باريس - لوركا خيزران

نقطة تحول دراماتيكية شهدتها تظاهرات الاسبوع الثاني عشر لحركة السترات الصفراء في مسيرة وتوجهات الحركة، إذ ترك المحتجون مطالبهم بالاصلاح الاقتصادي ورفع المستوى المعيشي، ليصبح التظاهر "ضد عنف الدولة والشرطة" بحسب متظاهرين، فيما اعتبر المحلل السياسي الفرنسي فرانك سيرغالا في تصريح لـ"الوطن" إن "العنف كان سمة بدأ بها المتظاهرون وانتقلت حاليا إلى الشرطة".

آلاف من متظاهري السترات الصفراء خرجوا في عدة مدن فرنسية، السبت، في مسيرات احتجاجية ضد عنف الشرطة، غداة قرار مجلس الدولة السماح بمواصلة استخدام "الرصاص أو الخرطوش المطاطي" من أجل ردع المحتجين، والذي يرجح أنه يتسبب بجروح خطيرة.

احتجاجات السبت شهدت أحداث عنف متبادل بين الشرطة والمحتجين وإلقاء قنابل مسيلة للدموع واستخدام الرصاص المطاطي ما أوقع لإصابات من الجانبين.

وأطلق المتظاهرون اسم"مسيرة كبرى من أجل الجرحى" لمظاهراتهم المستمرة منذ 12 أسبوعا، حيث وجهوا دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من "أجل وضع حد للقوة المفرطة التي تستخدمها الحكومة لإخماد الاحتجاجات"، لا سيما بعد إصابة جيروم رودريغز، وهو أحد قادة الاحتجاجات، بجروح خطيرة السبت الماضي.

وقبيل ظهر السبت، تجمع بضع مئات من المحتجين في ساحة في الدائرة الثانية عشرة في باريس وراء لافتة كتب عليها "لا للقنابل اليدوية والكرات الوامضة" مع صور جرحى تورمت وجوههم.

من جانبها، قالت وزارة الداخلية إنها حشدت نحو 80 ألفا من قوات الأمن، بما يشمل 5 آلاف في العاصمة باريس. كما تتابع الحكومة، التي أعلنت عن ما قيمته 10 مليار يورو من المساعدات، ونظمت نقاشا وطنيا كبيرا لتهدئة الغضب، من حجم التظاهرات.

وبدأت الاحتجاجات، التي اكتسبت اسمها من السترات الصفراء ، منتصف نوفمبر، بسبب خطط لرفع الضرائب المفروضة على الوقود، قبل أن تتحول لاحتجاجات أوسع نطاقا ضد الحكومة اجتذبت عشرات الآلاف من المتظاهرين على مستوى البلاد السبت من كل أسبوع.

وحذرت الحكومة الفرنسية الجمعة من أن الشرطة لن تتردد في استخدام بنادق الطلقات المطاطية السريعة حال جنوح المتظاهرين للعنف، بعد أن حصلت على تفويض بذلك من أرفع محكمة إدارية في البلاد.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن نحو ألف من أفراد الشرطة أصيبوا إضافة لنحو 1700 محتج منذ بداية المظاهرات.

وقال وزير الداخلية كريستوف كاستانير "صحيح أن تلك الأسلحة متوسطة القوة يمكنها أن تتسبب في إصابات، لكن في مواجهة مثيري الشغب تحتاج الشرطة للدفاع عن نفسها ضد من يهاجمون أفرادها".

من جهته قال المحلل السياسي فرانك سيرغالا لـ"الوطن" إن "العنف بدأ أولا من قبل المحتجين، والان أصبح عنفا متبادلا بين المحتجين والشرطة"، مشيرا إلى أن "صرامة الشرطة أمر ضروري لإيقاف مثيري الشغب لكن يجب التعامل بحذر لعدم تحويل العنف المضاد من الشرطة لمسألة تنتهك حقوق الكتظاهرين السلميين".

وأضاف سيرغالا أن "تداعيات قرار السماح باستخدام الرصاص المطاطي ألقت بظلالها على تزايد أعمال العنف، إلا أن الأمر سيختلف بكل تأكيد خلال الأسابيع المقبلة عندما يبدأ السلميون ينبذون مثرير الشغب والعنف".

ورغم استمرار الاحتجاجات إلا أن استطلاعات للرأي أظهرت تعافيا في شعبية ماكرون، بعد أن أطلق جلسات تشاور وحلقات نقاش في محاولة لتهدئة الاضطرابات.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "هاريس إنترأكتيف"، واستطلع رأي نحو ألف شخص الجمعة أن "شعبية ماكرون ارتفعت بأربع نقاط مئوية منذ ديسمبر ما وصل بنسبة التأييد له إلى 35 %".

وكما كان الأمر في احتجاجات الأسابيع السابقة حمل المتظاهرون أعلام فرنسا ولافتات تنتقد ماكرون لانفصاله عن الناس أو تدعو لإجراء استفتاءات بناء على مقترحات من المواطنين.

وتصدر متظاهرون أصيبوا خلال احتجاجات الأسابيع السابقة مسيرات السبت وارتدى بعضهم عصابات على أعينهم رسمت عليها علامات تصويب.