تجاهل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة النداءات المتكررة التي دعته إلى ضبط النفس، وأعلن عزمه على توسيع تدخل تركيا العسكري في شمال سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية. وفي اليوم السابع من العملية التي تخاض تحت مسمى "غصن الزيتون" وتثير بشكل خاص قلق الولايات المتحدة، أعلن أردوغان عزمه على إرسال قواته إلى مدينة منبج السورية حيث تتمركز قوات أمريكية، وبعدها شرقا "حتى الحدود العراقية". ويستهدف الهجوم التركي في الوقت الحاضر منطقة عفرين في شمال غرب سوريا التي تعتبر معقلا لوحدات حماية الشعب الكردية. وفي حين تعتبر أنقرة هذه القوات الكردية "إرهابية"، فإنها في الوقت نفسه حليفة أساسية للولايات المتحدة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وتحاول فصائل موالية لتركيا منذ السبت خرق خطوط الأكراد في منطقة عفرين مدعومة بالطيران والمدفعية التركيين. وأمام هذا الواقع الصعب دعت منطقة الإدارة الذاتية في عفرين الخميس النظام السوري إلى التدخل لوقف الهجوم التركي. وأدت هذه العملية العسكرية إلى زيادة التوتر بين الولايات المتحدة وتركيا، ولم يهدئه الاتصال الهاتفي بين رئيسي البلدين الأربعاء.
ومن المتوقع أن تساهم تصريحات أردوغان الجمعة في صب الزيت على النار، خاصة وأنه وعد ب"تطهير" منبج التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية وتقع على بعد نحو مئة كيلومتر شرق عفرين، وتتمركز فيها مئات العناصر من الجيش الأمريكي. وقال أردوغان في خطاب ألقاه في أنقرة، إنه بعد السيطرة على عفرين "سنطهر منبج من الإرهابيين (...) بعدها نواصل كفاحنا حتى لا يبقى إرهابي حتى الحدود العراقية". - "على شفير الهاوية"- وعلق المحلل أنطوني سكينر من مكتب الاستشارات حول مناطق النزاع "فرسيك مابلكروفت"، على هذه التطورات الميدانية معتبرا أنه بعد تهديدات أردوغان بالتقدم إلى منبج "فإن المواجهة العسكرية المباشرة بين الجيش التركي والقوات الأمريكية أصبحت ممكنة"، معتبرا أن العلاقة بين الطرفين "باتت على شفير الهاوية". والخلاف في الموقف من وحدات حماية الشعب الكردية هو السبب الأساسي لتدهور العلاقة بين واشنطن وأنقرة منذ أكثر من سنة، مع العلم أنهما عضوان في الحلف الأطلسي. وخلال اتصال هاتفي الأربعاء مع أردوغان "حث ترامب تركيا على الحد من أعمالها العسكرية" ودعا إلى تجنب "اي عمل يمكن أن يتسبب بمواجهة بين القوات التركية والاميركية". واضاف أردوغان في كلمته الجمعة "البعض يطالبنا بالحاح بان نعمل على اتكون هذه العملية قصيرة الامد (...) اسمعوا ! انها لا تزال في يومها السابع. كم من الوقت استمرت العملية في افغانستان؟ كم من الوقت استمرت العملية في العراق؟" ميدانيا، وفي اليوم السابع للهجوم واصلت المدفعية التركية المنشورة على الحدود مع سوريا، قصفها على مواقع وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة عفرين، حسب ما نقلت وكالة الاناضول التركية الرسمية للانباء. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان المواجهات اوقعت منذ السبت الماضي 110 قتلى في صفوف المقاتلين العرب السوريين الموالين لتركيا، وصفوف وحدات حماية الشعب الكردية، اضافة الى مقتل 38 مدنيا غالبيتهم في قصف تركي. اما تركيا التي تؤكد انها لا تستهدف المدنيين، فقد اعلنت انها فقدت حتى الان ثلاثة جنود. - الاكراد يتطلعون الى دمشق- وامام الهجوم التركي الواسع دعا الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي للادارة الذاتية في مقاطعة عفرين عثمان الشيخ عيسى الخميس النظام السوري الى التدخل لمنع الطائرات التركية من قصف المنطقة. وقال الشيخ عيسى في تصريحات لوكالة فرانس برس في اتصال اجري معه من بيروت "إذا كان هناك من موقف حقيقي ووطني للدولة السورية، التي لديها ما لديها من امكانات، فعليها أن تقف بوجه هذا العدوان وتقول انها لن تسمح بتحليق الطائرات التركية". وشدد الشيخ عيسى على أن "عفرين جزء لا يتجزأ من الاراضي السورية وأي اعتداء عليها هو اعتداء على سيادة الدولة السورية، ولذلك ناشدناها أن تخرج عن صمتها وتبين موقفها تجاه هذا العدوان الشرس". استفادت الفصائل الكردية في شمال سوريا من انسحاب قوات النظام من شمال البلاد لبسط سيطرتها واقرار نظام ادارة ذاتية. وباستثناء اشتباكات محدودة بين الطرفين تعايشت القوات الكردية مع قوات النظام او غض كل منها النظر عن الأخرى، ما دفع فصائل معارضة للنظام الى اتهام الاكراد بالتعاون مع النظام. وامام الدعم العسكري الكبير الذي تلقته من واشنطن بسطت وحدات حماية الشعب الكردية سيطرتها على مناطق واسعة في شمال سوريا لا يشكل الاكراد غالبية فيها. ويبدو ان ما سرع العملية العسكرية التركية اعلان التحالف الدولي العزم على انشاء "قوة حدودية" من نحو ثلاثين الف عنصر، اساسها من الاكراد، تنتشر على الحدود بين سوريا وتركيا والعراق. واضافة الى الولايات المتحدة اعربت دول اخرى مثل المانيا وفرنسا اضافة الى الاتحاد الاوروبي عن القلق ازاء التدخل العسكري التركي.