أكد أمين عام المجلس الإسلامي العربي د. محمد علي الحسيني، من خلال منبر نداء الجمعة في بيروت، على الدور المهم الذي يضطلع به العلماء في تحصين الشباب المسلم من الانجراف والانخداع بالتيارات المتطرفة التي تفسر الآيات والأحاديث حسب أهوائها وكما يحلو لها، بل وتفسر الروايات تفسيراً سطحيّاً انفعاليّاً مزاجيّاً لا يمتّ للإسلام بشيء .
كما شدد الحسيني على ضرورة الانتباه وأخذ الحيطة والحذر من هذه التيارات الإرهابية المشبوهة في علاقاتها وارتباطاتها وانتماءاتها، حتى لا تنجرف خلف المزاعم الباطلة لهذه التيارات فتقع في حفرة الخطأ والرذيلة، داعيا العلماء أن يتحملوا مسؤولياتهم للعمل من أجل الحيلولة دون وقوعهم في الشراك المشبوهة لهذه التيارات المنحرفة .
ونبه إلى أن المشکلة الکبرى تکمن في أن بعضاً من الجهال من رؤوس الضلال والفتنة في تلك التنظيمات المتطرفة الإرهابية، يسعون للإيحاء بأن تفسيراتهم وأطروحاتهم بشأن الإسلام هي الصحيحة وأن ما يقومون به من جرائم ومجازر وأعمال عنف ودمار، إنما هي من صلب الإسلام، وهو محض کذب وافتراء وليس له أية مصداقية، لأن الإسلام أخرج العرب من حياة العنف والقسوة والعداوة والعصبية القبلية في أسوأ صورها، إلى الرفق واللين والسماحة ودماثة الأخلاق والقيم الإنسانية الراقية .
وأشار الحسيني إلى أن الرسول الأكرم (ص) بعث ليتمم مكارم الأخلاق، من خلال قوله (ص): (إنما بعثت لأتمم مکارم الأخلاق )، تلك الأخلاق هي القيم التي غرس مفاهيمها وقيمها ومبادئها الحميدة في نفوس وقلوب الآباء والأجداد، وتجسدت في الرفق ليس بإخوتهم في الدين والإنسانية فقط، وإنما الرفق بالطبيعة والأشجار والحيوانات .
وفي سياق متصل، حذر محمد علي الحسيني من التيارات المتطرفة الضالة التي تسوق للمنطق الخاطئ والمحرف لتعاليم الإسلام، وجعله أمراً واقعاً ليخدعوا به الآخرين، والمعلوم للقاصي قبل الداني أن الإسلام هو دين ( ادفع بالتي هي أحسن) و (وليعفوا وليصفحوا) و (قولوا للناس حسناً) .
وتساءل الحسيني کيف يمکن أن يدعو هذا الدين المليء بقيم السماحة أن يحرض على الکراهية والبغضاء والقسوة والدموية المفرطة مع إخوة الدين؟ في وقت حرص الإسلام على حمل البغض والقسوة لغير المسلمين، بل دعانا للتعامل الطيب معهم، وکيف يدعو لتلك القسوة والدموية المفرطة باختطاف طائرات وقتل رکابها المدنيين أو دهس المارة أو طعنهم بالمدى أو الهجوم عليهم بالفؤوس؟ هل إسلامنا لا يملك منطقاً لمخاطبة البشرية إلّا بهذه الأساليب الوحشية؟، ونفى الحسيني هذه السلوكيات الشاذة عن قيم ومبادئ الإسلام بالقول: حاشا للإسلام أن يقوم بذلك بل حاشاه من الآن إلى يوم الدين .
وختم الحسيني نداء الجمعة بالتأكيد على أن خطورة ما ينسب للإسلام من أفكار وأعمال منحرفة هو مسؤولية مزدوجة يتحمل وزرها كل من التيارات الضالة من جهة و تقصير العلماء من جهة أخرى، داعيا إلى فضح المزاعم الباطلة ودحضها والتأکيد على أن الإسلام يرفض هکذا مزاعم وحشية جملة وتفصيلاً ويدعو لمواجهتها، لأنه دين اعتدالي وسطي يدعو للمحبة والتآلف والتعاون والتواصل ليس بين أبناء العائلة الواحدة والقبيلة أو الشعب الواحد، وإنما بين الإنسانية جمعاء، لذلك حري بدول العالم، ولا سيما المبتلية بنشاطات إرهابية أن تتعاون مع رجال الدين المعتدلين بما يمکن وصفه بنشاط تثقيفي توعوي إرشادي بين أبناء الجاليات المسلمة من أجل قطع الطريق على الأفکار الضالة المتطرفة الإرهابية .