واشنطن - (وكالات): وصل الرئيس الامريكي دونالد ترامب الخميس إلى تكساس لحشد الدعم للجدار الحدودي المثير للجدل الذي يريد أن يقيمه على الحدود مع المكسيك، معلناً عدوله عن حضور منتدى دافوس الاقتصادي الدولي المقرّر عقده نهاية الجاري وذلك في ظل عدم ظهور أي بوادر حل لأزمة الجدار التي أدّت إلى إغلاق جزئي للحكومة الامريكية.
واستخدم ترامب مدينة ماكالين في تكساس كخلفية لايصال رسالته بأنه فقط عبر وضع مزيد من العوائق عند الحدود مع المكسيك يمكن حماية الولايات المتحدة من العنف والجرائم التي يتسبب بها المهاجرون غير الشرعيين.
كما أعلن ترامب الخميس أنّه قرّر العدول عن المشاركة في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي الذي سيُعقد من 21 إلى 25 يناير الجاري بسبب الخلاف المستمرّ بينه وبين المعارضة الديمقراطية على بناء الجدار.
وكتب في تغريدة "بسبب تعنّت الديمقراطيين في ملفّ أمن الحدود والأهمية الكبرى للأمن بالنسبة إلى أمّتنا، فأنا ألغي بكل احترام رحلتي البالغة الأهمية إلى دافوس في سويسرا لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي".
وقبيل مغادرته الى تكساس انتقد ترامب بشدة أعضاء الكونغرس الديمقراطيين لرفضهم الموافقة على تخصيص 5.7 مليار دولار لبناء الجدار.
وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر مباشرة بعد الاجتماع القصير الذي عقد في البيت الأبيض إن "الرئيس نهض ورحل". وأضاف "مرة جديدة نواجه نزوة لأنه لم يحصل على ما يريد".
من جهته، كتب ترامب في تغريدة على تويتر في الوقت نفسه تقريبا "غادرت للتو اجتماعا مع تشاك "شومر" ونانسي "بيلوسي"، إنها مضيعة كاملة للوقت". وأضاف "قلت وداعا".
وغداة خطاب من مكتبه في البيت الأبيض اعتمد فيه لهجة جدية للحصول على تأييد الامريكيين بأي ثمن لمشروعه الأمني، أكد ترامب من جديد أنه لن يتراجع عن الوعد الذي قطعه في حملته.
والمفاوضات وصلت إلى طريق مسدود. فترامب يريد 5.7 مليارات دولار من أجل "حاجز فولاذي" أو جدار يمكن أن يوقف الهجرة السرية. لكن الديموقراطيين يرفضون الإفراج عن هذا المبلغ لمشروع يعتبرونه "لا أخلاقي" وغير فعال.
وفي الوقت نفسه، تبدو آثار الإغلاق الحكومي واضحة. فمنذ أكثر من أسبوعين لم تدفع أجور 800 ألف موظف. وقد اقتربت مدة الإغلاق من الرقم القياسي السابق وهو 21 يوماً وقد سجّل بين نهاية 1995 وبداية 1996 في عهد الرئيس بيل كلينتون.
واتّهمت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي الرئيس الجمهوري بأنه يركز على بناء الجدار وينسى البعد الإنساني للأزمة حول الميزانية بالنسبة للموظفين المعنيين.
وقالت "ربما يتصور أنهم يستطيعون أن يطلبوا مزيدا من الأموال من آبائهم. لكنهم لا يستطيعون فعل ذلك".
وبعد هذه المواجهة غير المعهودة داخل البيت الأبيض، تحدّث نائب الرئيس مايك بنس الذي حضر بدوره الاجتماع، إلى الصحافيين ليحاول التخفيف من التوتر الذي نجم عن انسحاب الرئيس الغاضب.
وقال بنس مبتسما إن "الرئيس دخل إلى الغرفة ووزع السكاكر". وأضاف "لا أذكر أنني سمعته يرفع صوته أو يضرب الطاولة بقبضته".
وكان ترامب أكد قبيل ذلك إثر لقاء مع أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ أنّ "الحزب متّحد جداً". وأضاف أن "الجمهوريين يريدون الأمن على الحدود (...) إنهم يريدون حاجزا فولاذيا أو جدارا اسمنتيا، لا يهمّ".
وأكّد السناتور الجمهوري عن لويزيانا جون كينيدي أن الأمور واضحة، مشيراً إلى أن الرئيس قال خلال اللقاء إنّه لا ينوي "التراجع قيد أنملة".
وفي كلمة بثتها شبكات التلفزيون الكبرى في البلاد مباشرة واستغرقت تسع دقائق، لم يقترح ترامب أي مخرج للأزمة، بل هاجم المهاجرين الذين اتهمهم بإراقة "الدم الامريكي".
وفي معركة الإعلام هذه لمعرفة من هو المسؤول الرئيسي عن شلل الإدارات، يؤكد ترامب أنه يتمتع بدعم عدد من الموظفين الذين فرض عيلهم التوقف عن العمل وبلا أجور. وقال "كثيرون يقولون +إنه أمر صعب جدا بالنسبة لي وصعب جدا على عائلتي، لكن الرئيس يتصرف كما يجب+".
وتحدث ترامب مجددا عن فرضية إعلان "حالة طوارئ" وطنية لتفعيل صلاحيات استثنائية، وهو إجراء يمكن أن يغرق البلاد في معركة سياسية قضائية غير عادية.
وأثار النجل الأكبر للرئيس الامريكي، دونالد ترامب الابن استياء شديداً عندما شبّه فاعلية الجدار الذي يريده والده بأسوار حديقة الحيوانات. وكتب دونالد جونيور على انستغرام "هل تعرفون لماذا تستمتعون بنهاركم في حديقة الحيوان؟ لأن الجدران مجدية".
والخميس حذّر رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول من أنّه إذا استمر الإغلاق الحكومي لفترة طويلة فإنّ من شأن ذلك أن يضرّ بالاقتصاد الامريكي.
وقال باول خلال اجتماع في واشنطن "إذا استمرّ الإغلاق الحكومي لفترة طويلة، فأعتقد أنّ تأثيره سيكون ملحوظاً في الإحصائيات".
لكنّ باول استدرك بالقول إنّ هذه "الإغلاقات الحكومية" التي باتت تتكرّر أكثر فأكثر في السنوات الأخيرة لا تدوم طويلاً كي يكون لها تأثير سلبي حقيقي على الاقتصاد.