* دروب "قافلة السلام" تصل واشنطن وتنطلق إلى العالم بنموذج إنساني دائم
* ابن بية: السلام والصداقة شعارنا ورسالتنا للبشرية في منتدى تعزيز السلم
تواصلت أعمال "مؤتمر واشنطن" لليوم الثاني؛ برعاية "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" وانطلقت الفعاليات بحضور المئات من القساوسة الإنجيليين والحاخامات والأئمة من أكبر أربعين مدينة أمريكية، إلى جانب نخبة من العلماء والمفكرين وممثلي الأديان في مختلف بلدان العالم في واشنطن.
وقدم الشيخ عبدالله بن بيه رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، في الجلسة الافتتاحية تصور أولياً لمرحلة ما بعد "مؤتمر واشنطن"، مؤطراً للصيغة التي يفترض أن يقوم وفقها نشاط قافلة السلام، في ضوء ما تحقق من نتائج إيجابية، واقترح مرتكزات تؤسس لانطلاق "حلف الفضول الجديد" للتحالف بين الأديان والفلسفات معاً، مون جوهر المشروع يقوم على أبعاد إنسانية على كل المستويات الأخلاقية والدينية.
وتناول الشيخ ابن بيه مقولات فلاسفة التنوير، التي أقصت الدين، واعتبرته "أفيون الشعوب"، كما فعل ماركس، أو أبعدته عن الشأن العام؛ لأنه من دون سند عقلي؛ حسبما يعتقد ديفيد هيوم، أو إحلال الدين العملي كما في دعوة كانت، الذي استبعد الأديان التوحيدية، معتبراً إياها آيدويولوجيات دوغمائية، ولا يمكن أن تكون أساساً للسلام.
وتوافق الشيخ ابن بيه مع نيتشة بأن الحضارة تمرض ولكنه شدد أن أطباؤها ليسوا الفلاسفة فقط، وإنما هم "النخبة الواعية من رجال الدين والفلاسفة والمفكرين، فعلى عواتقهم تقع المسؤولية الأخلاقية في التصدي للمنحرفين والغلاة والمتطرفين".
وجدد الشيخ ابن بيه تأكيده على تقديم السلم على العدالة.
وأكد الشيخ ابن بيه أن الغرض من "مؤتمر واشنطن" هو تحقيق الأهداف التالية:
أولاً: لتأكيد ما تم حتى الآن من ذلك العمل الرائع، الذي تمثل في إرادة التعايش السعيد، وبناء جسور الصداقة والمحبة بين رجال العائلة الإبراهيمية ونسائها، الذين آمنوا بالقيم المشتركة، وآمنوا بأن إعلاء قيمة الإنسان أهم برهان على ما يتشاركون فيه من قيم الإيمان، فنحن نهنئكم على هذا العمل، ونهنئ أنفسنا بأننا كنا شهوداً أو كنا شركاء.
ثانياً: لنتذاكر حول إمكانية تحويل النتائج الإيجابية إلى عمل دائم يؤسس لنموذج ليس فقط بين أتباع هذه الديانات، الذين نود أن ينخرطوا في هذا العمل، وأن يتأملوا في الروح التي دفعت أهله للقيام بما قاموا به، وأن يشاركوا بأفكارهم وبدعواتهم الإيمانية؛ بل أن يكون نموذجاً لكل أتباع الديانات والفلسفات.
ثالثاً: لإظهار الدين كقوة للسلام وعامل جذب بين المختلفين، وليس عامل حروب، وإثبات أن ذلك ممكن فعلاً، فديناميكية المحبة تتغلب على الكراهية، فالمحبة والسلام والصداقة، هي رسالتنا إلى البشرية، وهي شعارنا.
رابعاً: أن نوسع آفاق مبدأ التعارف والصداقة والتعايش السعيد؛ لتتحول إلى عمل إنساني ميداني؛ لمساعدة المرضى والمحتاجين؛ باعتبار ذلك من صميم موروثنا الديني. وفي هذا السياق أعلن معالي الشيخ عبدالله بن بيه عن مبادرة "إطعام الطعام" للمحتاجين من كل الأعراق والأديان، نستضيفهم على مائدة العائلة الإبراهيمية.
خامساً: أن نتحالف حلف الخير، حلف الفضول، الذي زكاه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وهو حلف مفتوح لكل الديانات والأعراق.
وأكد سام براون سفير الولايات المتحدة لحرية الأديان، أن المجتمع الإنساني بمسيس الحاجة لتعزيز ثقافة التسامح وتعزيز السلم. مشدداً الحاجة على أن تتوافق الأديان على مشروع سلام شامل يخدم البشرية.
تام سوينك
كذلك تحدث تام سوينك وزير الخارجية الفنلندي، فأكد أن ما تقوم به قافلة السلام هو في غاية الأهمية، وهو عمل مقدر عالياً من الحكومة الفنلندية، مشدداً على أن لقاء اليوم هو مصدر إلهام للقيام بالخطوة اللاحقة على مستوى تحالف الأديان. وأبدى كامل إعجابه بإعلان مراكش، الذي يركز على حقوق وكرامة الأقليات وحرية التدين على مستوى العالم. إنها خطوة جميلة. ولكن التحدي أمامنا، هو شكل المقاربة التي يفترض أن نتحدث بها إلى الآخر المختلف. فهذا ما نرجو الاهتمام به. ويرى في مؤتمر واشنطن فرصة لتشكيل إطار يعزز خطوات السلام، إن مثل هذا الكيان سيقوم "بدور جوهري في ترسيخ ثقافة التسامح؛ لأنني أعتقد أنه إذا كان الدين جزءاً من المشكلة، فهو بالتأكيد جزء من الحل".
الدكتور محمد مطر الكعبي
من جهته قال الدكتور محمد مطر الكعبي أمين عام "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" إن الأديان فاعل أساسي في تعزيز السلم، وأن تعاونها يمثل سداً منيعاً ضد ثقافة الكراهية وخطاب العنف والتطرف، وهو ما يتوجب أن تتضافر جهود عقلاء الأديان لتشييد لبنات هذا الصرح، حفظاً للإنسان والأديان والأوطان على حد سواء. وحتى يكون هذا التعاون واقعاً حقيقياً يفترض البحث عن المشترك في أفق إقامة تحالف للقيم، وحلف فضول عالمي يكون مرجعاً للعالم كله، ونموذجاً دينياً وحضارياً وإنسانياً، يثبت أن الإرادة القوية والنية الصادقة والإيمان بالسلام والجهد الفاعل، أركان هذا العمل، الذي يأوي إليه الجميع، والمظلة التي يستظل بها.
وأكد الكعبي "أن الإمارات العربية المتحدة قيادة ومجتمعاً، تعمل على أن يكون التسامح سائداً بين المجموعات الدينية والعرقية واللغوية، التي تعيش على أرضها، وما فتئت تشريعاتها ومؤسساتها الرسمية وغير الرسمية ومبادراتها الإقليمية والدولية والعالمية تؤكد توجهها في هذا الاتجاه؛ استثماراً لهذا التنوع في المنطق الديني والإنساني الذي نعتقد أنه عامل محفز على التعارف والتعايش. مشدداً على أن منتدى تعزيز السلم ماض في ترسيخ هذه الاختيارات من خلال مقارباته وأطروحاته الفكرية والعلمية والدينية المتميزة التي مكنته من أن يكون حاضراً برؤيته ومنهجه السليم وفكره الرصين ومبادراته القوية في أهم المحافل الدولية. راجياً "أن نرى حلف فضول جديد، للوئام والسلام السعيد بين الأديان، يستلهم جوهر الدين الصحيح في الديانات لتحقيق التعايش، وعمارة الأرض بقيم الخير والجمال، ونبذ الغلو والتطرف، ومسح تداعيات "الإسلامفوبيا"، وكل أشكال التنابذ الديني. ذلك الحلف، سيكون بحق يوماً مشرقاً وسعيداً في تاريخ الإنسانية.
الجلسات العامة
تلى الافتتاح عقد ثلاث جلسات تحدث فيها الشيخ حمزة يوسف هانسن نائب رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، والقس بيشوب أفرام تيندورو، والحاخام ديفيد روزن مدير معهد علاقات الأديان الدولي، والأنبا انجيلوس أسقف لندن، والقس كريس سايبل، ،الحاخام إيريك يافي، وماغي الصديقي، والدكتورة أماني لوبيس عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وآخرين.
وقال الدكتور حمزة يوسف هانسن نائب رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، نحن نسعى إلى ثقافة السلم والتسامح وتعزيز السلم المجتمعي، ولكن دعوني أصارحكم بأن لب المشكلة يتمثل بسلوك بعض رجال الدين، فهؤلاء هم الذين يشحنون بسطاء الناس بالكراهية. لذلك يتعين على هذا الملتقى أن ينشط لحث ممثلي الديانات على الانخراط بالسلم. وتحدث عن البعد الإشكالي، الذي يثير التطرف والغلو، فقال: "القرآن يميز بين الكرامة القائمة على الدين والكرامة القائمة على الأخلاق، معتبراً أن البشر كلهم أبناء آدم، أي كلهم أخوة بالضرورة، وعدم فهم هذه الحقيقة هو أساس المشاكل، ومن لا يعرف ذلك هو الذي يسبب الألم.
من جهته تحدث القس بيشوب أفرام تيندورو عن النزاع في الفلبين بين جبهة مورو الإسلامية والحكومة، مؤكداً أن النزاع هناك ليس دينياً، وإنما هناك في الواقع، مظلوميات، وأنه تحاور مع الجبهة فقالوا له: أنتم أخذت أرضنا بالقوة وجعلتموها فلبينية، فكان ردي أننا لم نُسأل كمجمع كنسي في هذه المسألة، وليس لنا خيار، وإنما نحن معكم في البحث عن حقوقكم. ولكن أحياناً تكون العقبات كبيرة لأن السياسة تدفع بالنزاع، إلى غياب أصل المشكلة، وهذا ما يتعين على الطرفين معرفته. وبخصوص تجربته الشخصية يقول إنه على يقين أن الحوار يفتح الأبواب المغلقة، وأن إعلان مراكش يشكل دفعة قوية لفتح بوابات الحوار، وأنه يتطله إلى تشكيل نموذج مؤسسي دائم لمؤتمر واشنطن يضطلع بالتصدي للكراهية والإقصاء والغلو والتطرف.
كما تحدث الحاخام ديفيد روزن مدير علاقات الأديان الدولي فقال "عندما لا نكون مخلصين للآخرين نرى بهم بشراً، أما إذا كنا محبين ومؤمنين بأهمية الآخر فسوف نراهم ملائكة. مشدداً على أن معظم النزاعات تبدأ من سوء الفهم. لذلك نحن مطالبون بالحوار مع المختلفين، فهو السبيل الوحيد للتفاهم. وهذا تدعو له اليهودية كما الإسلام، حيث ينص القرآن على أن الله جعل الناس "قبائل وشعوباً لتعارفوا".
أما الأنبا أنجيلوس أسقف لندنف ثمن مؤتمر واشنطن عالياً، معتبراً أنه يعبر عن الحالة الإنسانية والأخلاقية، التي أرادها الله للبشر. ولاحظ أن الحقوق والحريات التي نعمل من أجلها هي في الأساس حقوق الله أو قانون الله، ولذلك عندما نطالب بها كمثلين للأديان، فهي مهمة إنسانية نبيلة، تقتضي أن نتعاون من أجلها. وأكد أننا جميعاً نواجه مشكلات مع الذن يتصرفون بكراهية أو بعنف أو بتطرف، وأن الطريق الوحيد للخلاص من هذا السلوك الشائن هو الحوار. علينا أن نقدم نموذجاً حسناً للحوار. وذكر بأهمية إعلان مراكش، وكذلك وثيقة عمان. ودعا الجميع للوقوف ضد جرائم الكراهية والاضطهاد العرقي والديني أينما وقع، وضد أي فئة كانت سواء مسلمين أو مسيحيين أو يهود.
بدوره القس كريس سايبل، أكد أنه التقى الشيخ ابن بيه مرات عدة، وأنه في كل مرة يجد نفسه مع الشيخ، و"كأن صوت الله هو الذي يجمعنا". وأضاف "ما أريد أن أقوله، أن المرء عندما يعتزم فتح قلبه للآخر، فسيجد منه المثل، وحينها يكون التفاهم ممكنا. ما يعني أنه علينا أن نتذكر دائماً أن الأخوة في الله هي التي تجمعنا، فنحن جميعاً أبناء الله وعياله.
من ناحيته تحدث الحاخام إيريك يافي عن المشكلات في اليهودية، وبخاصة ما سماه ظاهرة عدم التسامح عن بعض المجموعات. مؤكداًً أنه كان مكتئباً بسبب ذلك، ولكن حالما حضر وشارك بمؤتمر واشنطن زالت هذه الكآبة، لا بل يعتق أنه أخذ جرعة تفاؤل، تحفزه على العمل الحثيث من أجل التوصل إلى تحالف بين الأديان، وأن نتصدى معاً لكل الأصوات الشاذة. وأكد أن هذه المجموعة التي تلتقي اليوم مؤهلة للقيام بهذا التحالف الإنساني الجميل. كما أكد ضرورة أن تزول الأحقاد والكراهية المتراكمة عن الماضي؛ حتى في حالة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؛ رغم قسوته، فالمؤكد هناك إسرائيليين وفلسطينيين يرغبون بالحوار والحل السلمي والتعايش بأمان. لذلك يتعين أن نقدم لهم هذا النموذج الرائع للتحالف بين الأديان. وشدد أنه لن يقبل أن يقال أن الإسلام متطرف أو عنيف، وأنه سيتصدى للمتطرفين والغوغائيين اليهود بالدرجة الأولى، و"أقول لهم انظروا إلى إعلان مراكش، وابحثوا في غوغل لتتأكدوا كيف يدين المسلمون الإرهاب والعنف والكراهية".
* ابن بية: السلام والصداقة شعارنا ورسالتنا للبشرية في منتدى تعزيز السلم
تواصلت أعمال "مؤتمر واشنطن" لليوم الثاني؛ برعاية "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" وانطلقت الفعاليات بحضور المئات من القساوسة الإنجيليين والحاخامات والأئمة من أكبر أربعين مدينة أمريكية، إلى جانب نخبة من العلماء والمفكرين وممثلي الأديان في مختلف بلدان العالم في واشنطن.
وقدم الشيخ عبدالله بن بيه رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، في الجلسة الافتتاحية تصور أولياً لمرحلة ما بعد "مؤتمر واشنطن"، مؤطراً للصيغة التي يفترض أن يقوم وفقها نشاط قافلة السلام، في ضوء ما تحقق من نتائج إيجابية، واقترح مرتكزات تؤسس لانطلاق "حلف الفضول الجديد" للتحالف بين الأديان والفلسفات معاً، مون جوهر المشروع يقوم على أبعاد إنسانية على كل المستويات الأخلاقية والدينية.
وتناول الشيخ ابن بيه مقولات فلاسفة التنوير، التي أقصت الدين، واعتبرته "أفيون الشعوب"، كما فعل ماركس، أو أبعدته عن الشأن العام؛ لأنه من دون سند عقلي؛ حسبما يعتقد ديفيد هيوم، أو إحلال الدين العملي كما في دعوة كانت، الذي استبعد الأديان التوحيدية، معتبراً إياها آيدويولوجيات دوغمائية، ولا يمكن أن تكون أساساً للسلام.
وتوافق الشيخ ابن بيه مع نيتشة بأن الحضارة تمرض ولكنه شدد أن أطباؤها ليسوا الفلاسفة فقط، وإنما هم "النخبة الواعية من رجال الدين والفلاسفة والمفكرين، فعلى عواتقهم تقع المسؤولية الأخلاقية في التصدي للمنحرفين والغلاة والمتطرفين".
وجدد الشيخ ابن بيه تأكيده على تقديم السلم على العدالة.
وأكد الشيخ ابن بيه أن الغرض من "مؤتمر واشنطن" هو تحقيق الأهداف التالية:
أولاً: لتأكيد ما تم حتى الآن من ذلك العمل الرائع، الذي تمثل في إرادة التعايش السعيد، وبناء جسور الصداقة والمحبة بين رجال العائلة الإبراهيمية ونسائها، الذين آمنوا بالقيم المشتركة، وآمنوا بأن إعلاء قيمة الإنسان أهم برهان على ما يتشاركون فيه من قيم الإيمان، فنحن نهنئكم على هذا العمل، ونهنئ أنفسنا بأننا كنا شهوداً أو كنا شركاء.
ثانياً: لنتذاكر حول إمكانية تحويل النتائج الإيجابية إلى عمل دائم يؤسس لنموذج ليس فقط بين أتباع هذه الديانات، الذين نود أن ينخرطوا في هذا العمل، وأن يتأملوا في الروح التي دفعت أهله للقيام بما قاموا به، وأن يشاركوا بأفكارهم وبدعواتهم الإيمانية؛ بل أن يكون نموذجاً لكل أتباع الديانات والفلسفات.
ثالثاً: لإظهار الدين كقوة للسلام وعامل جذب بين المختلفين، وليس عامل حروب، وإثبات أن ذلك ممكن فعلاً، فديناميكية المحبة تتغلب على الكراهية، فالمحبة والسلام والصداقة، هي رسالتنا إلى البشرية، وهي شعارنا.
رابعاً: أن نوسع آفاق مبدأ التعارف والصداقة والتعايش السعيد؛ لتتحول إلى عمل إنساني ميداني؛ لمساعدة المرضى والمحتاجين؛ باعتبار ذلك من صميم موروثنا الديني. وفي هذا السياق أعلن معالي الشيخ عبدالله بن بيه عن مبادرة "إطعام الطعام" للمحتاجين من كل الأعراق والأديان، نستضيفهم على مائدة العائلة الإبراهيمية.
خامساً: أن نتحالف حلف الخير، حلف الفضول، الذي زكاه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وهو حلف مفتوح لكل الديانات والأعراق.
وأكد سام براون سفير الولايات المتحدة لحرية الأديان، أن المجتمع الإنساني بمسيس الحاجة لتعزيز ثقافة التسامح وتعزيز السلم. مشدداً الحاجة على أن تتوافق الأديان على مشروع سلام شامل يخدم البشرية.
تام سوينك
كذلك تحدث تام سوينك وزير الخارجية الفنلندي، فأكد أن ما تقوم به قافلة السلام هو في غاية الأهمية، وهو عمل مقدر عالياً من الحكومة الفنلندية، مشدداً على أن لقاء اليوم هو مصدر إلهام للقيام بالخطوة اللاحقة على مستوى تحالف الأديان. وأبدى كامل إعجابه بإعلان مراكش، الذي يركز على حقوق وكرامة الأقليات وحرية التدين على مستوى العالم. إنها خطوة جميلة. ولكن التحدي أمامنا، هو شكل المقاربة التي يفترض أن نتحدث بها إلى الآخر المختلف. فهذا ما نرجو الاهتمام به. ويرى في مؤتمر واشنطن فرصة لتشكيل إطار يعزز خطوات السلام، إن مثل هذا الكيان سيقوم "بدور جوهري في ترسيخ ثقافة التسامح؛ لأنني أعتقد أنه إذا كان الدين جزءاً من المشكلة، فهو بالتأكيد جزء من الحل".
الدكتور محمد مطر الكعبي
من جهته قال الدكتور محمد مطر الكعبي أمين عام "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" إن الأديان فاعل أساسي في تعزيز السلم، وأن تعاونها يمثل سداً منيعاً ضد ثقافة الكراهية وخطاب العنف والتطرف، وهو ما يتوجب أن تتضافر جهود عقلاء الأديان لتشييد لبنات هذا الصرح، حفظاً للإنسان والأديان والأوطان على حد سواء. وحتى يكون هذا التعاون واقعاً حقيقياً يفترض البحث عن المشترك في أفق إقامة تحالف للقيم، وحلف فضول عالمي يكون مرجعاً للعالم كله، ونموذجاً دينياً وحضارياً وإنسانياً، يثبت أن الإرادة القوية والنية الصادقة والإيمان بالسلام والجهد الفاعل، أركان هذا العمل، الذي يأوي إليه الجميع، والمظلة التي يستظل بها.
وأكد الكعبي "أن الإمارات العربية المتحدة قيادة ومجتمعاً، تعمل على أن يكون التسامح سائداً بين المجموعات الدينية والعرقية واللغوية، التي تعيش على أرضها، وما فتئت تشريعاتها ومؤسساتها الرسمية وغير الرسمية ومبادراتها الإقليمية والدولية والعالمية تؤكد توجهها في هذا الاتجاه؛ استثماراً لهذا التنوع في المنطق الديني والإنساني الذي نعتقد أنه عامل محفز على التعارف والتعايش. مشدداً على أن منتدى تعزيز السلم ماض في ترسيخ هذه الاختيارات من خلال مقارباته وأطروحاته الفكرية والعلمية والدينية المتميزة التي مكنته من أن يكون حاضراً برؤيته ومنهجه السليم وفكره الرصين ومبادراته القوية في أهم المحافل الدولية. راجياً "أن نرى حلف فضول جديد، للوئام والسلام السعيد بين الأديان، يستلهم جوهر الدين الصحيح في الديانات لتحقيق التعايش، وعمارة الأرض بقيم الخير والجمال، ونبذ الغلو والتطرف، ومسح تداعيات "الإسلامفوبيا"، وكل أشكال التنابذ الديني. ذلك الحلف، سيكون بحق يوماً مشرقاً وسعيداً في تاريخ الإنسانية.
الجلسات العامة
تلى الافتتاح عقد ثلاث جلسات تحدث فيها الشيخ حمزة يوسف هانسن نائب رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، والقس بيشوب أفرام تيندورو، والحاخام ديفيد روزن مدير معهد علاقات الأديان الدولي، والأنبا انجيلوس أسقف لندن، والقس كريس سايبل، ،الحاخام إيريك يافي، وماغي الصديقي، والدكتورة أماني لوبيس عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وآخرين.
وقال الدكتور حمزة يوسف هانسن نائب رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، نحن نسعى إلى ثقافة السلم والتسامح وتعزيز السلم المجتمعي، ولكن دعوني أصارحكم بأن لب المشكلة يتمثل بسلوك بعض رجال الدين، فهؤلاء هم الذين يشحنون بسطاء الناس بالكراهية. لذلك يتعين على هذا الملتقى أن ينشط لحث ممثلي الديانات على الانخراط بالسلم. وتحدث عن البعد الإشكالي، الذي يثير التطرف والغلو، فقال: "القرآن يميز بين الكرامة القائمة على الدين والكرامة القائمة على الأخلاق، معتبراً أن البشر كلهم أبناء آدم، أي كلهم أخوة بالضرورة، وعدم فهم هذه الحقيقة هو أساس المشاكل، ومن لا يعرف ذلك هو الذي يسبب الألم.
من جهته تحدث القس بيشوب أفرام تيندورو عن النزاع في الفلبين بين جبهة مورو الإسلامية والحكومة، مؤكداً أن النزاع هناك ليس دينياً، وإنما هناك في الواقع، مظلوميات، وأنه تحاور مع الجبهة فقالوا له: أنتم أخذت أرضنا بالقوة وجعلتموها فلبينية، فكان ردي أننا لم نُسأل كمجمع كنسي في هذه المسألة، وليس لنا خيار، وإنما نحن معكم في البحث عن حقوقكم. ولكن أحياناً تكون العقبات كبيرة لأن السياسة تدفع بالنزاع، إلى غياب أصل المشكلة، وهذا ما يتعين على الطرفين معرفته. وبخصوص تجربته الشخصية يقول إنه على يقين أن الحوار يفتح الأبواب المغلقة، وأن إعلان مراكش يشكل دفعة قوية لفتح بوابات الحوار، وأنه يتطله إلى تشكيل نموذج مؤسسي دائم لمؤتمر واشنطن يضطلع بالتصدي للكراهية والإقصاء والغلو والتطرف.
كما تحدث الحاخام ديفيد روزن مدير علاقات الأديان الدولي فقال "عندما لا نكون مخلصين للآخرين نرى بهم بشراً، أما إذا كنا محبين ومؤمنين بأهمية الآخر فسوف نراهم ملائكة. مشدداً على أن معظم النزاعات تبدأ من سوء الفهم. لذلك نحن مطالبون بالحوار مع المختلفين، فهو السبيل الوحيد للتفاهم. وهذا تدعو له اليهودية كما الإسلام، حيث ينص القرآن على أن الله جعل الناس "قبائل وشعوباً لتعارفوا".
أما الأنبا أنجيلوس أسقف لندنف ثمن مؤتمر واشنطن عالياً، معتبراً أنه يعبر عن الحالة الإنسانية والأخلاقية، التي أرادها الله للبشر. ولاحظ أن الحقوق والحريات التي نعمل من أجلها هي في الأساس حقوق الله أو قانون الله، ولذلك عندما نطالب بها كمثلين للأديان، فهي مهمة إنسانية نبيلة، تقتضي أن نتعاون من أجلها. وأكد أننا جميعاً نواجه مشكلات مع الذن يتصرفون بكراهية أو بعنف أو بتطرف، وأن الطريق الوحيد للخلاص من هذا السلوك الشائن هو الحوار. علينا أن نقدم نموذجاً حسناً للحوار. وذكر بأهمية إعلان مراكش، وكذلك وثيقة عمان. ودعا الجميع للوقوف ضد جرائم الكراهية والاضطهاد العرقي والديني أينما وقع، وضد أي فئة كانت سواء مسلمين أو مسيحيين أو يهود.
بدوره القس كريس سايبل، أكد أنه التقى الشيخ ابن بيه مرات عدة، وأنه في كل مرة يجد نفسه مع الشيخ، و"كأن صوت الله هو الذي يجمعنا". وأضاف "ما أريد أن أقوله، أن المرء عندما يعتزم فتح قلبه للآخر، فسيجد منه المثل، وحينها يكون التفاهم ممكنا. ما يعني أنه علينا أن نتذكر دائماً أن الأخوة في الله هي التي تجمعنا، فنحن جميعاً أبناء الله وعياله.
من ناحيته تحدث الحاخام إيريك يافي عن المشكلات في اليهودية، وبخاصة ما سماه ظاهرة عدم التسامح عن بعض المجموعات. مؤكداًً أنه كان مكتئباً بسبب ذلك، ولكن حالما حضر وشارك بمؤتمر واشنطن زالت هذه الكآبة، لا بل يعتق أنه أخذ جرعة تفاؤل، تحفزه على العمل الحثيث من أجل التوصل إلى تحالف بين الأديان، وأن نتصدى معاً لكل الأصوات الشاذة. وأكد أن هذه المجموعة التي تلتقي اليوم مؤهلة للقيام بهذا التحالف الإنساني الجميل. كما أكد ضرورة أن تزول الأحقاد والكراهية المتراكمة عن الماضي؛ حتى في حالة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؛ رغم قسوته، فالمؤكد هناك إسرائيليين وفلسطينيين يرغبون بالحوار والحل السلمي والتعايش بأمان. لذلك يتعين أن نقدم لهم هذا النموذج الرائع للتحالف بين الأديان. وشدد أنه لن يقبل أن يقال أن الإسلام متطرف أو عنيف، وأنه سيتصدى للمتطرفين والغوغائيين اليهود بالدرجة الأولى، و"أقول لهم انظروا إلى إعلان مراكش، وابحثوا في غوغل لتتأكدوا كيف يدين المسلمون الإرهاب والعنف والكراهية".