* انتهاء هجوم كبير لـ"داعش" في كابول

موسكو - عمار علي، (أ ف ب)

أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أنها "ترفض تصريحات السفير الأفغاني في روسيا عبد القيوم كوتشاي، حول مساعي موسكو لاستخدام حركة "طالبان" ضد مسلحي تنظيم الدولة "داعش" الإرهابي في أفغانستان"، نافية أن تكون سياسة روسيا في أفغانستان تصب في هذا الاتجاه.

وجاء في بيان نشر على موقع الخارجية الروسية "لقد أولينا الانتباه للتصريحات الأخيرة لسفير جمهورية أفغانستان في موسكو، عبدالقيوم كوتشاي، حول أن روسيا تخطط لاستخدام حركة طالبان ضد تنظيم "داعش" في أفغانستان".

وتابع البيان "من جانبنا نود التأكيد على أن تصريحات السفير الأفغاني في موسكو، لا تتفق مع الواقع وتحرف تماماً هدف سياسة روسيا على الصعيد الأفغاني، لقد ذكرنا هذا مراراً لمؤلفي هذه التلفيقات".

وأشار البيان إلى أن "وزارة الخارجية لاحظت أن كوتشاي، لطالما لجأ إلى مثل هذه التصريحات، بناء على تلميحات صريحة".

وأضاف البيان "نحن نحث على عدم الاكتراث إلى أولئك الذين لا يرغبون بالجهود التي تبذلها روسيا لدفع عملية السلام في أفغانستان وتحييد التهديدات المتطرفة والإرهابية القادمة من هذا البلد".

وكان مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى أفغانستان، زامير كابولوف، قد أكد أن ممثلي حركة "طالبان" سيشاركون في لقاء موسكو المرتقب حول أفغانستان يوم 4 سبتمبر المقبل، مشيراً إلى أن بلاده وجهت دعوات لـ12 دولة للحضور من بينها الولايات المتحدة الأمريكية.

في المقابل أعلن السفير الأفغاني لدى روسيا، عبدالقيوم كوتشاي، أن "بلاده لا تعارض مشاركة طالبان في اجتماع موسكو بشأن أفغانستان يوم 4 سبتمبر المقبل"، لكنه أوضح للصحفيين أن "روسيا تنشد استخدام حركة "طالبان" لقتال تنظيم "داعش" الإرهابي داخل أراضي أفغانستان". وأضاف السفير الأفغاني "روسيا تخشى "داعش" كثيراً، وترفض تسلل عناصر "داعش" عبر حدود أفغانستان إلى آسيا الوسطى والقوقاز، ولذلك تريد استخدام "طالبان" ضد "داعش"".

هذا وجرى إطلاق "صيغة موسكو" للمشاورات بشأن أفغانستان في فبراير 2017. واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن "هذه الصيغة تناسب أكثر الحوار المباشر بين "كابول وطالبان"". كما أعرب عن أسفه لرفض الولايات المتحدة المشاركة في المؤتمر السابق.

وتدهور الوضع في أفغانستان بشكلٍ ملحوظ بعد دخول حركة "طالبان" المتطرفة، ومسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي، في صراع مباشر فيما بينهم على النفوذ، للسيطرة على ثلاث محافظات أفغانية.

في شأن متصل، أنهت قوات الأمن الأفغانية هجوماً كبيراً استمر أكثر من 6 ساعات الثلاثاء في كابول تبناه تنظيم الدولة "داعش"، فيما لاتزال أفغانستان تنتظر رداً رسمياً من حركة طالبان على عرض وقف إطلاق النار الذي قدمه الرئيس أشرف غني.

وأطلقت 30 قذيفة هاون على العاصمة الأفغانية من "موقعين منفصلين لكن قريبين" كما أعلنت عملية "الدعم الحازم" التابعة لحلف شمال الأطلسي في أفغانستان. وأضافت في بيان أن 4 من المهاجمين قتلوا فيما استسلم 5 آخرون.

من جهته، قال الجنرال مراد علي مراد قائد حامية كابول خلال مؤتمر صحافي إن "لدينا 6 جرحى بين مدنيين وعسكريين" متحدثاً عن مقتل مهاجمين اثنين فقط.

وأشار الناطق باسم شرطة كابول حشمت ستانيكزاي إلى حصيلة مماثلة لتلك التي أوردها المسؤول العسكري. وقال "لقد انتهى الهجوم، وتم توقيف أربعة مشتبه بهم أيضاً. وأطلق نحو عشرين قذيفة هاون".

وتبنى تنظيم الدولة "داعش"، الهجوم عبر وكالة "أعماق" الدعائية الناطقة باسمه على تلغرام. وقال إن الهدف كان "المقر الرئاسي".

وسقطت القذائف أيضاً على العاصمة فيما كان الرئيس يلقي خطاب أول أيام عيد الأضحى والذي نقل مباشرة على فيسبوك. وأمكن رؤية الرئيس يتوقف عدة مرات عن الكلام فيما يُسمع دوي الانفجارات. ثم قال "هذه الأمة لن ترضخ لهذه الهجمات الصاروخية".

وكان الرئيس عرض الأحد هدنة لمدة 3 أشهر على حركة طالبان. ونفى الناطق باسم الحركة، أي ضلوع في الهجوم.

وبدأ الهجوم الساعة التاسعة صباحاً بالتوقيت المحلي "05:30 ت غ" مع سقوط عدة صواريخ على حيين في كابول انطلاقاً من مبنى في المدينة القديمة، كما أفادت عدة مصادر أمنية.

وقال مسؤولون إن اشتباكات جرت بين قوات الأمن والمسلحين وحلقت مروحية للجيش الأفغاني على علو منخفض فوق الشارع القريب من مسجد عيدكاه وسط المدينة، وأطلقت صاروخاً على موقع للمسلحين مما أدى إلى تصاعد سحابة من الغبار.

وشوهد المواطنون الذين كانوا في وقت سابق يشترون أضاحي للعيد، وهم يهرعون بحثاً عن مكان آمن فيما كانت السيارات تنحرف مسرعة في الشارع لتجنب الاشتباكات. وسمعت أصوات انفجارات وإطلاق نار فيما فرضت قوات الأمن طوقاً على المنطقة.

وتحصن المهاجمون على ما يبدو في مبنى خلف المسجد الذي كان قد دمر جزئياً في هجوم قبل عدة سنوات ويعتقد أنه لم يكن يستخدم لإقامة صلاة العيد. وشوهد تواجد أمني مكثف قرب إستاد كابول.

وأكد المتحدث باسم وزارة الداخلية نجيب دانيش أن المسلحين سيطروا على مبنى قرب المسجد.

كانت أفغانستان تنتظر الثلاثاء رد حركة طالبان على عرض وقف إطلاق النار الذي قدمه الرئيس غني مساء الأحد لمدة 3 أشهر بعد أسبوع دموي شهد خصوصاً قيام حركة طالبان بمهاجمة غزنة، المدينة الاستراتيجية الواقعة على بعد ساعتين بالسيارة عن العاصمة كابول.

وقال الرئيس الأفغاني إن مكتبه أزال "جميع العقبات" في طريق السلام مؤكداً أن الإعلان صدر عقب مشاورات أجراها مع علماء دين وأحزاب سياسية ومجموعات من المجتمع المدني.

ورحبت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بعرض الهدنة بعد 17 عاماً من الحرب.

ولم ترد طالبان على عرض غني لكنها تعهدت الإفراج عن المئات من "سجناء العدو" بمناسبة عيد الأضحى الثلاثاء، لكن دون معرفة من تقصد بالضبط.

وجاء الاقتراح بعد أسبوع شهد موجة من أعمال العنف في أفغانستان، مع اقتحام مقاتلي طالبان عاصمة ولاية غزنة وتكثيفهم العمليات ضد قوات الأمن في أنحاء البلاد، وسط تقارير رجحت مقتل مئات الأشخاص.

وقال المحلل نزار سارماشار إن قرب الصواريخ من القصر الرئاسي أثناء خطبة غني يؤكد على الثغرات الأمنية في العاصمة.

وأضاف "لو سقط أحد الصواريخ على الساحة الخلفية للقصر.. لقتل أو أصاب الرئيس".

ورجح أن هجوماً "بمثل هذا التنظيم والتعقيد، يحمل بصمات حركة طالبان"، مضيفاً أن عدم تبنيه من قبل الحركة "هو تكتيك جديد تعتمده".

كما اعتبر المحلل العسكري عتيق الله عمرخيل أن تنظيم الدولة "داعش"، "غير قادر على شن هجوم بمثل هذا التعقيد" معرباً عن اعتقاده بأن "حركة طالبان نفذته رغم أن داعش تبنته".

وجاء اقتراح وقف إطلاق النار بعد هدنة أولية في يونيو كانت الأولى منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2001 وأدى إلى الإطاحة بنظام طالبان.

وتصر حركة طالبان على إجراء محادثات مباشرة مع واشنطن وترفض التفاوض مع الحكومة الأفغانية التي تقول إنها غير شرعية.

وفي يونيو الماضي وفي مؤشر على تغير سياسة الولايات المتحدة التقى مسؤولون أمريكيون مع ممثلين من طالبان في الدوحة في يوليو.

إلا أن اليس ويلز المسؤولة في وزارة الخارجية الأمريكية صرحت الإثنين أن أي محادثات سلام مستقبلية يجب أن تشمل حكومة كابول ولن تجري مباشرة بين طالبان وواشنطن.

ورحبت كل من الولايات المتحدة وباكستان وكذلك حلف شمال الأطلسي بعرض الرئيس غني ودعوا كل الأطراف إلى إلقاء السلاح.