تبدو شجرة عيد الميلاد التي تنتصب منتصف ساحة وسط بغداد خالية من الأضواء والزينة، باستثناء صور من قتلوا على أيدي القوات الأمنية.

وقال المتظاهرون إنهم بهذه البادرة يوجهون تحية لقرار صدر مؤخرا عن مسيحيي العراق، بإلغاء احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية، احتراما لمن سقطوا في الاحتجاجات، حسب ما نقلت وكالة أسوشيتد برس.

وألغى قادة المجتمع المسيحي في العراق كافة الاحتفالات المتعلقة بعيد الميلاد، تضامنا من حركة الاحتجاج، لكن لموقفهم هذا عوامل تغوص إلى ما هو أعمق من الزينة والأنوار الساطعة.

وترددت شعارات عراق موحد لا طائفي عميقا داخل المجتمع المسيحي، الذي شعر بتضاؤل تأثيره في ظل هيمنة طائفية على مجريات الحياة السياسية التي شكلت شؤون الدولة.

كما غادر المسيحيون العراقيون البلاد بأعداد كبيرة على مر السنين عقب استهدافهم من قبل الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم داعش.

وخلال زيارة قام بها الكاردينال لويس رافائيل ساكو إلى ساحة التحرير، مركز الاحتجاج وسط بغداد، عبر بطريرك الكنيسة الكلدانية عن إعجابه بالشباب الذين كسروا حاجز الطائفية، واستعادوا الهوية الوطنية العراقية.

وقال في مقابلة: "هناك تشعر أنك عراقي. عراق جديد يولد".

وأضاف ساكو: "لا يمكننا أخلاقيا وروحيا الاحتفال في جو من التوتر.. ليس من الطبيعي الاحتفال بفرحنا وسعادتنا بينما يموت الآخرون. لا يصح هذا." ويعتبر الكلدان الطائفة المسيحية الرئيسية في العراق.

وبموجب أمر الكنيسة، ستقتصر احتفالات أعياد الميلاد على الصلوات، وسيتم التبرع بالأموال المخصصة لزخرفة الشوارع للمحتجين الجرحى، وفقا لساكو.

وأضاف: "لن يكون لدينا أي أشكال احتفالية أخرى، لا يمكننا إقامة احتفالات كبيرة بينما بلادنا في وضع حرج."

وكان عدد المسيحيين يبلغ حوالي 1.5 مليون قبل الغزو الأميركي في 2003، أي حوالي 6 بالمائة من السكان.

ويعتقد أن عدد المسيحيين اليوم في العراق أقل من ثلث هذا الرقم، على الرغم من صعوبة الحصول على تقديرات دقيقة في ضوء عدم وجود بيانات إحصائية بالعراق.

ومن ناحية أخرى قال ألبرت إلياس، 50 عاما، وهو ناشط مدني مسيحي معروف في ميدان التحرير بسبب كشك كتبه الذي يوزع فيه نسخا مجانية من الإنجيل: "إن أكثر ما نعانيه بسبب هذا النظام الطائفي هو التهميش".

وقال: "يجتمع بنا السياسيون ويخبروننا بأننا مؤهلون ومخلصون، لكننا لا نحصل على أي منصب حكومي، كي نشارك في إدارة البلاد".

وقال إلياس إن "روح الانتفاضة والمخاطر المرتبطة بالاحتجاج في الميدان تتجاوز الانتماء الديني. فكلنا نعاني الشيء ذاته. نحن نواجه نفس الأخطار. وهنا لا نعرف متى سنتعرض للهجوم".