زادت في الآونة الأخيرة معدلات انتحار الإيرانيين بنسبة كبيرة، الأمر الذي أرجعه محللون ومراقبون إلى سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في إيران، خاصة مع زيادة معدلات الفقر والبطالة بين أفراد المجتمع الإيراني نتيجة فشل نظام ولاية الفقيه في إدارة الدولة الإيرانية وتبديده أموال الشعب الإيراني وثروات البلاد على الإنفاق العسكري والتدخل في شؤون دول الجوار ، عن طريق دعم الإرهاب والمليشيات في دول المنطقة، بينما يحرم شعبه من أبسط إمكانيات الحياة.
ووفقا لما ذكره الكاتب والمحلل د. سالم حميد "ينتشر الانتحار داخل المجتمع الإيراني انتشاراً مرعباً، ويسيطر على شريحة الشباب في إيران غالباً بسبب اليأس، والذي كثيراً ما يعزى إلى اضطراب نفسي مثل الاكتئاب أو الهوس الاكتئابي أو إدمان الكحول أو تعاطي المخدرات. وغالباً ما تلعب المشكلات الاجتماعية في العلاقات الشخصية دوراً في ذلك، وهو ما ينتشر في المجتمع الإيراني".
وذكر أن "سوء الأوضاع في المجتمعات الإيرانية بسبب السياسات الضلالية، وانجراف الشباب إلى عالم الملذات بعد اصطدامهم بجدار القمع الدموي والاضطهاد وتكميم الأفواه من قبل الأجهزة الشرطية القمعية والمخابرات وحرس الثورة وشبكات التجسس وعصابات المافيا، مازالت معدلات الانتحار في إيران في حالة ارتفاع".
وأوضح أن "المجتمع الإيراني يعاني من مشاكل عدة، من بينها انتشار المخدرات، وفيروس نقص المناعة المكتسب "الإيدز"، وجرائم القتل، إضافة إلى ما ذكر فإن مشكلة الانتحار قد انتشرت بين طبقات المجتمع الإيراني في السنوات القليلة الماضية انتشاراً لم يكن معهوداً من قبل".
وقد أكدت تقارير رسمية حكومية، ارتفاع نسبة الانتحار في إيران إلى 66 % من عام 2011 إلى 2016.
ونشرت مواقع تابعة للمعارضة الإيرانية خبرا حول ارتفاع نسبة الانتحار في إيران جاء فيه، "بسبب الوضع المعيشي المتدهور في إيران وتفشي ظاهرة البطالة ما بين الفئآت الشبابية والطلابية ارتفعت نسبة الانتحار في الخمسة سنوات الماضية إلى 66 %".
ووفقا للإحصائيات التي حصلت عليها مصادر موثوقة من المؤسسة القضائية الإيرانية، فإن ملفات الانتحار تدل على ارتفاع مثير للقلق في حالات الانتحار في إيران.
وبحسب الإحصائيات الموثوقة والتي تتعلق بالمؤسسة القضائية، فإن حالات الانتحار في فئة النساء ارتفعت من 952 إلى 1432 حالة من عام 2011 إلى 2016، بينما ارتفعت حالات الانتحار بين الرجال من 2362 حالة إلى 3288 حالة من عام 2011 إلى 2016.
ووفقاً للإحصائيات المتعلقة بمراكز الشرطة، فإن حالات الانتحار بين الرجال والنساء ارتفعت من 2462 حالة إلى 3234 حالة، من عام 2011 إلى 2016.
يذكر أن الأزمات الاقتصادية الحادة التي تعصف بالنظام الإيراني انعكست بشكل كبير على الوضع المعيشي للشعب مما جعل الملايين من العوائل تعيش حالة تعيسة ومأساوية للغاية.
وفي وقت سابق، تداول ناشطون إيرانيون مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي يظهر هجوم جموع من المواطنين الفقراء في مدينة ميناب، جنوب إيران، على شاحنة وهي تلقي مواد غذائية فاسدة في منطقة نائية على قارع الطريق لغرض إتلافها، حيث قام هؤلاء المواطنون بنهب محتوياتها، الأمر الذي يظهر حجم الفقر المستشري في البلاد.
وانتقد مستخدمو شبكات التواصل نظام بلادهم بشدة، في معرض تعليقاتهم على الحادث، وقالوا إن هذا النظام يبدد ثروات البلاد على الإنفاق العسكري والتدخل في دعم الإرهاب والمليشيات في دول المنطقة، بينما يحرم شعبه من أبسط إمكانيات الحياة.
وتشهد إيران منذ أشهر، احتجاجات عمالية ضد تأخر الرواتب وانخفاض الأجور وتفشي البطالة والفقر بسبب الفساد المستشري في أجهزة الدولة، والتي تنعكس على المواطن العادي ومعيشته بشكل مباشر، الأمر الذي دفع بالمراقبين أن يتحدثوا عن احتمال ثورة جياع سيطلقها ملايين من المواطنين المسحوقين والمهمشين.
وكانت قضية "سكان المقابر" في العاصمة الإيرانية طهران - وهم مئات المشردين من الرجال والنساء والأطفال يعيشون داخل القبور - أحدثت ضجة قبل عدة أشهر، داخل إيران بعد ما نشرت صحف رسمية صوراً صادمة عن هؤلاء الفقراء.
وإثر انتشار تلك الصور وجه ناشطون هجوماً لاذعاً ضد المرشد الإيراني علي خامنئي، وقالوا إن نظام ولاية الفقيه ينفق المليارات من أموال الإيرانيين على تدخلاته العسكرية ودعم الإرهاب في دول المنطقة، بينما شعبه يعيش أسوأ معدلات الفقر والحرمان والتشرد.
وقبل أيام، تداول ناشطون عبر مواقع التواصل مقطعاً لمحتجين إيرانيين صودرت أموالهم من قبل مؤسسات مالية، وهم يهتفون: "اخجل يا سيد علي.. واترك الحكم"، في إشارة إلى المرشد الإيراني عليخامنئي.
ويظهر المقطع عشرات المحتجين الغاضبين وهم يتجمعون أمام معرض الصحافة في العاصمة الإيرانية طهران، وقد هتفوا ضد المرشد الإيراني محملين إياه مسؤولية انتشار الفساد والاختلاسات المالية والفقر في البلاد.
يذكر أن قوات الأمن الإيرانية قمعت خلال الأيام والأشهر الماضية عشرات الاحتجاجات في طهران وعدة محافظات لمواطنين نُهبت أموالهم من قبل مؤسسات مالية حكومية.
ويطالب المحتجون بإعادة أموالهم من قبل المؤسسات التابعة للحرس الثوري والسلطة القضائية ومؤسسات أخرى تابعة للحكومة، حيث ترفض استرجاع مبالغهم بحجة الإفلاس.
ويتهم المحتجون رئيس القضاء صادقلاريجاني بالتورط في نهب أموالهم حيث أنه متهم بامتلاك 63 حساباً شخصياً في البنوك تدر له أرباحاً بالمليارات شهرياً من فوائد الكفالات المالية للمواطنين الذين لديهم قضايا في المحاكم.
وكان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أصدر قراراً، يمنع وسائل الإعلام الحكومية ومن بينها التلفزيون الرسمي من بث احتجاجات هؤلاء المواطنين التي تقابل بقمع شديد من قبل السلطات.
وشهدت طهران، صدامات بين الشرطةالإيرانية ونحو 2000 متظاهر من مستثمري الأموال.
وكان النائب الإيراني علي وقفجي أعلن بعد موجة التظاهرات التي شهدتها طهران وبعض المدن الأخرى من قبل مستثمري الأموال الذين يطالبون المؤسسات المالية بإعادة أموالهم، أن المجلس الأعلى للأمن القومي منع بث أي تظاهرات من هذا القبيل.
وكشف النائب الإيراني عن جمع توقيعات لنحو 180 نائباً يطالبون الرئيس الإيراني حسن روحاني بالحضور إلى البرلمان الإيراني بشأن مناقشة آلية إعادة أموال المستثمرين إليهم وإجبار البنك المركزي على التعاون مع المؤسسات المالية المفلسة من أجل إعادة حقوق المواطنين.