قال رئيس الوزراء التركي السابق، أحمد داود أوغلو، إن الرئيس رجب طيب أردوغان، يعاني "من تعاسة واسعة النطاق"، وإن المؤسسات التركية تضعف.

وحذر خلال حديثه لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، من "عدم رضا واسع النطاق" في حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه أردوغان، ومن إمكانية قيادة مجموعة منشقة يمكن أن تقسم الحركة السياسية المهيمنة في تركيا.

وقال أوغلو، موجهاً تحذيره إلى الرئيس أردوغان، إن انحراف حزب العدالة والتنمية عن مبادئه وقيمه الأساسية يثير غضباً عميقاً بين القاعدة الشعبية ومستوياتها العليا، مشيراً إلى أن "حزب العدالة والتنمية، تمتع ذات يوم بالعدالة والحرية وحرية الفكر وحرية التعبير، ولكن على مدى السنوات الثلاث الماضية، ما لاحظته هو أن هذه القيم الأساسية التي احترمناها طوال حياتنا جرى تجاهلها".

وأضاف داود أوغلو، رئيس الحزب السابق الذي استقال في عام 2016 بعد صراع على السلطة مع أردوغان: إن "المؤسسات التركية تضعف"، وإن التحول إلى نظام رئاسي يضع سلطات غير مسبوقة في يد أردوغان بما "يضر بالهياكل الأساسية" لتركيا.

ويعد داود أوغلو، وهو شخصية مهمة في حزب العدالة والتنمية منذ تولي الحزب السلطة في عام 2002، واحداً من اثنين من الأعضاء الأثقل وزنا الذين عبّروا علناً عن سخطهم بعد نكسة الانتخابات المؤلمة التي أدت إلى فقدان الحزب السيطرة على إسطنبول، أكبر مدينة في تركيا، بالإضافة إلى العاصمة أنقرة.

وكسر رئيس الوزراء السابق صمته في أبريل بمقال من 4000 كلمة نقد فيه الاتجاه الذي سلكه حزب العدالة والتنمية.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال علي باباجان، وزير الاقتصاد السابق، إنه يستقيل من الحزب لأن تركيا بحاجة إلى "رؤية مستقبلية جديدة".

ويمثل هذا الانتقاد من كبار المخضرمين في الحزب تحدياً غير مسبوق لأردوغان، ويواكب مع مواجهته لمشاكل اقتصادية عميقة، وتوترات متصاعدة مع الغرب.

وأثار احتمال حدوث انقسام في الحزب غضب أردوغان الذي حذر الأسبوع الماضي، قائلاً: "إن أولئك الذين يشاركون في هذا النوع من الخيانة سيدفعون ثمناً باهظاً".

وقال داود أوغلو، الذي لا يزال عضواً في حزب العدالة والتنمية، إنه لا يزال يشعر "بالمسؤولية" في محاولة إصلاح الحزب من الداخل، لكنه أضاف: "ليس لدي الكثير من الأمل". ولم يقم بتحديد جدول زمني لتشكيل حزب جديد.

وعبر الكثيرون في جبهة المعارضة التركية الحالية عن شكوك عميقة تجاه محاولة داود أوغلو اعتبار نفسه حلاً لمشاكل البلاد، بصفته المهندس الرئيس للسياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية، ويلقي الكثيرون باللوم عليه بسبب العزلة الإقليمية التي تعاني منها تركيا بعد الربيع العربي.

وفيما يواجه داود أوغلو بعض الانتقادات بأن دعوته الحاشدة تعد جوفاء، فهو نفسه أسهم في فرض قيود شديدة على حرية التعبير وحقوق الإنسان في تركيا، وحتى موعد خروجه من منصبه في عام 2016.

ودافع داود أوغلو عن سجله، حيث أصر على أنه قام بالتعبير عن مخاوفه، مراراً وتكراراً، بشأن انجراف تركيا إلى الاستبداد، وقال: "لقد دافعت عن العديد من الصحافيين. وقلت إنه يجب احترام الأفكار والحرية الفكرية".

ومن غير المرجح ألا يتأثر الليبراليون المشككون في رفضه إدانة سجن صلاح الدين دميرطاش، وهو زعيم معارض كردي أمضى ما يقرب من 3 سنوات وراء القضبان بتهمة الإرهاب.

وقال: "تم وضع دميرطاش في السجن بعد 6 أشهر من استقالتي، ولذا فأنا لست مسؤولاً عن ذلك"، مضيفاً: "إنها عملية قانونية... لا أستطيع فعل أي شيء".

وعلى الرغم من تراجع التأييد الجماهيري، ما زال أردوغان أكثر السياسيين شعبية في تركيا، حيث أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة PIAR مؤخراً أن 80% من ناخبي حزب العدالة والتنمية، لن يدعموا حزباً يؤسسه داود أوغلو على الإطلاق.

وأشار الاستطلاع إلى أن حزباً يقوده باباجان، الذي قاوم توحيد الصفوف مع داود أوغلو، سيتم النظر إليه بشكل أكثر إيجابية.

وقال داود أوغلو إن هدفه هو خلق مناخ سياسي جديد في تركيا، مضيفاً: إن "ما نحتاج إليه هو علم نفس جديد قائم على الانفتاح والشفافية والحرية والتحدث دون أي خوف".

وقال إنه تعمد فتح نقاش حول قضايا مثل الفساد والمحسوبية قائلاً: "إذا كنت أنا كرئيس وزراء سابق خائفاً، فلن يتمكن المواطنون من التحدث"، مختتماً بقوله: "إذا كنت خائفاً من الحديث والتفكير، فلن يكون هناك حل".