الجزائر - جمال كريمي

قالت دراسة حديثة لمعهد كارنيغي الأمريكي إن روسيا، على امتداد الأعوام الخمسة عشر الماضية، عملت على استعادة نفوذها في شمال أفريقيا، لتعزيز حضورها في منطقةٍ تتفاعل، بوتيرة أكبر، مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأظهرت موسكو قدرة على انتهاز الفرص عن طريق التعاون العسكري، ودبلوماسية الطاقة، والتجارة.

وتناولت الدراسة، التي أعدتها الباحثة دالية غنام يزبك بعنوان "لحظة موسكو في المغرب العربي"، الأوجه التي تعتمدها موسكو لتعزيز هيمنتها مع ول المغربي العربي. وجاء فيها "زادت روسيا نفقاتها العسكرية في المنطقة، ولا تزال جهة جاذبة لتزويد بلدان المنطقة، لا سيما مصر والجزائر، بأسلحة لقاء أسعار معقولة. والجزائر، حليفة موسكو منذ فترة طويلة، هي من الشارين الخمسة الأوائل للأسلحة الروسية، إذ تتلقّى من روسيا أكثر من 80 في المئة من معداتها".

ونبهت الدراسة إلى أنه في العام 2016، استحوذت الجزائر على 10 بالمئة من صادرات الأسلحة الروسية، كما شهدت الفترة بين العامين 2012 و2016 زيادة بنسبة 277 في المئة في قيمة الأسلحة المباعة للجزائر، ما جعل البلد الشمال أفريقي خامس أكبر مستورد للأسلحة في العالم، وروسيا هي الجهة الأساسية الموردة له في هذا المجال. وبلغت حصة المعدات العسكرية ثلثَي التجارة بين البلدين التي ارتفعت قيمتها من 700 مليون دولار في 2007 إلى 4 مليارات دولار في 2016.

وبخصوص مصر، قالت الدراسة "تقيم مصر تعاوناً عسكرياً مهماً مع روسيا، فمنذ العام 2014، اشترت معدات عسكرية روسية بقيمة 3.5 مليارات دولار. ويناقش الطرفان راهناً تسليم معدات إضافية". ولفتت إلى أن "البلدين وقعا اتفاقاً أولياً، السنة الماضية يسمح بموجبه للطائرات العسكرية الروسية بدخول المجال الجوي المصري واستخدام القواعد العسكرية المصرية. وفي حال أبرم الاتفاق بشكلٍ نهائي، فسيكون أكبر انتشار لقوات أجنبية في شمال أفريقيا منذ السبعينيات".

وفي الجانب الاقتصادي، قالت الدراسة إن روسيا تعمل أيضاً على تحسين علاقاتها الاقتصادية مع بلدان المغرب العربي، معتبرة ليبيا خير مثال على ذلك، حيث تسعى روسيا وليبيا إلى توسيع التعاون الاقتصادي بينهما. وفي العام 2017، تضاعف حجم الأعمال التجارية بين البلدين ليصل إلى 135 مليون دولار، مقارنةً مع العام 2016، بدفع أساسي من صادرات الحبوب الروسية.

وفي الربع الأول من 2018، توسّعت قائمة المنتجات، رغم حدوث تراجع طفيف في شحنات الحبوب (التي تشكّل 47 في المئة من مجموع الصادرات الروسية إلى ليبيا). واستحوذت المعادن والمنتجات المعدنية على ثلث الصادرات الروسية، فيما بلغت حصة المنتجات الكيميائية نحو 10 في المئة من الصادرات.

وتسعى مصر، حسب الدراسة، إلى أن تكون ضمن الشركاء التجاريين العشرين الأوائل لروسيا في العالم، والمستورِدة الأكبر للمنتجات الزراعية الروسية، ومن صور ذلك، بلوغ مجموع التجارة بين البلدين 6.73 مليارات دولار، تضمنت بشكل أساسي المحروقات، والمعادن الحديدية، والحبوب. في العام نفسه، حصلت مصر على نصف وارداتها من القمح (نحو 11.2 مليون طن) من روسيا. كما ناقشت الدولتان إنشاء منطقة صناعية روسية في بور سعيد.