* هولندا أوقفت روسيين يشتبه بأنهما جاسوسان على خلفية قضية سكريبال

* المقابلة مع المتهمين في تسميم سكريبال بإنجلترا تثير ضحكاً وشكوكاً في روسيا

موسكو - عمار علي، (وكالات)

أكد ديميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أنه "لا علاقة للمشتبه بهما بقضية الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته بالرئيس بوتين وأن تصريح الرئيس حولهما لم يكن محضر مسبقا".

وقال المتحدث لقناة "روسيا 1"، "لا توجد علاقة بين بيتروف وبوشيروف مع بوتين والكرملين بالطبع".

وتابع بيسكوف "ما قاله الرئيس كان حقا قراره وكانت مفاجأة لنا، لم نكن نعرف عنها".

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن في وقت سابق، أن سلطات روسيا تعرف هوية المشتبه بهما في قضية سكريبال وطلب منهما أن يظهرا وأن يتحدثا أمام وسائل الإعلام.

ومن الجدير ذكره أن النيابة العامة البريطانية اتهمت مطلع سبتمبر الجاري اثنين من المواطنين الروس، هما ألكسندر بيتروف وروسلان بوشيروف، مشاركتهما في قضية سكريبال.

وأكدت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي أن المشتبه بهما يعملان لصالح الاستخبارات الروسية.

وبين الضحك والشكوك والدعم، انقسمت ردود الفعل في روسيا غداة مقابلة تلفزيونية مع الرجلين اللذين تتهمهما لندن بتسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته على أراضيها.

وتحدث المراقبون عن ردود غامضة قدمها روسلان بوشيروف وألكسندر بيتروف بدون إعطاء تفاصيل عن حياتهم وأنشطتهما المهنية، وإشارتهما إلى "كاتدرائية سالزبري الشهيرة" التي أرادا زيارتها إلى حد أنهما عادا ليومين على التوالي إلى المدينة التي كان سكريبال يقيم فيها.

ويبدو أن "السائحين" اللذين تتهمهما سلطات المملكة المتحدة بانهما عنصران في المخابرات العسكرية الروسية، لم ينجحوا في إقناع الصحافة الروسية غداة مقابلتهما المدوية مع قناة "روسيا اليوم" "أر تي" العامة التي يعتبرها الغرب من وسائل دعاية الرئاسة الروسية.

وبشكل برغماتي خلصت صحيفة "كومرسانت" الجمعة إلى أن المقابلة "لم تؤد إلى خفض حدة المواجهة بين روسيا والغرب"، مشيرة إلى الاتهامات البريطانية الجديدة لروسيا بـ"الكذب" وإعلان واشنطن عن سلسلة ثانية من العقوبات الاقتصادية "القاسية جدا" بحق روسيا.

ورد المتحدث باسم الكرملين دمتري بيسكوف الجمعة على الاتهامات الجديدة فأكد أن "اتهام روسيا بالكذب" أمر "عبثي" مكررا أن الرجلين "مجرد مواطنين" ولا "صلة لهما بالحكومة الروسية".

ولكن "كومرسانت" لفتت على غرار وسائل إعلام أخرى إلى أن الرجلين لم يبرزا جوزاي سفرهما ولم يقدما تفاصيل عن حياتهما الخاصة أو عملهما.

ومضت الصحيفة الاقتصادية "أر بي كي" في الاتجاه ذاته كاشفة أنها لم تعثر في سجل الشركات الروسية على شركة باسم بوشيروف وبيتروف في حين انهما قدما نفسيهما على أنهما "مستثمران صغيران" في مجال "تجارة اللياقة البدنية".

وأشارت أيضا إلى أن "السائحين" لم يتمكنا من إثبات وجودهما في كنيسة سالزبري، ولو بواسطة صورة.

وبصرف النظر عن تصريجات الرجلين، فإن ظروف المقابلة تثير شكوكا سواء لجهة الأسئلة التي لم تطرح أو كيف أن مواطنين عاديين استطاعا أن يتصلا بالهاتف الشخصي لمارغاريتا سيمونيان رئيسة تحرير قناة "أر تي" لترتيب المقابلة.

وبعد أن أشارت إلى "تهريج" اقترحت كاتبة مقالات الرأي لوليا لاتينينا تفسيرا "بسيطا جدا"، فكتبت في صحيفة نوفايا غازيتا المعارضة "في مجال الاتصال وصفة الكرملين هي ما يلي : لكل رواية للأحداث قدموا رواية مضادة".

وجمع موقع "سنوب" الإلكتروني من جهته ردود الفعل الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وحور الكثيرون صورا لبيتروف وبوشيروف متصورين حوارا بينهما بتقديمهما على أنهما ثنائي كوميدي فكاهي مع تلميحات إلى احتمال أن يكونا زوجا من المثليين، وهي فرضية أثارتها ضمنا سيمونيان أثناء المقابلة.

وإزاء هذا السيل من التعليقات الساخرة قالت المحللة السياسية تاتيانا ستانوفايا لصحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" إن المقابلة تعطي "صورة تتعارض تماما مع صورة عناصر المخابرات في أفلام جيمس بوند"، معتبرة أن الهدف هو الإقناع بانهما لا يمكن أن يكونا عميلي مخابرات روسيين.

غير أن ردود فعل بعض الروس الذين تم سؤالهم توحي بان المقابلة حققت هدفها.

وقالت الطالبة بموسكو ماريا كاميزي "أعتقد أنهما مجرد شخصين عاديين اتهما بذلك الفعل. هما تحت الصدمة وخائفان ولا يعرفان ما يفعلان".

أما المستثمر ليونيد "58 عاما"، فيعتقد أن الرجلين "قالا الحقيقة" وأن روايتهما "بسيطة وواضحة" وهو لا يصدق رواية البريطانيين للأحداث.

وردا على سؤال عن رواية الرجلين وعودتهما ليومين متتاليين إلى سالزبري، قال الموظف إيفان راسبوبوف، مبتسما إن "الروس يقومون بالكثير من الأشياء الغريبة عندما يكونون في الخارج".

لكن إن كانت مقابلة روسلان بوشيروف وألكسندر بيتروف أثارت هذا الكم من ردود الفعل والتعليقات، فهناك رجل لم يشاهدها حتى الآن. وقال دميتري بيسكوف إنه "من المستبعد" أن يكون تسنى للرئيس فلاديمير بوتين مشاهدتها.

من جهة ثانية، أوقفت السلطات الهولندية روسيين يشتبه بأنهما جاسوسان كانا يعتزمان قرصنة مختبر سويسري على ارتباط بالتحقيق في تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا، وأعادتهما إلى روسيا خلال الربيع، على ما كشفت وسائل الإعلام ومصادر رسمية.

وأوردت صحيفة "إن آر سي" الهولندية التي أجرت تحقيقا بالتعاون مع صحيفة "تاغيس أنزايغر" السويسرية أن جهاز الاستخبارات العسكرية الهولندي أوقف الرجلين في لاهاي "في وقت سابق من السنة".

وبحسب الصحيفة، فإن عميلي الاستخبارات الروسيين كانا يحملان معدات للدخول إلى الشبكة الإلكترونية لمختبرات "سبيز"، المعهد السويسري للحماية من التهديدات والمخاطر الذرية والبيولوجية والكيميائية.

وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كلفت هذا المختبر الواقع في كانتون برن تحليل عينات أخذت من سالزبري جنوب إنجلترا، حيث تعرض العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا للتسميم بواسطة غاز الأعصاب "نوفيتشوك" في مارس.

كما كان المختبر يساعد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تحقيقها حول استخدام مثل هذه الأسلحة في سوريا عند توقيف الرجلين.

وقالت المتحدثة باسم جهاز الاستخبارات السويسري إيزابيل غرابر إن "السلطات السويسرية على علم بقضية الجاسوسين الروسيين الذين عثر عليهما في لاهاي ثم طردا منها".

وأوضحت أن جهاز الاستخبارات بالتعاون مع الأجهزة الهولندية والبريطانية "ساهم في منع وقوع أعمال غير قانونية ضد هيئة سويسرية ذات أهمية كبرى" مضيفة أنه لا يسعها كشف مزيد من المعلومات حول القضية.

وكان الرجلان اللذان تعرفت عليهما السلطات السويسرية موضع تحقيق باشرته النيابة العامة في مارس 2017 "في سياق آخر".