برلين - (أ ف ب): تأمل المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الخروج في اسرع وقت من الازمة السياسية التي انتجتها الانتخابات التشريعية الاخيرة في سبتمبر الماضي بسعيها الى تشكيل تحالف مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي يبقيها على رأس الحكومة. وبعد شهرين من الانتخابات التشريعية، ورغم فشل المفاوضات الشاقة مع الليبراليين والخضر، تبدو ميركل مصرة على تشكيل حكومة "سريعا جدا" من اجل تفادي اجراء انتخابات مبكرة محفوفة بالمخاطر. وجاء تراجع الحزب الاشتراكي الديمقراطي عن رفضه القاطع تشكيل "ائتلاف كبير" جديد تقوده ميركل، واستعداده للبحث في امر كان رفضه بشدة على مدى شهرين، ليبعث الامل لدى المستشارة الالمانية بامكان تشكيل حكومة. وقالت ميركل في خطاب ألقته أمام ممثلين اقليميين لحزبها، الاتحاد المسيحي الديمقراطي، في كولنغسبورن شمال شرق البلاد، إن "أوروبا تحتاج الى ألمانيا قوية (...) لذلك يُستحسن أن يكون تشكيل الحكومة سريعا جدا، ليس فقط حكومة تصرّف الاعمال". ويخشى الاتحاد الاوروبي ازمة سياسية في ألمانيا في وقت تنتظرها استحقاقات عدة وخصوصا مفاوضات بريكست. كذلك فان الازمة الالمانية تعرقل مشاريع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من اجل اصلاح منطقة اليورو.

ووجهت ميركل السبت دعوة غير مباشرة الى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي شكلت معه حكومتين من 2005 حتى 2009 ومن 2013 حتى 2017، باعتبارها ان المحادثات مع هذا الحزب يجب أن تكون "مبنية على الاحترام المتبادل"، مشددة على ضرورة التوصل الى "تسوية". ويتوقع أن يلتقي الرئيس الاشتراكي الديموقراطي فرانك فالتر شتاينماير الخميس ميركل ورئيس الاتحاد المسيحي الاجتماعي، حليف الاتحاد المسيحي الديمقراطي البافاري، هورست سيهوفر ورئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي، رئيس البرلمان الأوروبي السابق، مارتن شولتز. الا ان ميركل حاولت التقليل من اهمية اللقاء المرتقب بقولها "لا اعلم كيف ستتطور الامور في الايام المقبلة". ويبدو ان السبب في ذلك هو ان التحالف مع الاشتراكيين الديمقراطيين ليس محسوما، لان شولتز يعارضه وقد قبل به بعد ضغوط مارستها كوادر في الحزب. وفي اي حال فان اي اتفاق يتم التوصل اليه يجب ان يطرح على المحازبين للتصويت عليه وبالتالي فان النتيجة تبقى غير محسومة. ويرى العديد من الكوادر في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي مني بهزيمة كبيرة في الانتخابات التي اجريت في 24 سبتمبر، ان الحزب دفع ثمن تحالفه مع حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي. لكن ومع فشل المحادثات الشاقة بين المحافظين والليبراليين والخضر، اصبح مفتاح الخروج من الازمة السياسية وتفادي اجراء انتخابات مبكرة، غير مسبوقة في البلاد منذ انتهاء الحرب، بيد الحزب الاشتراكي الديموقراطي. ويدفع الرئيس الالماني الاشتراكيين الديمقراطيين باتجاه التوصل الى تسوية. ويصر الرئيس، وهو اشتراكي ديمقراطي ووزير خارجية سابق في حكومة ميركل، على تفادي انتخابات جديدة داعيا جميع الأحزاب إلى ابداء انفتاح. كذلك فان المستشارة، التي تقوم حكومتها منذ اكتوبر بتصريف الاعمال، تريد تفادي الانتخابات المبكرة والتي يبدو، ان جرت، ان نتائجها لن تختلف كثيرا عن نتائج انتخابات سبتمبر.

قد يكون المستفيد من الانتخابات المبكرة هو حزب "البديل من اجل المانيا" اليميني المتطرف، والذي يثير صعود شعبيته قلقا وانزعاجا، عبر استمالته مزيدا من اصوات المحافظين. وعبرت ميركل مرة جديدة عن معارضتها تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة وقالت "ارى ان الدعوة الى انتخابات جديدة خطأ كبير. لقد حصلنا على تفويض" من الناخبين. ومن شأن التحالف مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي ان يمنح المستشارة غالبية مريحة في البوندستاغ "مجلس النواب" مع 399 صوتا "245 لتحالف الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي، و153 للاشتراكيين الديمقراطيين" من اصل 709 اصوات. وكان شولتز اعلن ان الالمان رفضوا بوضوح هذين الحزبين في انتخابات 24 سبتمبر. وقد مني كل من حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي بهزيمة كبيرة في هذه الانتخابات. وكتبت صحيفة "در شبيغل" الالمانية في احدى افتتاحياتها "كلا، ليس مجددا، اربع سنوات من التحالف الكبير!"، معتبرة ان هذين الحزبين لا يملكان اي رؤية مستقبلية لالمانية.