أوضحت مديرة برنامج الجغرافيا الاقتصادية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، علياء مبيض، في مقابلة بقناة، العربية، أن جولة العقوبات الأمريكية على إيران تأتي على مرحلتين: الأولى تبدأ، الإثنين، 6 أغسطس، والجولة الثانية في 4 نوفمبر.

تشتمل المرحلة الأولى من العقوبات على: عقوبات على شراء أو الاستحواذ على الدولار، عقوبات على تجارة الذهب والمعادن النفيسة الأخرى، عقوبات على تجارة المعادن مثل الصلب والألمنيوم والغرافيت والفحم، عقوبات على التعاملات المالية الكبيرة بالريال الإيراني وعلى الاحتفاظ بأموال أو حسابات خارج إيران بالريال الإيراني، عقوبات على الاستثمار في أدوات الدين الإيرانية، وعقوبات على قطاع السيارات الإيراني.

بينما تأتي الجولة العقابية أكثر صرامة لتوقف بشكل كلي أي عملية استيراد أو تصدير من إيران للمواد السلعية النفطية، وهذا ما سيسد الباب أمام أحد أهم إيرادات الاقتصاد الإيراني لجهة الصادرات النفطية الإيرانية".

وبين هاتين الجولتين، تشير مبيض، إلى أن اجتماع لجنة "الفاتف" الذي سيعقد في أكتوبر المقبل، حيث سيتم إعادة النظر بالملف الإيراني لجهة القوانين ومدى الالتزام بالمعايير الدولية لمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال.

العقوبات بين عهدي أوباما وترمب

ترى مبيض أن هناك عاملين أساسيين يختلفان عن العقوبات السابقة في عهد أوباما: أولاً يبدو أن هناك إصراراً كاملاً للولايات المتحدة الأمريكية على التشدد في تطبيق العقوبات وعدم إعطاء إعفاءات حتى لو أن هذا الأمر لم يتضح حتى الآن.

من جهة أخرى، تهدف الإدارة الأمريكية إلى إيصال الصادرات النفطية الإيرانية إلى الصفر ، وهو ما يستبعده المحللون.

ولكن برأي مبيض، فإن إيران ستفقد ما بين 700 و800 ألف برميل يومياً من صادرات الخام في الأشهر الستة الأولى للعقوبات.

وهذا ما ظهر مبكراً حتى قبل بدء العقوبات، حيث أظهرت الإحصاءات الأخيرة تراجع الإنتاج الإيراني في يونيو بنحو 100 ألف برميل يومياً، وهذا الانحدار سيستمر وفق مبيض، ويتوقف على مدى استجابة البلدان المستوردة للنفط الإيراني للضغوط الأميركية، وهنا المقصود الصين والهند بالدرجة الأولى.

وفق وجهة نظر مبيض، فإن الصين اليوم وبحسب علاقاتها مع أمريكا، من الممكن أن يكون ملف استيراد النفط الإيراني خاضعاً للتفاوض بالنسبة لحربها التجارية مع أميركا، ولو أن الصين أكدت عدم التزامها بالعقوبات.

من جهة أخرى، تشهد الأسواق على مفاوضات قائمة بين الهند والولايات المتحدة، في محاولة لإقناع الهند بعدم استيراد النفط الإيراني.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الهند تستورد من إيران بعملتي الروبي واليورو، ولكن حتى لو استمرت الهند بالاستيراد فستخضع للعقوبات التي سيبدأ تطبيقها لعدم قدرة الهند على تحويل الريال الإيراني إلى روبي أو يورو لمرورها مسبقاً عبر الدولار الأمريكي، وبالتالي سترفع التكلفة وقد تجبر الهند على إعادة حساباتها.

التأثيرات على الاقتصاد الإيراني

ولكن ماذا عن تداعيات هذه العقوبات على الاقتصاد الإيراني؟ تؤكد مبيض، أن الانعكاسات ستظهر بالدرجة الأولى في خسارة الريال الإيراني لقيمته، ما سيؤدي إلى وصول معدات التضخم إلى مستويات قياسية، وهذا ما نراه خاصة بالسلع الغذائية التي ارتفعت بنحو 10.8%، وبالتالي سيؤثر على الاستثمارات وكلفة الإنتاج، وحتماً انكماش كبير للاقتصاد الإيراني.

ولا بد من التنويه هنا بأنه خلال أعوام 2011-2012، انكمش الاقتصاد الإيراني إلى -6%.

كما أن التأثير سيظهر في ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، وصعوبة التوظيف وارتفاع أسعار النفط لنقص الإمدادات النفطية من إيران.

خطة إنقاذ مالية

وكانت وكالة بلومبيرغ ذكرت أن السلطات المالية في إيران تخطط لتنفيذ حزمة إنقاذ مالي لوقف نزيف الريال، تزامناً مع بدء سريان العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني، الإثنين.

ويأتي القرار بعد أسبوع من الاحتجاجات بسبب استمرار انهيار الريال الإيراني مقابل الدولار وتوقعات بخسائر مقبلة للاقتصاد مع تطبيق العقوبات الأمريكية.

وتحاول السلطات المالية تشديد الإجراءات على تداول الدولار، إضافة إلى محاولة السيطرة على السوق السوداء لتجارة العملة.