واشنطن - نشأت الإمام، وكالات

يضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون اللمسات الأخيرة على تحضيراتهما عشية قمتهما التاريخية التي أعرب ترامب عن تفاؤله وحماسته لها.

وتتجه أنظار العالم بأسره إلى سنغافورة مع السؤال نفسه: هل سينجح الرئيس الأمريكي البالغ 71 عاماً الذي فاجأ الجميع بقبوله لقاء وريث سلالة كيم الذي يصغره بأكثر من ثلاثين عاماً، بدفع بيونغ يانغ إلى التخلي عن سلاحها النووي؟

وتجمع مسؤولون أمريكيون وكوريون كبار في مفاوضات اللحظات الأخيرة قبل القمة التاريخية، محاولين تسوية الخلافات قبل اجتماع القمة بين قادة الدولتين، في حين قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن موقف واشنطن "واضح ولا يتغير".

وفي نهاية يوم أمضى فيه مبعوثون من الجانبين ساعات في الحديث في قاعة مؤتمرات بفندق ريتز كارلتون، قال بومبيو إن المحادثات "تتحرك بسرعة كبيرة" مع استعداد الرئيس دونالد ترامب للقاء كيم جونغ.

وقال بومبيو إن اللقاء الذي سيكون وجهاً لوجه "سيحدد إطار العمل الجاد الذي سيتبعه".

وقال بومبيو، الذي قاد عدة جولات من المحادثات مع كوريا الشمالية في الأشهر الأخيرة، إن واشنطن لن توافق على تخفيف العقوبات الاقتصادية ضد بيونغ يانغ ما لم "نحصل على النتيجة التي نطالب بها"، نزع السلاح النووي بشكل كامل وهذا أمر لا رجعة فيه.

وأضاف بومبيو إن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم ضمانات أمنية لكوريا الشمالية "مختلفة ، وفريدة من نوعها مما كان الأمريكيون على استعداد لتقديمه في السابق". ولم يقل أو يحدد كيفية هذه الضمانات.

ورفض بومبيو القول ما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تفكر في الحد من العمليات التي تقوم بها الطائرات الأمريكية القادرة على حمل السلاح النووي حول شبه الجزيرة الكورية. كما رفض القول ما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لخفض القوات الأمريكية المتمركزة في كوريا الجنوبية.

وصباح الاثنين، نشرت صحيفة "حزب العمال" الرئيسية في كوريا الشمالية افتتاحية تؤكد على أهمية السيادة الوطنية. وقالت الصحيفة إنه يمكن تشكيل "علاقات متساوية حقيقية" بين الدول "فقط عندما يتم الحفاظ على استقلال كل بلد".

وجاء في الصحيفة "لا يمكن أن تكون هناك دول متفوقة أو أقل منزلة، وتهيمن الدول على الآخرين، وهؤلاء الذين يجبرون على الهيمنة على العالم".

وقال بومبيو إن ترامب كان "على أتم الاستعداد" للقمة. وتحدث هاتفيا الاثنين مع رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي.

وبدا الوفد الكوري الشمالي يحضر لجولة في الهواء الطلق في المدينة مساء الاثنين برفقة الرئيس كيم، حسبما قال مقربون. وأشارت التقارير إلى أن مجموعة من المسؤولين الكوريين الشماليين، بمن فيهم نو كوانغ تشول، وزير الدفاع الجديد الذي عينه كيم، قاموا بتحديد المواقع المحتملة في وقت سابق من اليوم.

إلى ذلك التقى ترامب مع مضيف القمة، رئيس وزراء سنغافورة لي هسين لونج، قبل أن يتوجه إلى اجتماع مغلق مع دبلوماسيين أمريكيين في سنغافورة". وقال ترامب لرئيس الوزراء حيث جلس الاثنان لتناول الغداء "كما تعلمون، سنعقد اجتماعًا مثيرًا". وأضاف أنه "يتوقع أن الاجتماع مع كيم يسهل العمل بشكل جيد للغاية".

في نفس الوقت، وفي فندق ريتز كارلتون التقى كبير المبعوثين الأمريكيين الأسبق لقضايا كوريا الشمالية، سونغ كيم، والذي أصبح الآن سفير واشنطن لدى الفلبين، لعدة ساعات مع تشوي سون هوي، كبير الدبلوماسيين الشماليين في الشؤون الأمريكية.

وقال مسؤول في البيت الأبيض إن هذه هي المرة السابعة التي يلتقي فيها فريقان متفاوضان قبل القمة.

ومن المتوقع أن يجتمع الزعيمان علانية الثلاثاء ويتصافحان قبل الذهاب خلف الأبواب المغلقة لعقد اجتماع واحد بينهما.

وقد خصص البيت الأبيض ساعتين لاجتماعهم، لكن مسؤولين أمريكيين قالوا إنه لا يوجد وقت محدد لإنهاء المحادثات.

بعد ذلك، من المقرر انضمام كبار المساعدين لكلا الزعيمين لإجراء محادثات موسعة. ومن المتوقع أن ينضم بومبيو، ومستشار الأمن القومي، جون بولتون، حسبما قال مسؤول في البيت الأبيض، وكذلك رئيس موظفي ترامب، جون كيلي، وماثيو بوتينغر، وهو مستشار آسيوي كبير في مجلس الأمن القومي.

وكان من المقرر أن يغادر ترامب حوالي الساعة الحادية عشرة من صباح الأربعاء، وفقا لما ذكره أشخاص مطلعون على المسألة.

ومن المقرر أن يغادر الوفد الكوري الشمالي رحلاته إلى سنغافورة بعد ظهر الثلاثاء أو صباح الأربعاء.

وكان وفد كيم قد توجه إلى سنغافورة الأحد باستخدام ثلاث طائرات. ووصل الزعيم الكوري الشمالي على متن طائرة نفاثة صينية، في حين هبطت أيضاً طائرتان سوفيتيتان كانتا برفقته في المطار.

وقال جينج شوانغ المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحفي الاثنين ان طائرة شركة طيران الصين قدمت بناء على طلب من كوريا الشمالية.

من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة السابق بان كي مون إنه بينما كان سعيدًا بآفاق الحوار بين ترامب وكيم، فقد حذر أيضًا من أن القضايا الأساسية سوف تستغرق وقتًا طويلاً لحلها.

وقال مون خلال اجتماع مع كبار مساعديه الاثنين "لا يمكن حل العلاقة بين العداء المتجذر والقضية النووية الكورية الشمالية في جلسة عمل واحدة من خلال الاجتماع بين القادة".

وأضاف مون "حتى بعد أن بدأ الزعيمان الحوار بطريقة مثيرة للاهتمام، قد نحتاج إلى عملية طويلة يمكن أن تستغرق عامًا أو عامين أو أكثر حتى لحل القضايا المعنية بشكل كامل".

وستُعقد القمة صباح الثلاثاء في فندق فخم في عاصمة البلد الآسيوي. وسيليها اجتماع يضم فريقي عمل الطرفين وغداء عمل.

ولم يكن بالامكان تخيل عقد هذه القمة قبل بضعة أشهر فقط عندما كان ترامب وكيم يتبادلان الاتهامات والإهانات.

وقبل يوم واحد من لقاء الرجلين، عمد فريق ترامب إلى إعطاء صورة مشجعة عن المفاوضات التي التزم الجانب الكوري الشمالي الصمت حيالها.

ومساء الاثنين أعلن البيت الأبيض في بيان أن "المحادثات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية تجري بشكل أسرع من المتوقع". وأضافت الرئاسة الأمريكية أن ترامب سيعقد مؤتمراً صحافياً يغادر بعده سنغافورة مساء الثلاثاء قبل يوم مما كان متوقعاً، مستبعداً كما يبدو يوماً ثانياً من المحادثات التاريخية مع الزعيم الكوري الشمالي.

وتعتبر القمة التي تُبرز على الساحة الدولية زعيم نظام منغلق للغاية تُعدّ تنقلاته خارج بلاده على أصابع اليد الواحدة، تنازلاً كبيراً من جانب الولايات المتحدة.

وأوضح الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن بوريس توكاس "منذ 25 عاماً تحاول كوريا الشمالية الحصول على لقاء مع رئيس أمريكي أثناء أدائه مهامه".

ومن المفترض أن تتمحور النقاشات حول طموحات بيونغ يانغ الذرية التي تخضع لعقوبات دولية صارمة فرضها مجلس الأمن الدولي على مرّ السنوات والأزمات.

وتحدثت وكالة أنباء كوريا الشمالية الرسمية في تقرير حول تنقلات زعيم بيونغ يانع عن بزوغ "عصر جديد"، مؤكدة أن جدول أعمال القمة سيشمل اضافة الى نزع الأسلحة النووية، "آلية للمحافظة على السلام الدائم والمستدام في شبه الجزيرة الكورية".

ورأى مسؤول أمريكي كبير في هذه الجملة "رسالة تفاؤل".

لكن المطلب الأمريكي يتركز منذ سنوات على الموقف الكوري الشمالي المتعنت.

وفي عام 1994 وبعدها في 2005، أبرمت اتفاقات لكن أيا منها لم يتمّ تطبيقه فعليا وكثفت كوريا الشمالية منذ 2006 تجاربها النووية والبالستية، حتى التصعيد الخطير العام الماضي.

ويعوّل ترامب خلال لقائه مع كيم، على حدسه ومهارات التفاوض التي يقول ان يتميز بها. وفي حين تحدثت الإدارة الأمريكية عن اتفاق تاريخي سيبرم في 12 يونيو، عملت مؤخراً على التخفيف من مستوى التوقعات مشيرة إلى بدء "عملية" غير مسبوقة.

ولا تزال بنود الاتفاق الذي يعمل على التوصل إليه هي نفسها كما كان الأمر في السابق، نزع تدريجي للأسلحة النووية مقابل دعم اقتصادي وضمانات أمنية للنظام المعزول ومعاهدة سلام تنهي رسمياً الحرب الكورية "1950 - 1953".

وصرّح الخبير في السياسة الخارجية جيفري لويس "ترامب قدم ببساطة هذه اللقاءات إلى الكوريين الشماليين من دون الحصول على أي تقدم". وأضاف "يبدو واضحاً منذ البداية أن كوريا الشمالية ليس لديها نية التخلي عن ترسانتها النووية".