باريس - لوركا خيزران

لم تتوان إيران عن إعلان اعتقال الباحثة الفرنسية ذات الأصول الإيرانية فاريبا عادلخاه في وقت تسعى باريس جاهدةً لنزع فتيل توتر بالمنطقة والعالم، تسببت به إيران جراء مضيها ببرنامجها النووي، فيما قال ناشطون حقوقيون فرنسيون لـ"الوطن" إن "سجل إيران الحافل بانتهاك حقوق الإنسان يثير مخاوف كبيرة حول مصير الباحثة الفرنسية"، مؤكدين أن "طهران تسعى للمساومة والضغط على الغرب باعتقال مزدوجي الجنسية".

وأكدت إيران "اعتقال الباحثة الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه"، لكنها رفضت الإفصاح عن أي تفاصيل أخرى بعد يوم من طلب باريس معلومات عن القضية.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه "يشعر بالقلق إزاء اعتقال الباحثة البارزة في علوم الأنثروبولوجيا التي تبلغ من العمر 60 عاماً، وهي حادثة عقدت الجهود الفرنسية الرامية لنزع فتيل التوتر في المنطقة".

وقال المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية غلام حسين إسماعيلي في بث مباشر على الموقع الإلكتروني للسلطة القضائية "هذه السيدة المذكورة احتجزت في الآونة الأخيرة.. ولكن بسبب طبيعة القضية فهذا ليس الوقت الملائم لإعطاء أي معلومات بشأنها".

وأضاف إسماعيلي "مزيد من المعلومات الشفافة سيجري تقديمه مع تطور القضية".

وقال الموقع الإخباري "إيران - واير" نقلاً عن مصادر لم يسمها إن "الحرس الثوري اعتقل فاريبا، وهي باحثة كبيرة في جامعة سيانس بو في باريس، في يونيو الماضي".

وكانت وزارة الخارجية الفرنسية طلبت الوصول إلى فاريبا بالطريق القنصلي "دون تأخير" لكن لم يصدر على الفور أي رد علني على الطلب من إيران.

وقال الناشط الحقوقي كيفين جاكو إن "ملف إيران الحافل بانتهاك حقوق الإنسان يجب أن يثير المخاوف على حياة الباحثة الفرنسية"، داعياً الحكومة الفرنسية إلى "الضغط على إيران بقوة للإفراج عن فاريبا فوراً".

وأضاف جاكو أن "التعامل مع إيران كدولة طبيعية سيؤدي للكثير من المشاكل (...) يجب الضغط بقوة للإفراج عن مواطنينا".

من جهتها قالت الناشطة الحقوقية الفرنسية يولين فينيو لـ"الوطن" إن "طهران تتخذ من الاعتقالات وسيلة مساومة سياسية"، موضحة أن "إيران اعتادت على اعتقال مزدوجي الجنسية في محاولة للحصول على تنازلات من دول أخرى".

وطالبت فينيو الخارجية الفرنسية لـ"التحرك العاجل لإطلاق سراح العالمة الفرنسية"، مشيرة إلى أن "تاريخ إيران في حقوق الإنسان يندى له الجبين ولا نريد أن يكون مواطنونا أيضاً ضحايا بسجون خامنئي".

ويأتي اعتقال الباحثة الفرنسية الإيرانية في وقت تبذل فيه فرنسا جهودا لنزع فتيل الأزمة المتعلقة باتفاق إيران النووي الموقع في 2015 والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في العام الماضي.

وقالت فرنسا بالإضافة إلى بريطانيا وألمانيا الدولتين الأوروبيتين الأخريين الموقعتين على الاتفاق، الذي خفف عقوبات دولية كانت مفروضة على طهران مقابل قيود على برنامجها النووي، إنها تريد إنقاذه. وضغطت الدول الثلاث من أجل المزيد من الجهد الدبلوماسي لتخفيف التوترات.

وذاع صيت الباحثة الإيرانية الفرنسية فاريبا عدلخاه كعالمة بارزة وموهوبة في البحث الأنثروبولوجي في فرنسا، تشغل منصب مديرة مركز البحوث الدولية بكلية العلوم السياسية بباريس، وتتخصص في الشأن الإيراني والدراسات حول المذهب الشيعي، لم تغادر بلادها إيران كلاجئة سياسية عام 1977 بل للدراسة فرنسا، إلى أن تحصلت على شهادة دكتوراه في علم الأنتروبولوجيا، وقررت الإقامة في فرنسا وتحصلت على جنسيتها.

فاريبا عدلخاه التي تبلغ من العمر 60 عاماً، تتعاون كباحثة مستقلة مع عدة معاهد دولية مهمة، وتكتب في أبرز الدوريات العلمية مثل: مجلة "الدراسات الإيرانية" و"مجلة العالمين الإسلامي والمتوسط". وصدر لها ثلاثةُ كتبٍ تتمحور حول دور رجال الدين الشيعة وعلاقاتهم بإيران والعراق وأفغانستان، وقد قامت بزيارة هذه البلدان عدة مرات لإجراء بحوثها الميدانية.

ورغم المواقف السياسية المحايدة لهذه الباحثة، إلا أن مصادر إعلامية قالت إن "الحرس الثوري اعتقلها بتهمة التجسس، وأودعها سجن ايفين شمال طهران".

وكان صديقها وزميلها الفرنسي جون فرانسوا بايار هو من أبلغ الخارجية الفرنسية وسفارة فرنسا بطهران عن أمر اعتقالها خلال زيارتها لأسرتها في 5 يونيو الماضي، بعدما كان من المفترض أن تعود على باريس في الخامس والعشرين من الشهر الماضي.

ولحد الآن، لم تكشف السلطات الإيرانية السبب الرئيس لاعتقال هذه الباحثة ولم تعطي تفاصيل أكثر عن القضية، بل اكتفت السلطة القضائية الإيرانية بتأكيد خبر اعتقال فاريبا عدلخاه، في رد على طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من نظيره الإيراني حسن روحاني بتوضيحات حول الموضوع.