واشنطن - نشأت الإمام، وكالات

وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى سنغافورة الأحد قبل يومين من قمتهما التاريخية التي وصفت إعلاميا بأنها قمة "الفرصة الثمينة" التي لا تزال نتائجها غير مؤكدة، بعد عقود من انعدام الثقة والتوترات بين البلدين.

وستكون الترسانة النووية الكورية الشمالية التي كلفت بيونغ يانغ سلسلة من العقوبات الدولية على مرّ السنوات، في صلب النقاشات.

ويمكن أن تضع القمة نهاية للمواجهة النووية بين الخصمين القديمين وتحول الدولة الآسيوية المنعزلة إلى دولة صديقة للولايات المتحدة.

وسافر ترامب إلى قاعدة بايا ليبار الجوية في سنغافورة على متن طائرة إير فورس ون، وتتطلع القمة إلى التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى نزع الأسلحة النووية من أحد خصوم أمريكا الأكثر قوة وتحدياً. وكان الرئيس الأمريكي قد جاء من اجتماع عقدته مجموعة السبع في كندا زاد من توتر العلاقات التجارية العالمية.

ووصل ترامب إلى سنغافورة على متن طائرة "اير فورس وان" الرئاسية قبيل الساعة 20:30 "12,30 ت غ". وردا على سؤال عن توقعاته حول اللقاء غير المسبوق، اكتفى بالقول "جيدة جدا".

وكان في استقبال الرئيس الأمريكي "71 عاما" وزير خارجية سنغافورة الذي كان استقبل أيضا في وقت سابق زعيم كوريا الشمالية الذي يصغر ترامب بأكثر من ثلاثين عاما.

وتم نقل الزعيم الكوري الشمالي إلى وسط المدينة على متن سيارة ليموزين برفقة موكب من أكثر من 20 سيارة قبل أن يلتقي رئيس الوزراء السنغافوري لي هسين لونغ ليشكره على استضافة القمة.

وقال كيم "إذا نجحت القمة، فستدخل جهود سنغافورة التاريخ" مشيدا بـ"القرار الشجاع والمثير للإعجاب" باستضافتها.

واستقبل وزير الخارجية السنغافوري فيفيان بالاكريشنان ترامب في المطار لدى وصوله الأحد.

وردا على سؤال من أحد الصحافيين عن شعوره تجاه القمة، قال ترامب "جيد جدا".

ويلتقي ترامب وكيم الثلاثاء في سنتوسا، وهي جزيرة منتجع قبالة ميناء سنغافورة، ويعتقد المراقبون حول العالم انهما سيصنعان التاريخ، فالدولتان أعداء منذ الحرب الكورية "1950 - 1953"، ولم يلتقي قادة كوريا الشمالية والولايات المتحدة من قبل أو حتى تحدثوا عبر الهاتف.

ووصل كيم إلى مطار شانغي في سنغافورة بعد أن قضى أطول رحلة له في الخارج كرئيس للدولة، إذ لم يغادر بلاده منذ توليه منصبه في عام 2011 سوى زيارة إلى الصين والجانب الكوري الجنوبي من المنطقة الحدودية المنزوعة السلاح.

وصول كيم على متن طائرة اقترضت من الصين، والتي ظلت على مدى عقود حليف كوريا الشمالية الوحيد الرئيسي، كما استقبله بالاكريشنان.

ورافق الرئيس الكوري الشمالي عدد من كبار المسؤولين ومنهم وزير الخارجية ري يونج هو وكيم يونج تشول وهو مساعد مقرب من كيم كان له دور فعال في الدبلوماسية التي رتبت لقمة الثلاثاء.

كما شوهدت كيم يو جونغ، شقيقة كيم الصغرى، في وفده، وبرزت كصاحبة شخصية مؤثرة في قيادة بيونغ يانغ في فبراير، عندما قادت وفدا من كوريا الشمالية إلى الألعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية.

ومن بين المسؤولين الذين وصلوا مع ترامب وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون ورئيس أركان البيت الأبيض جون كيلي والسكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض سارة ساندرز.

والشهر الماضي أثار خطاب بولتون المتشدد غضب كوريا الشمالية وأخرج القمة عن مسارها. ووصف كوريا الشمالية بانها تحتاج لـ "نموذج ليبيا" في المفاوضات. حيث استسلمت ليبيا من جانب واحد برنامج أسلحتها النووية في عام 2003 ، ولكن قائدها، معمر القذافي، الذي قتل في عام 2011 من قبل المتمردين المدعومين من قبل الناتو.

وعلق ترامب الأسبوع الماضي إن نهجه للقمة عالية المخاطر مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بقوله "الأمر يتعلق بالموقف".

لكن المسؤولين السابقين في الولايات المتحدة الذين تفاوضوا مع الكوريين الشماليين يقولون إن ترامب سيحتاج إلى أكثر من الثقة بالنفس في صفقاته الخاصة لتجنب ما يمكن أن يصبح أخطاءً خطيرة. وحتى إذا لم يفعل ترامب، فليس هناك شك في أن كيم جونغ أون سوف يدرس بجد لعقد اجتماع سعى إليه الكوريون الشماليون لمدة 45 سنة.

وقال "فيكتور تشا محلل الشؤون الكورية الشيء المخيف هو أن الرئيس قد يخرج من الاجتماع ظنا منه أنه حقق نصرا ولا يدرك أنه سقط في كل مصائد كوريا الشمالية".

وفي حين اكد ترامب قبل مغادرته انه لن يحتاج فعلا إلى الاستعداد للقمة، حرصت المتحدثة باسمه ساره ساندرز على التأكيد أن الرئيس خصص خلال الرحلة وقتا "للعمل مع فريقه وقراءة وثائق وتحضير لقاءاته في سنغافورة".

ويعزز سلوك ترامب في قمة مجموعة السبع في كندا حيث سحب موافقته فجأة على البيان الختامي بتغريدة غاضبة، التساؤلات حول استراتيجيته الدبلوماسية وقدرته على إجراء مفاوضات دولية رفيعة المستوى.

لكن كبير المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض لاري كادلو أوضح أن انسحاب الرئيس الأميركي من البيان الختامي لقمة مجموعة السبع كان هدفه عدم "إظهار ضعف" قبل قمته مع كيم.

وستشهد القمة التقاط صورة مشتركة لترامب وكيم لم يكن من الممكن تخيلها منذ أشهر عندما كانا لا يزالان في خضمّ تصعيدهما الكلامي. لكن أسئلة كبيرة تطرح بشأن نتيجة هذه القمة التي سيراقبها العالم بأسره عن كثب.

وتطالب واشنطن بنزع الأسلحة النووية الكورية الشمالية "بشكل كامل ويمكن التحقق منه ولا عودة عنه" فيما تبرر بيونغ يانغ برنامجها النووي بضرورة مواجهة التهديد الأمريكي.

وتعهدت كوريا الشمالية مرات عدة بجعل شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية، لكن هذه العبارة تحمل عدة تفسيرات.

ويرى مايكل أوهانلون من معهد "بروكينغز" في واشنطن أن المسار الواقعي الوحيد هو عملية تجري "خطوة خطوة"، تتحقق حتما مع الوقت. وقال "لا يمكنني تخيّل أن رجلا، كان نظامه منذ سنوات عديدة يؤكد أنه بحاجة إلى الأسلحة النووية لضمان أمنه، سيتخلى عنها بضربة واحدة، حتى مقابل تعويضات اقتصادية كبيرة".

وتحدثت واشنطن عن احتمال التوصل إلى اتفاق مبدئي لوضع حدّ للحرب الكورية. وقد انتهت الحرب الكورية "1950-1953" بهدنة وليس بمعاهدة سلام، ما يعني أن الكوريتين لا تزالان في حال حرب.

وقبل مغادرته كندا، أعرب ترامب مرة جديدة عن تفاؤله إزاء هذه القمة التي يأمل في أن تكون علامة فارقة في عهده الرئاسي. وقال "أشعر أن كيم جونغ أون يريد أن يفعل شيئا رائعا لشعبه ولديه هذه الفرصة".

واعتبر أن القمة "فرصة فريدة (...) لن تتكرر أبدأ".

وتحدث ترامب عن احتمال دعوة الزعيم الكوري الشمالي إلى البيت الأبيض إذا كان اللقاء الأول جيدا.