كراكاس - "أ ف ب": تواجه فنزويلا مزيداً من العزلة الدولية وخطر تفاقم أزمتها الاجتماعية والاقتصادية غداة فوز رئيسها نيكولاس مادورو بولاية ثانية ستبقيه في السلطة حتى 2025، وسط إدانات دولية ومقاطعة المعارضة.

وفي انتخابات ندد بها المجتمع الدولي وقاطعتها المعارضة ووصفتها بانها "احتيال"، نال مادورو "55 عاماً" 68 % من الأصوات مقابل 21.2 % لمنافسه الرئيسي هنري فالكون "56 عاماً" الذي ندد بعملية فاقدة للشرعية وطالب بانتخابات جديدة قبل نهاية العام.

ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإثنين مرسوماً ينص على فرض مزيد من العزلة الاقتصادية على النظام في فنزويلا غداة إعادة مادورو في عملية وصفتها واشنطن بانها "غير شرعية".

ويحد مرسوم ترامب من قدرة كراكاس على بيع أصول تعود إلى الدولة.

واعتبر نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس ان هذه الانتخابات "مهزلة" فيما اكد وزير الخارجية مايك بومبيو في بيان أن "الولايات المتحدة تقف إلى جانب الدول الديمقراطية دعماً للشعب الفنزويلي وستتخذ تدابير اقتصادية ودبلوماسية سريعة دعماً لاستعادة هذا الشعب ديموقراطيته".

وقاطع الانتخابات 52 % من الناخبين المسجلين وهي أعلى نسبة مقاطعة منذ اعتماد النظام الديمقراطي في 1958. وكان مادورو فاز بالرئاسة للمرة الأولى في 2013 في انتخابات تفوق فيها على مرشح المعارضة إنريكي كابريليس بلغت فيها نسبة المشاركة 79.69 %.

واتَّهم فالكون، وهو ضابط سابق في الجيش فشل في الحصول على دعم تحالف المعارضة الرئيس، الحكومة بممارسة ضغوط على الناخبين، خصوصاً مع اعتماد "النقاط الحمر"، وهي خيم أقامها الحزب الاشتراكي الحاكم ليتسجل فيها الناخبون بعد اقتراعهم الأحد للحصول على مكافأة وعدهم بها الرئيس.

كذلك ندد فالكون بالتأخر في إغلاق صناديق الاقتراع.

وفالكون منشق عن التيار التشافي "نسبة إلى الرئيس السابق هوغو تشافيز" وكان خرج من "طاولة الوحدة الديمقراطية" اكبر تحالف للمعارضة.

بدوره ندد القس الإنجيلي خافيير بيرتوتشي "48 عاماً" الذي نال 11 % من الأصوات بالانتخابات ودعا إلى إعادتها.

ورحب مادورو بتحقيق "إنجاز تاريخي" الأحد معلناً أمام مناصريه أنه "لم يحصل مرشح رئاسي قط في السابق على 68 % من التصويت الشعبي، كما لم يحقق أي مرشح تقدماً بلغ 47 نقطة على صاحب المركز الثاني"، مضيفاً "فزنا مجدداً! نحن قوة التاريخ تتحول إلى نصر دائم".

ويبدأ مادورو في يناير ولاية ثانية من 6 سنوات ووعد بالعمل على إصلاح الاقتصاد.

وبعيد صدور النتائج خرجت تظاهرات احتجاجية تخللها طرق على الأواني في أحياء كراكاس التي تشكل معقل المعارضة.

ورفضت تشيلي وبنما وكوستاريكا الاعتراف بنتائج الانتخابات.

وقال رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي إن الاقتراع لم يحترم "أدنى المعايير الديمقراطية"، مضيفاً أن مدريد ستبحث مع الاتحاد الأوروبي في "اتخاذ تدابير" و"مواصلة العمل على تخفيف معاناة الفنزويليين".

وأعلنت مجموعة ليما التي تضم 14 بلداً من دول القارة الأمريكية وجزر الكاريبي أنها استدعت سفراءها في فنزويلا احتجاجاً على نتائج الانتخابات التي قالت إنها "غير شرعية" معتبرة أن الاقتراع ""لم يلتزم المعايير الدولية لعملية ديمقراطية حرة ونزيهة وشفافة".

وكانت المجموعة كما الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي نددت بالانتخابات.

وكتب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على تويتر "الانتخابات المزورة لا تغير شيئا. يجب ان يحكم الشعب الفنزويلي هذه البلاد... انها امة لديها الكثير لتقدمه للعالم".

ويفرض الاتحاد الأوروبي وواشنطن عقوبات على غالبية المسؤولين الحكوميين الفنزويليين. والجمعة الماضي أضافت الولايات المتحدة الرجل الثاني في فنزويلا ديوسدادو كابيو إلى قائمة من سبعين مسؤولا تستهدفهم العقوبات بينهم مادورو.

وهددت الولايات المتحدة التي تستورد ثلث النفط الخام الفنزويلي بفرض حظر نفطي على البلاد. وتحظر واشنطن على الأمريكيين التعامل بالديون الفنزويلية.

وفي نوفمبر 2017 أعلنت عدة وكالات تصنيف ائتماني فنزويلا وشركة النفط الوطنية الفنزويلية في حالة تخلف عن سداد الديون.

ومنذ انهيار أسعار النفط الخام عالميا في 2014، تعاني فنزويلا، التي تبلغ عائداتها من النفط نسبة 96 % من مجمل عائدات البلاد، نقصاً في السيولة أغرقها في أزمة حادة.

ورغم امتلاكها الاحتياطي النفطي الأكبر في العالم، تواجه البلاد خطر الانهيار التام مع تحدث صندوق النقد الدولي عن تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 45 % في عهد مادورو.

ويتوقع الصندوق انكماشاً بنسبة 15 % في 2018 ومعدل تضخم قياسياً بحدود 13800 %. وتسجل القدرة الإنتاجية للنفط أدنى مستوى منذ 30 عاماً.

ويعاني الفنزويليون نقصاً حاداً في المواد الغذائية والأدوية والتغذية بالتيار الكهربائي بالإضافة إلى ارتفاع في معدلات الجريمة. وبالكاد يكفي الحد الأدنى للأجور لشراء كيلوغرام من الحليب البودرة.

ودفع ذلك مئات آلاف الفنزوليين إلى مغادرة البلاد خلال الأعوام الأخيرة.

ويقول مادورو الذي يلقى دعماً صينياً وروسيا إن الأزمة التي تشهدها البلاد ناجمة عن "حرب اقتصادية" يشنها اليمين والولايات المتحدة لإطاحته.

ويتهمه معارضوه بتقويض الديمقراطية والاستيلاء على السلطة من المجلس التشريعي الذي تهيمن عليه المعارضة بعدما حلت الجمعية التأسيسية محله وشن حملة قاسية على المعارضة. وأسفرت التظاهرات التي خرجت العام الماضي ضد حكومته واستمرت أربعة أشهر عن مقتل نحو 125 شخصاً.

ولدى إعلانه فوزه أعلن مادورو إطلاق "حوار وطني" لكن تحالف المعارضة "طاولة الوحدة الديمقراطية" أكد أنه سيدفع باتجاه إجراء انتخابات جديدة هذا العام. إلا أن هذا التحالف يشهد انقسامات داخلية كبيرة.