وجد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون نفسه في قلب العاصفة، مؤخراً، بعد أن أظهر مقطع فيديو أحد حراسه وهو يعتدي على متظاهرين في مسيرة بالعاصمة باريس، وهو ما جعل المعارضة تتحرك لإحراز مكاسب سياسية من "فضيحة الرئاسة".

وتعود جذور الأزمة إلى مطلع مايو الماضي، حين قام أليكساندر بنعلا، وهو موظف مكلف بمهمة الحراسة في ديوان ماكرون، بالاعتداء على متظاهرين ولعب دور الشرطي، متجاوزاً بذلك صلاحياته ومتصرفاً على نحو وصف بالعنيف.



وسرى الاعتقاد في البداية، أن الشخص الذي كان يرتدي خوذة وينهال على متظاهرين بالعصا مجرد عنصر عادي من قوات الأمن، لكن انتشار الصورة في المنصات الاجتماعية قاد إلى الكشف عن هويته.

وبعد أن كشفت صحيفة "لوموند" ما حصل في 18 يوليو الماضي، أعلنت النيابة العامة في اليوم الموالي فتح تحقيق أولي في شبهة "ممارسة العنف من طرف شخص مكلف بمهمة الخدمة العامة" وتجاوز الصلاحيات الممنوحة له.



ويتابع القضاء ثلاثة رجال آخرين من الأمن، على أثر تقديمهم صوراً من كاميرا المراقبة المثبتة في المنطقة التي شهدت الاعتداء لحارس الرئيس السابق.

واتهمت المعارضة الفرنسية الإليزيه بعدم اتخاذ الإجراءات الضرورية ومحاولة طمس الفضيحة بعيداً عن المحاسبة، كما قالت إن بنعلا استمر في مرافقة موكب الرئيس بعد الاعتداء.

ويقول المتهمون بالتقصير إن الرئاسة الفرنسية اكتفت في البداية بتوقيف بنعلا عن العمل بدون راتب لمدة أسبوعين فقط، وهي عقوبة رأوا أنها غير متناسبة مع ما تم القيام به، كما أن بنعلا كان يرافق الرئيس خلال مدة التوقيف المفترضة.

وتم وضع بنعلا رهن الحراسة النظرية، مؤخراً، وبدأ التحقيق معه بشأن الحادثة العنيفة والحصول على صور من نظام مراقبة، وهو ما دفع الإليزيه إلى إقالة بنعلا إثر واحدة من أخطر الأزمات التي ألمت بماكرون منذ تسلمه السلطة في مايو 2017.

وفي أول تعليق له على القضية، وصف ماكرون ما قام به حارسه بالفضيحة قائلاً إن بنعلا خيب أمله، لكنه أشاد في الوقت نفسه بما قدمه في وقت سابق أثناء أداء عمله.



وأوضح ماكرون أمام أعضاء الحكومة والأغلبية، مساء الثلاثاء، سبب عدم مسارعته إلى الحديث عن القضية، وقال إن من حقه أن يختار اللحظة الأنسب للخروج بتصريح، وأضاف أنه لا يحق لأحد أن يحدد له لحظة خروجه للكلام.

ورأى الرئيس الفرنسي أن ثمة "تهويلاً" للقضية، موضحاً أن بنعلا لم يكن موظفاً كبيراً ولا هو مطلع على "الشفرات النووية"، وأضاف ماكرون "إذا أردتم مسؤولا في هذه القضية فهو أنا".

وأشار ماكرون إلى أنه لا يليق بمن يشغل رئاسة الجمهورية الفرنسية أن يدلي بتصريح إزاء قضية ما تزال في طور الحراسة النظرية، ونبه إلى أن هناك من حاول أن يجعل الصحافة والسلطة التشريعية تحلان مكان القضاء.



وقال وزير الداخلية الفرنسي، جيرار كولومب، أثناء الاستماع إليه في جلسة برلمانية، إن الحكومة لم ترتكب خطأ في قضية بنعلا، وبيّن أن التحرك كان من مسؤولية الرئاسة وجهاز الشرطة.