سكاي نيوز عربية
في خضم الأزمة التي يعيشها الاقتصاد التركي مع انهيار عملته، أعلن البنك المركزي في أنقرة، الجمعة، أنه تلقى ما قيمته 10 مليارات دولار، ضمن اتفاق تبادل عملة مع قطر، في وقت يرى الخبراء أن الأمر قطرة في محيط الاحتياجات التركية، ومشيرين إلى "مخاطر سياسية" وراء الأمر.
وحسبما أوردت وكالة "رويترز"، فقد أظهرت قائمة تحليلية للمركز المالي التابع للبنك المركزي التركي وصول مبلغ 10 مليارات دولار من قطر، وذلك ضمن اتفاق أبرم الأربعاء بين أنقرة والدوحة لمضاعفة اتفاق أبرم عام 2018 بثلاثة أمثال.
وكان الاتفاق المبرم بين الطرفين قبل عامين لتبادل العملة، ينص على مبلغ 5 مليارات دولار فقط.
لكن الاقتصاد التركي الذي تضرر كثيرا من جراء أزمة فيروس كورونا، دفع الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى الضغط على حليفة أمير قطر تميم بن حمد، من أجل رفع سقف الاتفاق.
وترسم الأرقام صورة سوداء للأوضاع الاقتصادية في تركيا، إذ بلغت الليرة أدنى مستوى لها على الإطلاق هذا الشهر بواقع 7.2 ليرات مقابل الدولار الواحد، مقارنة بثلاثة ليرات مقابل الدولار في سبتمبر 2016.
ورغم حديث المسؤولين الأتراك عن صعود الليرة المتواصل في الأيام الأخيرة، فإنها في وضع صعب للغاية.
وفقدت الليرة 14 في المئة من قيمتها أمام الدولار هذا العالم، وسط توقعات بأن يصل إجمالي الهبوط إلى 18 بالمئة خلال العام الجاري، أي 8 ليرات مقابل الدولار.
وفقد البنك المركزي التركي أكثر من احتياطي العملات الأجنبية لدعم قيمة الليرة، وهناك 168 مليار دولار من الديون الأجنبية خلال الـ12 شهرا الأخيرة، مما يعني أن أثر الاتفاق مع الدوحة سيكون محدودا.
لذلك، تتوسل تركيا، بحسب "رويترز"، أيضا الصين وبريطانيا واليابان بشأن توسعة خطوط مبادلة عملة قائمة بينها.
وبلغ إجمالي الاحتياطي الأجنبي في تركيا 85 مليار دولار، مما يشكل أقل معدل تغطية للديون قصيرة الأجل بين الاقتصادات الناشئة، بحسب "ستاندرز آند بورزد"، الأمر الذي يظهر أن مخاطر الوضع المالي التركي تتفاقم مع انزلاق البلاد إلى ثاني ركود خلال عامين.
وتقول أنقرة إن التمويل الخارجي سيساعد البنك المركزي في تزويد البنوك المحلية بالسيولة الأجنبية التي تحتاجها، من دون استخدام احتياطياته الأجنبية المتناقصة، التي استنفزت بفعل الأزمة، فضلا عن دعم الليرة المتداعية والتجارة.
لكن خبراء يرون أن الخطوة القطرية قد لا تؤدي إلى نتائج ملموسة.
وقال جيسون توفي الخبير الاقتصادي البارز لدى "كابيتال إيكونوميكس": "العشرة مليارات دولار الإضافية هي قطرة في محيط مقارنة باحتياجات تركيا من التمويل الخارجي".
وأضاف في تفسيره للأمر، أن المليارات القطرية لا تكفي، لا سيما بالنظر إلى أن الضرر الكبير للسياحة والتجارة زاد عجز المعاملات الجارية في تركيا.
وفي السياق ذاته، ذكر المتخصص في التنبؤات الاقتصادية أغاث ديمارايس، أنه "من غير الواضح ما إذا كان اتفاق تبادل العملة بين الجانبية ستكون له آثار حقيقية".
وأضاف ديمارايس بحسب ما نقلت نقله شبكة "سي إن بي سي" الأميركية، أن تركيا في حاجة ماسة للحصول على الدولار لإنقاذ اقتصادها.
ولفت إلى أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) يصر حتى الآن على وقف اتفاق تبادل العملة مع تركيا، لذلك لجأ أردوغان إلى قطر، لكن بحسب الخبير الاقتصادي فإن نتائج الصفقة ستكون محدودة ومحصورة بالتجارة المتقلصة أصلا مع قطر.
ويقول اقتصاديون إن إقدام البنك المركزي الأميركي على صفقات مماثلة مع تركيا أمر مستبعد حاليا، وذلك بسبب "تسييس" البنك المركزي التركي، علاوة على التوتر بين البلدين بسبب صفقة صواريخ "إس 400" الروسية.
وأصبح البنك المركزي في تركيا أداة طيعة في يد أردوغان خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي قوض ثقة المستثمرين في استقلال المؤسسات المالية هناك، بحسب "سي إن بي سي".
وختم ديمارايس قائلا إنه "من منظور جيوساسي، فإن الولايات المتحدة تعارض بشدة إبرام صفقات تبادل عملة مثل تلك التي بين تركيا وقطر، إذ أنها تهدف للتخلص من الدولار الأميركي".
وقال إن وظيفة مثل هذه الصفقات في الماضي كانت التحايل على العقوبات الأميركية، موضحا أن الأمر سيؤدي في نهاية المطاف إلى ازدياد التوترات بين الولايات المتحدة وتركيا، وهو ما يمثل التهديد الرئيسي لاقتصاد أردوغان.
{{ article.visit_count }}
في خضم الأزمة التي يعيشها الاقتصاد التركي مع انهيار عملته، أعلن البنك المركزي في أنقرة، الجمعة، أنه تلقى ما قيمته 10 مليارات دولار، ضمن اتفاق تبادل عملة مع قطر، في وقت يرى الخبراء أن الأمر قطرة في محيط الاحتياجات التركية، ومشيرين إلى "مخاطر سياسية" وراء الأمر.
وحسبما أوردت وكالة "رويترز"، فقد أظهرت قائمة تحليلية للمركز المالي التابع للبنك المركزي التركي وصول مبلغ 10 مليارات دولار من قطر، وذلك ضمن اتفاق أبرم الأربعاء بين أنقرة والدوحة لمضاعفة اتفاق أبرم عام 2018 بثلاثة أمثال.
وكان الاتفاق المبرم بين الطرفين قبل عامين لتبادل العملة، ينص على مبلغ 5 مليارات دولار فقط.
لكن الاقتصاد التركي الذي تضرر كثيرا من جراء أزمة فيروس كورونا، دفع الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى الضغط على حليفة أمير قطر تميم بن حمد، من أجل رفع سقف الاتفاق.
وترسم الأرقام صورة سوداء للأوضاع الاقتصادية في تركيا، إذ بلغت الليرة أدنى مستوى لها على الإطلاق هذا الشهر بواقع 7.2 ليرات مقابل الدولار الواحد، مقارنة بثلاثة ليرات مقابل الدولار في سبتمبر 2016.
ورغم حديث المسؤولين الأتراك عن صعود الليرة المتواصل في الأيام الأخيرة، فإنها في وضع صعب للغاية.
وفقدت الليرة 14 في المئة من قيمتها أمام الدولار هذا العالم، وسط توقعات بأن يصل إجمالي الهبوط إلى 18 بالمئة خلال العام الجاري، أي 8 ليرات مقابل الدولار.
وفقد البنك المركزي التركي أكثر من احتياطي العملات الأجنبية لدعم قيمة الليرة، وهناك 168 مليار دولار من الديون الأجنبية خلال الـ12 شهرا الأخيرة، مما يعني أن أثر الاتفاق مع الدوحة سيكون محدودا.
لذلك، تتوسل تركيا، بحسب "رويترز"، أيضا الصين وبريطانيا واليابان بشأن توسعة خطوط مبادلة عملة قائمة بينها.
وبلغ إجمالي الاحتياطي الأجنبي في تركيا 85 مليار دولار، مما يشكل أقل معدل تغطية للديون قصيرة الأجل بين الاقتصادات الناشئة، بحسب "ستاندرز آند بورزد"، الأمر الذي يظهر أن مخاطر الوضع المالي التركي تتفاقم مع انزلاق البلاد إلى ثاني ركود خلال عامين.
وتقول أنقرة إن التمويل الخارجي سيساعد البنك المركزي في تزويد البنوك المحلية بالسيولة الأجنبية التي تحتاجها، من دون استخدام احتياطياته الأجنبية المتناقصة، التي استنفزت بفعل الأزمة، فضلا عن دعم الليرة المتداعية والتجارة.
لكن خبراء يرون أن الخطوة القطرية قد لا تؤدي إلى نتائج ملموسة.
وقال جيسون توفي الخبير الاقتصادي البارز لدى "كابيتال إيكونوميكس": "العشرة مليارات دولار الإضافية هي قطرة في محيط مقارنة باحتياجات تركيا من التمويل الخارجي".
وأضاف في تفسيره للأمر، أن المليارات القطرية لا تكفي، لا سيما بالنظر إلى أن الضرر الكبير للسياحة والتجارة زاد عجز المعاملات الجارية في تركيا.
وفي السياق ذاته، ذكر المتخصص في التنبؤات الاقتصادية أغاث ديمارايس، أنه "من غير الواضح ما إذا كان اتفاق تبادل العملة بين الجانبية ستكون له آثار حقيقية".
وأضاف ديمارايس بحسب ما نقلت نقله شبكة "سي إن بي سي" الأميركية، أن تركيا في حاجة ماسة للحصول على الدولار لإنقاذ اقتصادها.
ولفت إلى أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) يصر حتى الآن على وقف اتفاق تبادل العملة مع تركيا، لذلك لجأ أردوغان إلى قطر، لكن بحسب الخبير الاقتصادي فإن نتائج الصفقة ستكون محدودة ومحصورة بالتجارة المتقلصة أصلا مع قطر.
ويقول اقتصاديون إن إقدام البنك المركزي الأميركي على صفقات مماثلة مع تركيا أمر مستبعد حاليا، وذلك بسبب "تسييس" البنك المركزي التركي، علاوة على التوتر بين البلدين بسبب صفقة صواريخ "إس 400" الروسية.
وأصبح البنك المركزي في تركيا أداة طيعة في يد أردوغان خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي قوض ثقة المستثمرين في استقلال المؤسسات المالية هناك، بحسب "سي إن بي سي".
وختم ديمارايس قائلا إنه "من منظور جيوساسي، فإن الولايات المتحدة تعارض بشدة إبرام صفقات تبادل عملة مثل تلك التي بين تركيا وقطر، إذ أنها تهدف للتخلص من الدولار الأميركي".
وقال إن وظيفة مثل هذه الصفقات في الماضي كانت التحايل على العقوبات الأميركية، موضحا أن الأمر سيؤدي في نهاية المطاف إلى ازدياد التوترات بين الولايات المتحدة وتركيا، وهو ما يمثل التهديد الرئيسي لاقتصاد أردوغان.