واشنطن - (العربية نت): اختصر مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية سياسة واشنطن من العراق، قائلاً لـ"العربية.نت": "إن الولايات المتحدة ليست مستعدة لكي تطرد من العراق".
هذا الكلام الأمريكي يحمل الكثير من الأهمية، فهو يأتي في أعقاب محاولات إيرانية لدفع القوات الأمريكية خارج العراق، وكانت المحاولة الأولى عن طريق تصويت في البرلمان العراقي، ترافق مع تهديدات الميليشيات التابعة لإيران بشنّ هجمات على القوات الأمريكية المنتشرة في البلاد.
فلدى إدارة الرئيس دونالد ترامب خطة مختلفة، فهي تطبق منذ عامين سياسة الضغط القصوى على إيران، كما أنها تواجه هذا النفوذ الإيراني في كل مكان وفي كل وقت، والعراق واحد من هذه الساحات حيث يرى الأمريكيون أن عليهم "مواجهة" النفوذ الإيراني.
ولعل تلك القناعة رسخها أكثر اكتشاف الولايات المتحدة خلال أشهر التظاهرات، أن الشارع العراقي بأكثريته الكبرى لا يحبّذ الإيرانيين، كما يرفض نفوذهم ويلوم طهران على زرع مسؤولين عراقيين فاسدين في الدولة العراقية.
إلى ذلك، يلوم العراقيون طهران على التسبب بهدر أموال الدولة العراقية، وإغراق الأسواق بسلع رخيصة تسببت بضيقة اقتصادية لأصحاب الأعمال والتجار العراقيين. كما أن هناك أعداداً كبيرة من الشباب العراقي، خصوصاً في الجنوب، سقطوا فريسة المخدرات المستوردة من إيران، والتي يتم ترويجها على يد عملاء طهران، بحسب اتهامات عراقية.
وسط هذا المشهد خلال الأسابيع الماضية، سارع المسؤولون الأمريكيون منذ أسبوعين إلى التأكد من أصدقائهم ووقوف مرجعيات النفوذ إلى جانب واشنطن، وأرسلت الإدارة الأمريكية مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى دايفيد شانكر إلى أربيل، حيث اجتمع إلى زعماء كردستان العراق.
إلى ذلك، تعرف الولايات المتحدة أن القوات المسلحة العراقية هي قوة صديقة، وأن ضباط وجنود الجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب وغيرها، تريد من الأمريكيين البقاء في العراق إلى جانبهم، فيما يشعر هؤلاء الضباط والجنود أن قوات الحشد إنما هي قوة منافسة لهم، وولاء الحشد يقع خارج الحدود العراقية.
وقد كان لافتاً عدد الاتصالات التي أجراها المسؤولون الأمريكيون مع زعماء العراق خلال الأسبوعين الماضيين. كما أن لهجة البيانات الصادرة عن الإدارة الأمريكية حول هذه الاتصالات تعكس ثقة أميركية بأن واشنطن لديها "أصدقاء" في العراق.
فقد اعتبر الأمريكيون أولاً أن التصويت في مجلس النواب العراقي تشوبه عورات كبيرة، أهمها غياب المكونات الكردية والسنية عن التصويت، ثم اعتبر وزير الخارجية مايك بومبيو في بيان غير عادي "أن أي وفد يرسل إلى العراق سيخصص لمناقشة كيفية الالتزام مجدداً بالشراكة الاستراتيجية وليس لمناقشة انسحاب القوات".
وللاستقصاء حول استراتيجية أمريكا في العراق، تحدثت "العربية.نت" إلى أكثر من مصدر، لتجد أن هناك توافقاً على أن موقف الحكومة الأمريكية تجاه العراق يقوم أولاً على اعتبار "خلافة داعش" قد انتهت، لكن مخاطر عودة داعش مازالت قائمة، ولن تقبل الولايات المتحدة بترك الساحة العراقية، ولا تريد أن تسمح بعودة تنظيم متطرف وإرهابي يهدد دول المنطقة وأوروبا والولايات المتحدة.
كما تعتبر إدارة ترامب أن عودة إرهاب داعش تفتح الباب أمام استغلال الحرس الثوري الإيراني حالة الفوضى لكي يتجذّر في العراق وفي الدول الجارة.
إلى ذلك، ترى الإدارة الأمريكية أيضاً أن لديها أصدقاء في العراق، وفي مقدمهم الأكراد والقوات المسلحة العراقية وكل من يرفض النفوذ الإيراني، وتريد واشنطن البناء على تلك الصداقات للبقاء وليس للمغادرة، على أن تعمل واشنطن مع هؤلاء الأصدقاء على تطويق ومواجهة نفوذ الميليشيات التابعة لطهران.
كما تتطلع الولايات المتحدة إلى عودة العراق "الجديد" سدّاً في وجه النفوذ الإيراني، يحمي العالم العربي من تمدّد الإيرانيين، وتقوم عناصر قوة "العراق الجديد" على تثبيت الشراكة الاستراتيجية بين واشنطن وبغداد، وتشمل الأمن والاقتصاد والثقافة.
ومن اللافت جداً أن الكثير من الأمريكيين داخل الإدارة وخارجها أصبحوا على قناعة أن العراق هو "أفضل وأغلى إنجاز" لدى الأمريكيين في السنوات العشرين الماضية، فقد دفع الأمريكيون ثمناً باهظاً لإسقاط نظام صدام حسين، ثم دفعوا ثمناً آخر عندما اضطروا لإعادة الجنود في العام 2006 لمواجهة التنظيمات الإرهابية، وأعادوا الجنود مرة أخرى في العام 2014 لمواجهة داعش.
ويعتبر الأمريكيون الآن أن لديهم موطئ قدم ونفوذاً على حدود برية مع إيران ولن يتركوا هذا الموقع الاستراتيجي في وقت حاسم من المواجهة مع نظام طهران.
لعل اللافت أيضاً أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا تعمل الآن في الملف العراقي منفردة، بل إنها تعتبر أن باقي القوى الأوروبية وغالبيتها عضو في حلف شمال الأطلسي موجودة في العراق، ومن الممكن تطوير العلاقة بين تلك الدول والولايات المتحدة من جهة، والعراقيين من جهة أخرى، وبالتالي تطوير التحالف ضد داعش إلى منظومة جديدة تدعم العراق، ليخرج من دائرة النفوذ الإيراني ويصبح دولة "حليفة"، فلا يضطر بعد ذلك الرئيس الأمريكي لإبقاء آلاف الجنود الأمريكيين هناك.
{{ article.visit_count }}
هذا الكلام الأمريكي يحمل الكثير من الأهمية، فهو يأتي في أعقاب محاولات إيرانية لدفع القوات الأمريكية خارج العراق، وكانت المحاولة الأولى عن طريق تصويت في البرلمان العراقي، ترافق مع تهديدات الميليشيات التابعة لإيران بشنّ هجمات على القوات الأمريكية المنتشرة في البلاد.
فلدى إدارة الرئيس دونالد ترامب خطة مختلفة، فهي تطبق منذ عامين سياسة الضغط القصوى على إيران، كما أنها تواجه هذا النفوذ الإيراني في كل مكان وفي كل وقت، والعراق واحد من هذه الساحات حيث يرى الأمريكيون أن عليهم "مواجهة" النفوذ الإيراني.
ولعل تلك القناعة رسخها أكثر اكتشاف الولايات المتحدة خلال أشهر التظاهرات، أن الشارع العراقي بأكثريته الكبرى لا يحبّذ الإيرانيين، كما يرفض نفوذهم ويلوم طهران على زرع مسؤولين عراقيين فاسدين في الدولة العراقية.
إلى ذلك، يلوم العراقيون طهران على التسبب بهدر أموال الدولة العراقية، وإغراق الأسواق بسلع رخيصة تسببت بضيقة اقتصادية لأصحاب الأعمال والتجار العراقيين. كما أن هناك أعداداً كبيرة من الشباب العراقي، خصوصاً في الجنوب، سقطوا فريسة المخدرات المستوردة من إيران، والتي يتم ترويجها على يد عملاء طهران، بحسب اتهامات عراقية.
وسط هذا المشهد خلال الأسابيع الماضية، سارع المسؤولون الأمريكيون منذ أسبوعين إلى التأكد من أصدقائهم ووقوف مرجعيات النفوذ إلى جانب واشنطن، وأرسلت الإدارة الأمريكية مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى دايفيد شانكر إلى أربيل، حيث اجتمع إلى زعماء كردستان العراق.
إلى ذلك، تعرف الولايات المتحدة أن القوات المسلحة العراقية هي قوة صديقة، وأن ضباط وجنود الجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب وغيرها، تريد من الأمريكيين البقاء في العراق إلى جانبهم، فيما يشعر هؤلاء الضباط والجنود أن قوات الحشد إنما هي قوة منافسة لهم، وولاء الحشد يقع خارج الحدود العراقية.
وقد كان لافتاً عدد الاتصالات التي أجراها المسؤولون الأمريكيون مع زعماء العراق خلال الأسبوعين الماضيين. كما أن لهجة البيانات الصادرة عن الإدارة الأمريكية حول هذه الاتصالات تعكس ثقة أميركية بأن واشنطن لديها "أصدقاء" في العراق.
فقد اعتبر الأمريكيون أولاً أن التصويت في مجلس النواب العراقي تشوبه عورات كبيرة، أهمها غياب المكونات الكردية والسنية عن التصويت، ثم اعتبر وزير الخارجية مايك بومبيو في بيان غير عادي "أن أي وفد يرسل إلى العراق سيخصص لمناقشة كيفية الالتزام مجدداً بالشراكة الاستراتيجية وليس لمناقشة انسحاب القوات".
وللاستقصاء حول استراتيجية أمريكا في العراق، تحدثت "العربية.نت" إلى أكثر من مصدر، لتجد أن هناك توافقاً على أن موقف الحكومة الأمريكية تجاه العراق يقوم أولاً على اعتبار "خلافة داعش" قد انتهت، لكن مخاطر عودة داعش مازالت قائمة، ولن تقبل الولايات المتحدة بترك الساحة العراقية، ولا تريد أن تسمح بعودة تنظيم متطرف وإرهابي يهدد دول المنطقة وأوروبا والولايات المتحدة.
كما تعتبر إدارة ترامب أن عودة إرهاب داعش تفتح الباب أمام استغلال الحرس الثوري الإيراني حالة الفوضى لكي يتجذّر في العراق وفي الدول الجارة.
إلى ذلك، ترى الإدارة الأمريكية أيضاً أن لديها أصدقاء في العراق، وفي مقدمهم الأكراد والقوات المسلحة العراقية وكل من يرفض النفوذ الإيراني، وتريد واشنطن البناء على تلك الصداقات للبقاء وليس للمغادرة، على أن تعمل واشنطن مع هؤلاء الأصدقاء على تطويق ومواجهة نفوذ الميليشيات التابعة لطهران.
كما تتطلع الولايات المتحدة إلى عودة العراق "الجديد" سدّاً في وجه النفوذ الإيراني، يحمي العالم العربي من تمدّد الإيرانيين، وتقوم عناصر قوة "العراق الجديد" على تثبيت الشراكة الاستراتيجية بين واشنطن وبغداد، وتشمل الأمن والاقتصاد والثقافة.
ومن اللافت جداً أن الكثير من الأمريكيين داخل الإدارة وخارجها أصبحوا على قناعة أن العراق هو "أفضل وأغلى إنجاز" لدى الأمريكيين في السنوات العشرين الماضية، فقد دفع الأمريكيون ثمناً باهظاً لإسقاط نظام صدام حسين، ثم دفعوا ثمناً آخر عندما اضطروا لإعادة الجنود في العام 2006 لمواجهة التنظيمات الإرهابية، وأعادوا الجنود مرة أخرى في العام 2014 لمواجهة داعش.
ويعتبر الأمريكيون الآن أن لديهم موطئ قدم ونفوذاً على حدود برية مع إيران ولن يتركوا هذا الموقع الاستراتيجي في وقت حاسم من المواجهة مع نظام طهران.
لعل اللافت أيضاً أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا تعمل الآن في الملف العراقي منفردة، بل إنها تعتبر أن باقي القوى الأوروبية وغالبيتها عضو في حلف شمال الأطلسي موجودة في العراق، ومن الممكن تطوير العلاقة بين تلك الدول والولايات المتحدة من جهة، والعراقيين من جهة أخرى، وبالتالي تطوير التحالف ضد داعش إلى منظومة جديدة تدعم العراق، ليخرج من دائرة النفوذ الإيراني ويصبح دولة "حليفة"، فلا يضطر بعد ذلك الرئيس الأمريكي لإبقاء آلاف الجنود الأمريكيين هناك.