانتخابات، ويقر إجراءات تحسين الاقتصاد، ويوافق على الحوار المباشر مع الولايات المتحدة، والاتفاق حول الملف النووي الإيراني، لا رؤساء إيران. ولذلك تبدو الانتخابات شكلية وتتقدم حظوظ من يرضى عنه المرشد للفوز بها. وتجري الانتخابات الرئاسية بالتزامن مع انتخابات بلدية، ودعي 56.4 مليون ناخب إلى المشاركة فيها. وسيتمثل التحدي الأهم في المدن الكبرى مثل طهران ومشهد شرقاً وأصفهان لمعرفة ما إذا كان الإصلاحيون سيتمكنون من انتزاعها من المحافظين. ويتنافس 4 مرشحين على أصوات 56.4 مليون ناخب وهم الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني حليف الإصلاحيين، ورجل الدين المتشدد إبراهيم رئيسي حليف المحافظين والمقرب من المرشد الإيراني.
أما المرشحان الآخران فهما مصطفى مير سليم، ومصطفى هاشمي طبا، فتبين استطلاعات الرأي أنهما لن يكسبا الكثير من الأصوات حتى لو لم يسحبا ترشيحهما في الساعات الأخيرة، لضعف قاعدتيهما الشعبية. وبحسب وسائل إعلام إيرانية، ستجري الانتخابات في 63429 مركز اقتراع و14 ألف صندوق متنقل في إيران، فيما ستجرى الانتخابات البلدية بشكل متزامن مع الانتخابات الرئاسية في أكثر من 141 مدينة عبر التصويت الإلكتروني. وأعلنت وزارة الداخلية الإيرانية أن نتائج فرز الأصوات للانتخابات الرئاسية ستعلن تدريجياً للرأي العام من قبل وزير الداخلية، وسط مخاوف كبيرة من حدوث تزوير واضطرابات، كما حدث في انتخابات عام 2009. وقال وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي أن 160 ألف عنصر أمني سيتولون تأمين سير العملية الانتخابية في 63 ألف مركز انتخابي يضم 130 ألف صندوق اقتراع، تحت إشراف 71 ألف مراقب.
وتلاقي إنجازات روحاني "68 عاماً" انتقاداً من خصمه رئيسي "56 عاماً"، بعدما خاب آمال الكثيرين من الإصلاحيين في تنفيذ برنامج روحاني خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد والانفتاح على العالم والانتصار للحريات والحقوق التي تقمعها سلطة المحافظين المتشددين في إيران، خاصة وأن مرشح المتشددين متهم بانتهاك حقوق الإنسان خاصة في فترة الثمانينات لإشرافه على إعدام آلاف المعارضين لنظام روح الله الخميني في ذلك الوقت. ورأى خبراء ومحللون أن من أكبر الأخطاء التي وقع فيها روحاني رهانه على على الاتفاق النووي، معتقداً أن كل المشاكل ستحل بعد الاتفاق، ومن الواضح أن هذا كان غير ممكن، وكانت نتيجته خيبة أمل كبيرة أصيب بها عدداً كبيراً من مؤيديه استفاد منها معارضيه المتشددين. إلا أنه يصب في صالح روحاني الانخفاض الملحوظ في معدل التضخم الذي كان 40% عام 2013 وبات اليوم نحو 9.5% حالياً. ولا يشكك رئيسي بالاتفاق النووي الذي وافق عليه المرشد، لكنه ينتقد نتائج التسوية التي لم يستفد منها الإيرانيون الأكثر فقراً، ويقول إنه يريد الدفاع عن هؤلاء. ويسلط رئيسي الضوء على الأرقام السيئة للبطالة التي تطال 12.5% من السكان و27% من الشباب، ويتهم حكومة روحاني بأنها لم تعمل سوى لصالح "الأوليغارشية الأكثر ثراء" في البلاد التي لا تمثل سوى 4 % من السكان، على حد قوله.
تبادل الاتهامات علانية
وتبادل المرشحان روحاني ورئيسي الاتهامات علانية بالفساد والوحشية والقمع على شاشات التلفزيون. واتهم روحاني كلاً من رئيسي ورئيس بلدية طهران المحافظ محمد باقر قاليباف الذي أعلن انسحابه من السباق الرئاسي مقدماً دعمه لرئيسي، بأنهما من "أنصار العنف" ومن "المتطرفين" الذين "ولى زمانهم". كما شنّ روحاني هجوماً حاداً على رئيسي والمرشد خامنئي والمؤسسات الكبرى في الدولة التي يهيمنون عليها واتهمهم بالاستحواذ على جميع السلطات في البلد.
في المقابل، انتقد رئيسي تكرار مقولة أن "الاتفاق النووي هو من أبعد شبح الحرب عن البلاد" التي يكررها روحاني، قائلاً إن "تواجد الشعب الدائم في الساحة هو من أبعد ذلك الشبح وليس ذلك الاتفاق". كما انتقد رئيسي أداء حكومة روحاني الاقتصادي والمعيشي، وقال إن "أكثر من 50 % من طاقة البلاد الإنتاجية جرى تعطيلها أو شبه معطلة، وإن الانكماش في البلاد اليوم حطم رقماً قياسياً، وإن هناك أزمة بطالة وفساد إداري تعيشها البلاد أيضاً".
من جهته، انتقد خامنئي العداء المتبادل بينهما المرشحين بوصفه "لا يليق بالأمة الإيرانية" لكنه قال إن الإقبال الكبير على المشاركة في الانتخابات سيقلل من أثر ذلك. ودعا خامنئي -قبل ساعات الصمت الانتخابي- الأجهزة التنفيذية والرقابية إلى ضرورة حفظ الأمن فضلاً عن صيانة أصوات الناخبين -على حد تعبيره- وشدد على أن تجري الانتخابات بانضباط من الجميع.
يذكر أن روحاني انتُخب من الجولة الأولى عام 2013 بـ 50.7% من الأصوات، ويسعى للحصول على ولاية ثانية مدتها 4 سنوات، ويطمح -رغم عداء واشنطن المعلن تجاه بلاده- في مواصلة الانفتاح الذي بدأ مع توقيع الاتفاق النووي التاريخي مع القوى الكبرى بما فيها الولايات المتحدة في يوليو 2015.
وسيكون من الصعب التكهن بنسبة المشاركة في الانتخابات أو إمكانية إجراء دورة ثانية يوم 26 من الشهر الجاري في حال عدم حصول أحد المرشحين على 50% من الأصوات. ما سيشكل ذلك سابقة في إيران لأن جميع الرؤساء السابقين تم انتخابهم بالدورة الأولى.
عقوبات قبل الاقتراع
وفي مقابل التزامها بسياسة نووية محصورة بأهداف مدنية، حصلت إيران على رفع جزئي للعقوبات الدولية التي كانت تعوق تطوّر اقتصادها، بينما قررت الولايات المتحدة رغم انتقادات ترامب للاتفاق النووي مواصلة العمل بتخفيف العقوبات المرتبطة بالملف النووي. وقبل ساعات من إجراء الاقتراع الرئاسية، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية بالمقابل عقوبات جديدة بحق عدد من المسؤولين العسكريين الإيرانيين لارتباطهم بالبرنامج الباليستي الإيراني.
ولم يجذب الاتفاق النووي الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2016 حتى الآن الاستثمارات الأجنبية المتوقعة التي بلغت بين مليار وملياري دولار فقط، في وقت قالت الحكومة إنها تحتاج إلى 50 ملياراً في السنة لإنعاش الاقتصاد. ولايزال المستثمرون والقيمون على البنوك الدولية يبدون تردداً بسبب موقف الولايات المتحدة التي عززت منذ وصول ترامب إلى السلطة العقوبات غير المرتبطة بالبرنامج النووي، على إيران. كما إن هؤلاء يترددون أيضاً بسبب النظام الاقتصادي والمالي غير الشفاف في إيران. وستجري الانتخابات في أجواء من التوتر المتزايد مع أمريكا بدأ مع انتخاب الرئيس دونالد ترامب الذي سيكون في يوم إعلان النتائج موجوداً في السعودية. وسيكون من الصعب التكهن بنسبة المشاركة في الانتخابات أو بإمكانية إجراء دورة ثانية في 26 مايو في حال عدم حصول أحد المرشحين على 50% من الأصوات. ولا يعلق سكان الأحياء الشعبية في طهران آمالاً كبيرة على التغييرات التي قد تطرأ على حياتهم اليومية بعد الانتخابات، أياً تكن نتيجتها. وفي أحياء طهران الشعبية الأكثر تضررا من البطالة والفقر، تسود اللامبالاة حيال من سيفوز بسبب انعدام الثقة بالتغييرات التي يمكن أن يحققها الرئيس المقبل كائنا من يكون. ووجه رئيسي الاتهام لروحاني بالفساد وإساءة إدارة الاقتصاد، ورد روحاني -الذي يريد انفتاح إيران على الغرب وتخفيف القيود الاجتماعية في البلاد- باتهام رئيسي -الذي خدم في القضاء لعدة سنوات- بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
مسرحية الانتخابات
وتبقى سلطة الرئيس مهمشة في إيران، خاصة أنه لا يوجد مرشح من خارج السلطة، وكأنه من المفروض على الشعب إن يخرج رئيسه من عباءة المرشد الذي يمسك بأعلى سلطة سياسية وله الكلمة الفصل في جميع شؤون البلاد، حيث يريد النظام أحكام السلطة حول خامنئي. ومن أبرز الانتقادات الموجهة إلى النظام الانتخابي في إيران هي أنه من شروط الترشح أن يكون الشخص إيراني وشيعي وموال للجمهورية الإسلامية الإيرانية، بينما يبقى أهل السنة والأقليات القومية خارج نطاق الترشح للانتخابات. ولا شك في أن أحلام نظام "ولاية الفقيه" بعودة الإمبراطورية الفارسية ترمي بـ15 مليون مواطن تحت خط الفقر، وفي الوقت الذي تفخر فيه إيران بإنتاج صواريخ تصل لآلاف الكيلومترات فإن مواطنيها يسكنون المقابر، حيث يحول نظام الملالي 4 مليارات دولار سنوياً إلى الميليشيات والعصابات الإرهابية حول العالم، في ظل التزام طهران مع نظام بشار الأسد و"الحشد الشعبي" و"حزب الله" والحوثيين أيديولوجياً على حساب احتياجات المواطنين.
يتوجه الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع اليوم للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية الـ 12 منذ الثورة عام 1979، بالتوازي مع انتخابات المجالس البلدية والقروية، والانتخابات التكميلية لمجلس الشورى، وسط ظروف إقليمية ودولية متوترة، خاصة بين أمريكا وإيران، في ظل حملات مقاطعة شاملة من قبل غالبية أحزاب وتيارات المعارضة في الداخل والخارج التي تصف الانتخابات بأنها "غير ديمقراطية"، حيث لا يوجد مرشح واحد من خارج السلطة، وسط مخاوف تزوير الانتخابات لصالح التيار المتطرف، خاصة ان نصف مليون صوت يمثلون الحرس الثوري الإيراني التابع لسلطة المرشد بالإضافة إلى مئات الآلاف من عناصره المتنكرين. في غضون ذلك، تبقى لامبالاة الناخبين أكبر خطر على فرص إعادة انتخاب التيار الإصلاحي وتعد نسبة المشاركة العنصر الأكثر غموضاً في الاقتراع.
سلطة مهمشة
ويصف المراقبون والمحللون الاستحقاق الرئاسي بأنه أشبه بمسرحية ديمقراطية خاصة وأن الرئيس يحظى بسلطة مهمشة ويخرج في النهاية من عباءة المرشد الإيراني علي خامنئي. وتبدو وعود المرشحين وطموحاتهم نحو تطبيق برامجهم أشبه بأحلام ووعود وطموحات من يحكم بما لا يملك تنفيذ تلك القرارات أو إقرارها، فطبقاً للدستور الإيراني الحاكم الفعلي هو المرشد الأعلى على خامنئي، وهو وحده الذي يوافق على المرشحين للرئاسة أو المناصب العليا أو يمكنه أن يلغي نتائج الانتخابات، ويقر إجراءات تحسين الاقتصاد، ويوافق على الحوار المباشر مع الولايات المتحدة، والاتفاق حول الملف النووي الإيراني، لا رؤساء إيران. ولذلك تبدو الانتخابات شكلية وتتقدم حظوظ من يرضى عنه المرشد للفوز بها. وتجري الانتخابات الرئاسية بالتزامن مع انتخابات بلدية، ودعي 56.4 مليون ناخب إلى المشاركة فيها. وسيتمثل التحدي الأهم في المدن الكبرى مثل طهران ومشهد شرقاً وأصفهان لمعرفة ما إذا كان الإصلاحيون سيتمكنون من انتزاعها من المحافظين. ويتنافس 4 مرشحين على أصوات 56.4 مليون ناخب وهم الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني حليف الإصلاحيين، ورجل الدين المتشدد إبراهيم رئيسي حليف المحافظين والمقرب من المرشد الإيراني.
أما المرشحان الآخران فهما مصطفى مير سليم، ومصطفى هاشمي طبا، فتبين استطلاعات الرأي أنهما لن يكسبا الكثير من الأصوات حتى لو لم يسحبا ترشيحهما في الساعات الأخيرة، لضعف قاعدتيهما الشعبية. وبحسب وسائل إعلام إيرانية، ستجري الانتخابات في 63429 مركز اقتراع و14 ألف صندوق متنقل في إيران، فيما ستجرى الانتخابات البلدية بشكل متزامن مع الانتخابات الرئاسية في أكثر من 141 مدينة عبر التصويت الإلكتروني. وأعلنت وزارة الداخلية الإيرانية أن نتائج فرز الأصوات للانتخابات الرئاسية ستعلن تدريجياً للرأي العام من قبل وزير الداخلية، وسط مخاوف كبيرة من حدوث تزوير واضطرابات، كما حدث في انتخابات عام 2009. وقال وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي أن 160 ألف عنصر أمني سيتولون تأمين سير العملية الانتخابية في 63 ألف مركز انتخابي يضم 130 ألف صندوق اقتراع، تحت إشراف 71 ألف مراقب.
وتلاقي إنجازات روحاني "68 عاماً" انتقاداً من خصمه رئيسي "56 عاماً"، بعدما خاب آمال الكثيرين من الإصلاحيين في تنفيذ برنامج روحاني خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد والانفتاح على العالم والانتصار للحريات والحقوق التي تقمعها سلطة المحافظين المتشددين في إيران، خاصة وأن مرشح المتشددين متهم بانتهاك حقوق الإنسان خاصة في فترة الثمانينات لإشرافه على إعدام آلاف المعارضين لنظام روح الله الخميني في ذلك الوقت. ورأى خبراء ومحللون أن من أكبر الأخطاء التي وقع فيها روحاني رهانه على على الاتفاق النووي، معتقداً أن كل المشاكل ستحل بعد الاتفاق، ومن الواضح أن هذا كان غير ممكن، وكانت نتيجته خيبة أمل كبيرة أصيب بها عدداً كبيراً من مؤيديه استفاد منها معارضيه المتشددين. إلا أنه يصب في صالح روحاني الانخفاض الملحوظ في معدل التضخم الذي كان 40% عام 2013 وبات اليوم نحو 9.5% حالياً. ولا يشكك رئيسي بالاتفاق النووي الذي وافق عليه المرشد، لكنه ينتقد نتائج التسوية التي لم يستفد منها الإيرانيون الأكثر فقراً، ويقول إنه يريد الدفاع عن هؤلاء. ويسلط رئيسي الضوء على الأرقام السيئة للبطالة التي تطال 12.5% من السكان و27% من الشباب، ويتهم حكومة روحاني بأنها لم تعمل سوى لصالح "الأوليغارشية الأكثر ثراء" في البلاد التي لا تمثل سوى 4 % من السكان، على حد قوله.
تبادل الاتهامات علانية
وتبادل المرشحان روحاني ورئيسي الاتهامات علانية بالفساد والوحشية والقمع على شاشات التلفزيون. واتهم روحاني كلاً من رئيسي ورئيس بلدية طهران المحافظ محمد باقر قاليباف الذي أعلن انسحابه من السباق الرئاسي مقدماً دعمه لرئيسي، بأنهما من "أنصار العنف" ومن "المتطرفين" الذين "ولى زمانهم". كما شنّ روحاني هجوماً حاداً على رئيسي والمرشد خامنئي والمؤسسات الكبرى في الدولة التي يهيمنون عليها واتهمهم بالاستحواذ على جميع السلطات في البلد.
في المقابل، انتقد رئيسي تكرار مقولة أن "الاتفاق النووي هو من أبعد شبح الحرب عن البلاد" التي يكررها روحاني، قائلاً إن "تواجد الشعب الدائم في الساحة هو من أبعد ذلك الشبح وليس ذلك الاتفاق". كما انتقد رئيسي أداء حكومة روحاني الاقتصادي والمعيشي، وقال إن "أكثر من 50 % من طاقة البلاد الإنتاجية جرى تعطيلها أو شبه معطلة، وإن الانكماش في البلاد اليوم حطم رقماً قياسياً، وإن هناك أزمة بطالة وفساد إداري تعيشها البلاد أيضاً".
من جهته، انتقد خامنئي العداء المتبادل بينهما المرشحين بوصفه "لا يليق بالأمة الإيرانية" لكنه قال إن الإقبال الكبير على المشاركة في الانتخابات سيقلل من أثر ذلك. ودعا خامنئي -قبل ساعات الصمت الانتخابي- الأجهزة التنفيذية والرقابية إلى ضرورة حفظ الأمن فضلاً عن صيانة أصوات الناخبين -على حد تعبيره- وشدد على أن تجري الانتخابات بانضباط من الجميع.
يذكر أن روحاني انتُخب من الجولة الأولى عام 2013 بـ 50.7% من الأصوات، ويسعى للحصول على ولاية ثانية مدتها 4 سنوات، ويطمح -رغم عداء واشنطن المعلن تجاه بلاده- في مواصلة الانفتاح الذي بدأ مع توقيع الاتفاق النووي التاريخي مع القوى الكبرى بما فيها الولايات المتحدة في يوليو 2015.
وسيكون من الصعب التكهن بنسبة المشاركة في الانتخابات أو إمكانية إجراء دورة ثانية يوم 26 من الشهر الجاري في حال عدم حصول أحد المرشحين على 50% من الأصوات. ما سيشكل ذلك سابقة في إيران لأن جميع الرؤساء السابقين تم انتخابهم بالدورة الأولى.
عقوبات قبل الاقتراع
وفي مقابل التزامها بسياسة نووية محصورة بأهداف مدنية، حصلت إيران على رفع جزئي للعقوبات الدولية التي كانت تعوق تطوّر اقتصادها، بينما قررت الولايات المتحدة رغم انتقادات ترامب للاتفاق النووي مواصلة العمل بتخفيف العقوبات المرتبطة بالملف النووي. وقبل ساعات من إجراء الاقتراع الرئاسية، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية بالمقابل عقوبات جديدة بحق عدد من المسؤولين العسكريين الإيرانيين لارتباطهم بالبرنامج الباليستي الإيراني.
ولم يجذب الاتفاق النووي الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2016 حتى الآن الاستثمارات الأجنبية المتوقعة التي بلغت بين مليار وملياري دولار فقط، في وقت قالت الحكومة إنها تحتاج إلى 50 ملياراً في السنة لإنعاش الاقتصاد. ولايزال المستثمرون والقيمون على البنوك الدولية يبدون تردداً بسبب موقف الولايات المتحدة التي عززت منذ وصول ترامب إلى السلطة العقوبات غير المرتبطة بالبرنامج النووي، على إيران. كما إن هؤلاء يترددون أيضاً بسبب النظام الاقتصادي والمالي غير الشفاف في إيران. وستجري الانتخابات في أجواء من التوتر المتزايد مع أمريكا بدأ مع انتخاب الرئيس دونالد ترامب الذي سيكون في يوم إعلان النتائج موجوداً في السعودية. وسيكون من الصعب التكهن بنسبة المشاركة في الانتخابات أو بإمكانية إجراء دورة ثانية في 26 مايو في حال عدم حصول أحد المرشحين على 50% من الأصوات. ولا يعلق سكان الأحياء الشعبية في طهران آمالاً كبيرة على التغييرات التي قد تطرأ على حياتهم اليومية بعد الانتخابات، أياً تكن نتيجتها. وفي أحياء طهران الشعبية الأكثر تضررا من البطالة والفقر، تسود اللامبالاة حيال من سيفوز بسبب انعدام الثقة بالتغييرات التي يمكن أن يحققها الرئيس المقبل كائنا من يكون. ووجه رئيسي الاتهام لروحاني بالفساد وإساءة إدارة الاقتصاد، ورد روحاني -الذي يريد انفتاح إيران على الغرب وتخفيف القيود الاجتماعية في البلاد- باتهام رئيسي -الذي خدم في القضاء لعدة سنوات- بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
مسرحية الانتخابات
وتبقى سلطة الرئيس مهمشة في إيران، خاصة أنه لا يوجد مرشح من خارج السلطة، وكأنه من المفروض على الشعب إن يخرج رئيسه من عباءة المرشد الذي يمسك بأعلى سلطة سياسية وله الكلمة الفصل في جميع شؤون البلاد، حيث يريد النظام أحكام السلطة حول خامنئي. ومن أبرز الانتقادات الموجهة إلى النظام الانتخابي في إيران هي أنه من شروط الترشح أن يكون الشخص إيراني وشيعي وموال للجمهورية الإسلامية الإيرانية، بينما يبقى أهل السنة والأقليات القومية خارج نطاق الترشح للانتخابات. ولا شك في أن أحلام نظام "ولاية الفقيه" بعودة الإمبراطورية الفارسية ترمي بـ15 مليون مواطن تحت خط الفقر، وفي الوقت الذي تفخر فيه إيران بإنتاج صواريخ تصل لآلاف الكيلومترات فإن مواطنيها يسكنون المقابر، حيث يحول نظام الملالي 4 مليارات دولار سنوياً إلى الميليشيات والعصابات الإرهابية حول العالم، في ظل التزام طهران مع نظام بشار الأسد و"الحشد الشعبي" و"حزب الله" والحوثيين أيديولوجياً على حساب احتياجات المواطنين.