كابول - (أ ف ب): قتل 37 شخصاً على الأقل بينهم كبير مصوري "وكالة فرانس برس" في أفغانستان و9 صحافيين آخرين في سلسلة اعتداءات وقعت في كابول وجنوب البلاد الاثنين.

وهزت عمليتان انتحاريتان متتاليتان العاصمة صباح الاثنين ما أسفر عن مقتل 25 شخصا بينهم رئيس قسم التصوير في مكتب وكالة فرانس برس في كابول شاه مراي. وقتل 8 صحافيين آخرين في الاعتداء الثاني الذي استهدف الإعلاميين.

وتبعهما تفجير انتحاري آخر أسفر عن مقتل 11 طفلا في ولاية قندهار الجنوبية وعملية إطلاق نار راح ضحيتها مراسل خدمة "بي بي سي" الأفغانية في ولاية خوست جنوب شرق البلاد.

وتبنى تنظيم الدولة "داعش" الاعتداءين في كابول حيث أعلن أن الهجوم الثاني استهدف "المرتدين من الأمن والإعلام وغيرهم" الذين تجمعوا لدى وقوع الانفجار الأول.

وأفادت منظمة مراسلون بلاد حدود بأن "الاعتداء الثاني استهدف الصحافة عمدا وهو الهجوم الأكثر دموية "الذي يستهدف الإعلاميين" منذ سقوط نظام طالبان في 2001".

وبعد ساعات من هجومي كابول، أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن مراسلا أفغانيا لها قتل بالرصاص الاثنين جنوب شرق أفغانستان.

وصرح مدير خدمة "بي بي سي" العالمية جيمي أنغوس في بيان "بحزن كبير نؤكد مقتل مراسل خدمة "بي بي سي" الأفغانية أحمد شاه في اعتداء وقع في وقت سابق الاثنين" في ولاية خوست المضطربة.

وأثار هجوما كابول موجة من الحزن في أوساط الصحافيين الذين قدم كثير منهم تعازيهم عبر موقع "تويتر" للزملاء والأصدقاء.

وقال المتحدث باسم شرطة كابول حشمت ستانيكزاي إن "الانتحاري تنكر كصحافي وفجر نفسه وسط الحشد" الذي ضم صحافيين.

وأكدت وزارة الداخلية الحصيلة مشيرة إلى وجود 49 شخصا بين المصابين وسط مخاوف من إمكانية ارتفاع الحصيلة.

وفي اعتداء منفصل، قتل 11 طفلا وأصيب 16 شخصا بينهم عناصر أمن أفغان وأجانب عندما فجر انتحاري سيارته المفخخة قرب قافلة في ولاية قندهار الجنوبية، بحسب ما قال مسؤولون.

ولم تعلن أي جهة بعد مسؤوليتها عن الاعتداء الثالث.

وذكرت منظمة مراسلون بلا حدود أن 9 صحافيين قتلوا في كابول بينهم مراي وزملاء له من "راديو فري يوروب" وشبكتي "تولو نيوز" و"1تي في" الأفغانيتين وغيرهم.

وانضم مراي إلى وكالة فرانس برس كسائق عام 1996، وهي السنة التي سيطرت فيها طالبان على السلطة. وبدأ يلتقط صورا على هامش ذلك لتغطية أحداث بينها الغزو الأمريكي في 2001.

وفي 2002، أصبح يعمل كمصور رسمي إلى أن أصبح مدير قسم التصوير في المكتب. وقال في نبذة تعود إلى عام 2015 "علمت نفسي التصوير ولذا فدائما أتطلع إلى تطوير ذاتي (...) والآن صوري تظهر في كل أنحاء العالم".

وأضاف "أفضل ذكرياتي هي عندما أفوز في مسابقة عبر التقاط أفضل الصور للرئيس أو غيره أو من موقع تفجير. أحب أن أكون الأول" في الموقع.

وسبق أن فقد مكتب فرانس برس في كابول صحافيا أخر هو سردار أحمد الذي قتل في مارس 2014 مع جميع أفراد عائلته باستثناء طفل في الثالثة من العمر، في اعتداء لحركة طالبان.

وكان سردار أحمد صديقا مقربا من شاه مراي الذي يترك وراءه 6 أولاد أصغرهم رضيعة عمرها بضعة أسابيع.

وقالت مديرة الأخبار في وكالة فرانس برس ميشيل ليريدون "إننا مصدومون لمقتل مصورنا شاه مراي الذي كان يشهد منذ أكثر من 15 عاما على المأساة التي حلت ببلاده. إن إدارة فرانس برس تحيي شجاعة هذا الصحافي وحسه المهني وسخاءه، وقد غطى عشرات الاعتداءات قبل أن يقع بنفسه ضحية الوحشية".

وأضافت "نقدم تعازينا إلى عائلات باقي الصحافيين الذين قتلوا في هذا الاعتداء الفظيع".

وتوالت التعازي من المسؤولين الأفغان والمحللين والصحافيين عبر موقع "تويتر".

وكتب الناطق السابق باسم وزارة الداخلية صديق صديقي "كلا، لا يمكننا أن نفقد مراي. أنا منهار".

ودانت وزارة الخارجية الفرنسية الهجوم الذي وصفته بالعمل "المشين" مشيرة إلى أن "الصحافة لا تزال تدفع ثمنا باهظا".

ووقع الهجوم الأول في كابول صباح الاثنين بقليل عند مقر أجهزة الاستخبارات عندما فجر انتحاري على متن دراجة نارية نفسه، وفق وزارة الداخلية.

وتأتي الاعتداءات بعد أيام من إطلاق عناصر طالبان عملياتهم المتزامنة مع دخول فصل الربيع في رفض واضح لدعوات قبول عرض الحكومة الأفغانية لهم بالدخول في محادثات.

وأعلنت طالبان أن عملياتها تأتي جزئيا كرد على استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجديدة في أفغانستان والتي أعلن عنها في أغسطس الماضي والتي توسع صلاحيات القوات الأمريكية لمواجهة المتمردين.

وأكد ناطق باسم طالبان لوكالة فرانس برس إن الحركة غير متورطة في هجومي كابول الاثنين. لكن مسؤولين غربيين وأفغان يشتبهون بأن شبكة حقاني المرتبطة بطالبان تساعد تنظيم الدولة "داعش"، أحيانا في شن اعتداءات.

ونشر تنظيم الدولة "داعش"، الذي كثف عملياته في كابول بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة عبر وكالته "أعماق"، صور المهاجمين الذين أعلن أنهم مسؤولون عن الهجومين.

وشهدت أفغانستان سلسلة من الاعتداءات الدامية مؤخرا بينها تفجير استهدف مركزا لتسجيل الناخبين في كابول الأسبوع الماضي راح ضحيته 60 شخصا.

وتواجه حكومة الرئيس أشرف غني ضغوطات على عدة جبهات هذا العام في وقت تستعد للانتخابات التشريعية في أكتوبر بعدما تأجلت عدة مرات. وفي هذه الأثناء، تحاول قواتها الأمنية السيطرة على الأوضاع في البلد المضطرب ومنع وقوع ضحايا مدنيين.

وأقر مسؤولون بأن الأمن يشكل مصدر قلق رئيسي بالنسبة للحكومة حيث تسيطر طالبان وغيرها من المجموعات المسلحة على أجزاء واسعة من البلاد.

ويتوقع بعض المسؤولين الغربيين والأفغان بأن يكون عام 2018 دمويا بشكل أكبر.

وقال قائد القوات الأمريكية وقوات حلف الأطلسي في أفغانستان الجنرال جون نيكولسون لشبكة "تولو" التلفزيونية الشهر الماضي إنه يتوقع أن تشن طالبان مزيدا من الاعتداءات في موسم القتال الحالي.