سكاي نيوز عربية
تتوالى فصول فضائح التجسس التي يتورط فيها النظام التركي في العديد من البلدان بالتكشف يوما بعد يوم، على الرغم من الحرص الشديد على إخفاء أي أثر لما يقوم به رجال رجب طيب أردوغان من مخالفات، بذريعة مكافحة الإرهاب.
وكشفت وثائق سرية حصل عليها موقع "نورديك مونيتور" الاستقصائي، أحدث فضيحة تجسس لنظام أردوغان، حيث أشارت إلى أن السفارة التركية في العاصمة الكندية أوتاوا تجسست على منتقدي الرئيس التركي في كندا بمن في ذلك الصحفيون.
ووفقا للمراسلات الرسمية التي أرسلتها السفارة في أوتاوا إلى المقر الرئيسي في أنقرة، قام الدبلوماسيون الأتراك بجمع معلومات عن أنشطة المعارضين لأردوغان، وتوصيف منظماتهم وسرد أسمائهم كما لو كانوا جزءا من مؤسسة إجرامية.
وتم استخدام تقرير المخابرات في قضية جنائية جديدة في تركيا، حيث تم احتجاز أكثر من نصف مليون شخص في مراكز الاحتجاز خلال العامين ونصف العام الماضيين فقط بتهم الإرهاب الملفقة.
وقامت المخابرات التركية بجمع المعلومات الاستخباراتية عن المعارضين ومنظماتهم من قبل سفارة أنقرة في كندا، وهو نفس النمط الذي تتبعه البعثات الدبلوماسية الأخرى، التي تحتفظ بها تركيا في الدول الأجنبية.
وبحسب تقرير المخابرات السري، الذي أرسل إلى، بيرول توفان، المدعي العام في وحدة مكافحة الإرهاب في مكتب المدعي العام في أنقرة، مع رسالة حملت توقيع المستشار القانوني للاستخبارات التركية، أوميت أولفي كانيك، نيابة عن رئيس الوكالة، هاكان فيدان، تم التجسس على حوالي 24 شخصا من مواطنين كنديين ومقيمين، في وثيقة تعد اعترافا لأول مرة علنيا بأنشطة الاستخبارات التركية داخل دولة حليفة من دول حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وجاء التقرير في 10 صفحات، بتصنيف سري للغاية، ليقدم معلومات تفصيلية عن 15 شخصا بالإضافة إلى عائلاتهم، حيث تم اتهامهم جميعا بالانتماء إلى جماعة فتح الله غولن، التي تنتقد أردوغان بشدة بسبب الفساد المتفشي في الحكومة التركية ودعم الجماعات الإرهابية في سوريا مثل تنظيم داعش والقاعدة.
ومن بين المنظمات التي تجسس عليها الدبلوماسيون الأتراك جمعية الصداقة التركية الكندية، وهي منظمة غير حكومية تروج للتعددية الثقافية، وتقدم دروسا ثقافية وفنية للمجتمع، وتساعد الوافدين الجدد على الاندماج في المجتمع الكندي وتسعى جاهدة للمساهمة في السلام العالمي.
كما وصفت الوثائق اثنين من الصحفيين الأتراك المعارضين، الذين يعيشون في كندا لسنوات عديدة، فاروق أرسلان، وحسن يلماز، وعرضوا بالتفصيل أنشطتهم.
وهناك المزيد من الصحفيين، الذين أجبروا مؤخرا على الانتقال إلى كندا لطلب اللجوء من أجل الهرب من حملة قمع كبيرة من قبل الحكومة التركية ضد الصحفيين الناقدين والمنافذ الإعلامية المستقلة في تركيا.
ورغم عدم تقديم لائحة اتهام في هذه المرحلة، فمن المرجح أن تصدر مذكرات التوقيف للأفراد المدرجة أسماؤهم غيابيا، وستسعى الحكومة التركية في نهاية المطاف إلى تسليم هؤلاء الأشخاص وتقديم طلبات إلى "الإنتربول" للقبض عليهم.
ومن الناحية العملية، غالبا ما تُستخدم مثل هذه المذكرات في المحاكمات في السنوات الأخيرة منذ أن بدأت الحكومة التركية في تكثيف حملتها على النقاد والمعارضين في إساءة صارخة لنظام العدالة الجنائية.
وسبق أن تعرضت تركيا لانتقادات لاذعة على خلفية أنشطتها التجسسية حول العالم، ففي يناير من عام 2019، كشفت وثائق قضائية تركية أن الرئيس التركي يستخدم الشرطة المكلفة حراسة البعثات الدبلوماسية في عشرات الدول الأوروبية، من أجل التجسس على خصومه.
ونشر موقع "نورديك مونيتور" وقتها وثيقة أرسلتها مديرية المخابرات بالشرطة التركية إلى القضاء، تتحدث فيها عن "نشاط تجسسي غير قانوني" لرجال الشرطة في السفارات، على أنصار غولن في 67 دولة أجنبية.
وأشارت المحكمة الجنائية العليا في أنقرة إلى الوثيقة في أحد قراراتها ضد أعضاء حركة غولن في 16 يناير 2019، مما يعد انتهاكا واضحا للقانون التركي، بالإضافة إلى قوانين البلد المضيف.
وبموجب القانون، يحظر على الشرطة التركية جمع المعلومات الاستخباراتية خارج حدود تركيا، ويقتصر عملها على توفير الحماية للبعثات الدبلوماسية ومنازل السفراء، ولا يحق إلا لمؤسسة الاستخبارات الوطنية التركية جمع مثل هذه المعلومات في البلدان الأجنبية.
وتحايلت أنقرة على الدول المضيفة من خلال تعيين ضباط في الشرطة ضمن طاقم سفاراتها في الخارج، من دون إدراجهم أسمائهم في القائمة الدبلوماسية على أنهم رجال في الشرطة.
كذلك نشر "نورديك مونيتور" في أغسطس الماضي تقريرا عن عمليات تجسس واسعة النطاق تقوم بها البعثات الدبلوماسية التركية، على المعارضين الأتراك المقيمين في الخارج، حيث تحرص سفارات تركيا على الوشاية بمواطني البلاد، في تقارير مفصلة يتم إرسالها إلى أنقرة.
وبهذه الطريقة، تنتهك البعثات الدبلوماسية التركية القوانين المحلية للدول المستقبلة، كما تخرق مبادئ القانون الدولي بتنظيم عمليات استخباراتية غير قانونية لجمع المعلومات.
وفضلا عن ذلك، رصد المركز تهما واهية بحق أتراك مقيمين بالخارج، أرسلت أسماؤهم للسلطات عبر البعثات الدبلوماسية، وألصقت بهم دون أي أدلة واضحة.
وردا على الانتهاكات التركية، أعلن ممثلو الادعاء في ألمانيا، في سبتمبر 2019، أنهم يحققون في مزاعم بأن شركة في ولاية بافاريا زودت تركيا ببرنامج يمكن استخدامه للتجسس على صحفيين ومعارضين أتراك.
وقال ممثلو الادعاء في ميونيخ، إنهم فتحوا التحقيق في قضية شركة "فينفيشر" بعد تلقي شكاوى من مجموعة من المنظمات غير الحكومية، بما فيها مراسلون بلا حدود في ألمانيا والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان.
وتزعم المنظمات غير الحكومية أن الشركة، ومقرها ميونيخ، انتهكت قوانين التصدير من خلال تزويد تركيا بالبرامج بدون إذن من الحكومة الألمانية، وأن منتجها "فين سباي" تم استخدامه عام 2017 لاستهداف المحتجين المناهضين للحكومة من خلال توفير الوصول إلى البيانات على هواتفهم.
وإلى جانب تقارير أخرى عن عمليات تجسس للدبلوماسيين الأتراك على معارضي أردوغان في أميركا وبولندا، استغلت أنقرة دور العبادة أيضا للتجسس على الخصوم، إذ كشفت تحقيق استقصائي أجرته قناة تلفزيونية ألمانية أن الرئيس التركي يستغل المساجد التركية في ألمانيا من أجل تتبع خصومه والتجسس على معارضيه، سواء كانوا من الأتراك أو الألمان.
وعرض التحقيق، الذي بثته قناة "زد دي إف" الألمانية، شهادات معارضين أتراك ومسؤولين ألمان تعرضوا للتهديد من قبل أئمة مساجد، بسبب مواقفهم المناوئة لأدروغان ونظامه السياسي.
ويستغل أردوغان ونظامه، الاتحاد الإسلامي التركي في ألمانيا، المعروف اختصارا بـ"ديتيب"، الذي يضم تحت مظلته مئات المساجد في المساجد والمراكز الإسلامية في البلاد، بتكليف مباشر من الاستخبارات التركية، للتجسس على معارضيه.
وطبقا للتحقيق الاستقصائي، فإنه يُطلب من أئمة المساجد جمع معلومات عن أماكن وجود المعارضين الأتراك والسياسيين الألمان، ويتم إرسال للسفارة والقنصليات التركية، والتي بدورها ترسلها بانتظام إلى المخابرات التركية.
وبيّنت المعلومات الواردة في التحقيق، أن عدد الأشخاص الذين يراقبون معارضي أردوغان ويتجسسون على خصومه في مختلف أنحاء ألمانيا، بلغ نحو 8 آلاف شخص، مما يجعلهم أشبه بجيش من الجواسيس.
وقررت النمسا في سبتمبر 2019، إغلاق عدد من المساجد التركية في البلاد على خلفية ما وصفته مصادر محلية "أنشطة أردوغان التجسسية".
واتخذ البرلمان النمساوي بأغلبية الأصوات قرارا يقضي بإغلاق المساجد التركية التابعة لهيئة الشؤون الدينية التركية داخل النمسا.
وقالت النائبة السابقة في البرلمان النمساوي بريفان أصلان، في 25 سبتمبر الجاري: "قرر اليوم البرلمان النمساوي بأغلبية الأصوات إغلاق المساجد التركية التابعة لهيئة الشؤون الدينية التركية، وجمعية ملي غوروش داخل النمسا. لقد تم اتخاذ القرار على أساس أن المساجد التابعة لكلا الهيئتين لا تعمل دورا للعبادة، بل أصبحت امتدادات سياسية للرئيس رجب طيب أرودغان وحزبه".
وتعليقا على "الدور الاستخباراتي التجسسي" للسفارات التركية في الخارج، قال الخبير في الشؤون التركية محمد عبد القادر في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "أضحت السفارات التركية حول العالم أداة في أيدي الأجهزة الأمنية التي لا تتوانى عن زراعة عناصر مهمتها ملاحقة معارض الرئيس أردوغان والتضييق عليهم".
ولفت عبد القادر إلى أن الأتراك الذين فروّا من بلادهم في ظل سياسات القمع التي تتبناها حكومة "العدالة والتنمية"، لم يفلتوا من الملاحقة حتى بعد هجرتهم، إذ سلطت عليهم القوى الأمنية سفاراتها لمتابعتهم، وصولا إلى ترتيب قضايا وتهم تطالهم.
ورغم تحرك بعض الدول ضد سياسات التجسس التركية، إلا أن عددا منها بحسب عبد القادر لا تلجأ لهذا الخيار، حيث تفضّل معالجة مثل هذه المشكلات عبر القنوات الدبلوماسية حسبما قال عبد القادر، وهو ما أشار إليه أيضا الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب الذي أوضح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مثل هذه القضايا يصعب التعامل معها من الصيغة القانونية نظرا لصعوبة إثبات جزئيات كثيرة تظل مجهولة.
{{ article.visit_count }}
تتوالى فصول فضائح التجسس التي يتورط فيها النظام التركي في العديد من البلدان بالتكشف يوما بعد يوم، على الرغم من الحرص الشديد على إخفاء أي أثر لما يقوم به رجال رجب طيب أردوغان من مخالفات، بذريعة مكافحة الإرهاب.
وكشفت وثائق سرية حصل عليها موقع "نورديك مونيتور" الاستقصائي، أحدث فضيحة تجسس لنظام أردوغان، حيث أشارت إلى أن السفارة التركية في العاصمة الكندية أوتاوا تجسست على منتقدي الرئيس التركي في كندا بمن في ذلك الصحفيون.
ووفقا للمراسلات الرسمية التي أرسلتها السفارة في أوتاوا إلى المقر الرئيسي في أنقرة، قام الدبلوماسيون الأتراك بجمع معلومات عن أنشطة المعارضين لأردوغان، وتوصيف منظماتهم وسرد أسمائهم كما لو كانوا جزءا من مؤسسة إجرامية.
وتم استخدام تقرير المخابرات في قضية جنائية جديدة في تركيا، حيث تم احتجاز أكثر من نصف مليون شخص في مراكز الاحتجاز خلال العامين ونصف العام الماضيين فقط بتهم الإرهاب الملفقة.
وقامت المخابرات التركية بجمع المعلومات الاستخباراتية عن المعارضين ومنظماتهم من قبل سفارة أنقرة في كندا، وهو نفس النمط الذي تتبعه البعثات الدبلوماسية الأخرى، التي تحتفظ بها تركيا في الدول الأجنبية.
وبحسب تقرير المخابرات السري، الذي أرسل إلى، بيرول توفان، المدعي العام في وحدة مكافحة الإرهاب في مكتب المدعي العام في أنقرة، مع رسالة حملت توقيع المستشار القانوني للاستخبارات التركية، أوميت أولفي كانيك، نيابة عن رئيس الوكالة، هاكان فيدان، تم التجسس على حوالي 24 شخصا من مواطنين كنديين ومقيمين، في وثيقة تعد اعترافا لأول مرة علنيا بأنشطة الاستخبارات التركية داخل دولة حليفة من دول حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وجاء التقرير في 10 صفحات، بتصنيف سري للغاية، ليقدم معلومات تفصيلية عن 15 شخصا بالإضافة إلى عائلاتهم، حيث تم اتهامهم جميعا بالانتماء إلى جماعة فتح الله غولن، التي تنتقد أردوغان بشدة بسبب الفساد المتفشي في الحكومة التركية ودعم الجماعات الإرهابية في سوريا مثل تنظيم داعش والقاعدة.
ومن بين المنظمات التي تجسس عليها الدبلوماسيون الأتراك جمعية الصداقة التركية الكندية، وهي منظمة غير حكومية تروج للتعددية الثقافية، وتقدم دروسا ثقافية وفنية للمجتمع، وتساعد الوافدين الجدد على الاندماج في المجتمع الكندي وتسعى جاهدة للمساهمة في السلام العالمي.
كما وصفت الوثائق اثنين من الصحفيين الأتراك المعارضين، الذين يعيشون في كندا لسنوات عديدة، فاروق أرسلان، وحسن يلماز، وعرضوا بالتفصيل أنشطتهم.
وهناك المزيد من الصحفيين، الذين أجبروا مؤخرا على الانتقال إلى كندا لطلب اللجوء من أجل الهرب من حملة قمع كبيرة من قبل الحكومة التركية ضد الصحفيين الناقدين والمنافذ الإعلامية المستقلة في تركيا.
ورغم عدم تقديم لائحة اتهام في هذه المرحلة، فمن المرجح أن تصدر مذكرات التوقيف للأفراد المدرجة أسماؤهم غيابيا، وستسعى الحكومة التركية في نهاية المطاف إلى تسليم هؤلاء الأشخاص وتقديم طلبات إلى "الإنتربول" للقبض عليهم.
ومن الناحية العملية، غالبا ما تُستخدم مثل هذه المذكرات في المحاكمات في السنوات الأخيرة منذ أن بدأت الحكومة التركية في تكثيف حملتها على النقاد والمعارضين في إساءة صارخة لنظام العدالة الجنائية.
وسبق أن تعرضت تركيا لانتقادات لاذعة على خلفية أنشطتها التجسسية حول العالم، ففي يناير من عام 2019، كشفت وثائق قضائية تركية أن الرئيس التركي يستخدم الشرطة المكلفة حراسة البعثات الدبلوماسية في عشرات الدول الأوروبية، من أجل التجسس على خصومه.
ونشر موقع "نورديك مونيتور" وقتها وثيقة أرسلتها مديرية المخابرات بالشرطة التركية إلى القضاء، تتحدث فيها عن "نشاط تجسسي غير قانوني" لرجال الشرطة في السفارات، على أنصار غولن في 67 دولة أجنبية.
وأشارت المحكمة الجنائية العليا في أنقرة إلى الوثيقة في أحد قراراتها ضد أعضاء حركة غولن في 16 يناير 2019، مما يعد انتهاكا واضحا للقانون التركي، بالإضافة إلى قوانين البلد المضيف.
وبموجب القانون، يحظر على الشرطة التركية جمع المعلومات الاستخباراتية خارج حدود تركيا، ويقتصر عملها على توفير الحماية للبعثات الدبلوماسية ومنازل السفراء، ولا يحق إلا لمؤسسة الاستخبارات الوطنية التركية جمع مثل هذه المعلومات في البلدان الأجنبية.
وتحايلت أنقرة على الدول المضيفة من خلال تعيين ضباط في الشرطة ضمن طاقم سفاراتها في الخارج، من دون إدراجهم أسمائهم في القائمة الدبلوماسية على أنهم رجال في الشرطة.
كذلك نشر "نورديك مونيتور" في أغسطس الماضي تقريرا عن عمليات تجسس واسعة النطاق تقوم بها البعثات الدبلوماسية التركية، على المعارضين الأتراك المقيمين في الخارج، حيث تحرص سفارات تركيا على الوشاية بمواطني البلاد، في تقارير مفصلة يتم إرسالها إلى أنقرة.
وبهذه الطريقة، تنتهك البعثات الدبلوماسية التركية القوانين المحلية للدول المستقبلة، كما تخرق مبادئ القانون الدولي بتنظيم عمليات استخباراتية غير قانونية لجمع المعلومات.
وفضلا عن ذلك، رصد المركز تهما واهية بحق أتراك مقيمين بالخارج، أرسلت أسماؤهم للسلطات عبر البعثات الدبلوماسية، وألصقت بهم دون أي أدلة واضحة.
وردا على الانتهاكات التركية، أعلن ممثلو الادعاء في ألمانيا، في سبتمبر 2019، أنهم يحققون في مزاعم بأن شركة في ولاية بافاريا زودت تركيا ببرنامج يمكن استخدامه للتجسس على صحفيين ومعارضين أتراك.
وقال ممثلو الادعاء في ميونيخ، إنهم فتحوا التحقيق في قضية شركة "فينفيشر" بعد تلقي شكاوى من مجموعة من المنظمات غير الحكومية، بما فيها مراسلون بلا حدود في ألمانيا والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان.
وتزعم المنظمات غير الحكومية أن الشركة، ومقرها ميونيخ، انتهكت قوانين التصدير من خلال تزويد تركيا بالبرامج بدون إذن من الحكومة الألمانية، وأن منتجها "فين سباي" تم استخدامه عام 2017 لاستهداف المحتجين المناهضين للحكومة من خلال توفير الوصول إلى البيانات على هواتفهم.
وإلى جانب تقارير أخرى عن عمليات تجسس للدبلوماسيين الأتراك على معارضي أردوغان في أميركا وبولندا، استغلت أنقرة دور العبادة أيضا للتجسس على الخصوم، إذ كشفت تحقيق استقصائي أجرته قناة تلفزيونية ألمانية أن الرئيس التركي يستغل المساجد التركية في ألمانيا من أجل تتبع خصومه والتجسس على معارضيه، سواء كانوا من الأتراك أو الألمان.
وعرض التحقيق، الذي بثته قناة "زد دي إف" الألمانية، شهادات معارضين أتراك ومسؤولين ألمان تعرضوا للتهديد من قبل أئمة مساجد، بسبب مواقفهم المناوئة لأدروغان ونظامه السياسي.
ويستغل أردوغان ونظامه، الاتحاد الإسلامي التركي في ألمانيا، المعروف اختصارا بـ"ديتيب"، الذي يضم تحت مظلته مئات المساجد في المساجد والمراكز الإسلامية في البلاد، بتكليف مباشر من الاستخبارات التركية، للتجسس على معارضيه.
وطبقا للتحقيق الاستقصائي، فإنه يُطلب من أئمة المساجد جمع معلومات عن أماكن وجود المعارضين الأتراك والسياسيين الألمان، ويتم إرسال للسفارة والقنصليات التركية، والتي بدورها ترسلها بانتظام إلى المخابرات التركية.
وبيّنت المعلومات الواردة في التحقيق، أن عدد الأشخاص الذين يراقبون معارضي أردوغان ويتجسسون على خصومه في مختلف أنحاء ألمانيا، بلغ نحو 8 آلاف شخص، مما يجعلهم أشبه بجيش من الجواسيس.
وقررت النمسا في سبتمبر 2019، إغلاق عدد من المساجد التركية في البلاد على خلفية ما وصفته مصادر محلية "أنشطة أردوغان التجسسية".
واتخذ البرلمان النمساوي بأغلبية الأصوات قرارا يقضي بإغلاق المساجد التركية التابعة لهيئة الشؤون الدينية التركية داخل النمسا.
وقالت النائبة السابقة في البرلمان النمساوي بريفان أصلان، في 25 سبتمبر الجاري: "قرر اليوم البرلمان النمساوي بأغلبية الأصوات إغلاق المساجد التركية التابعة لهيئة الشؤون الدينية التركية، وجمعية ملي غوروش داخل النمسا. لقد تم اتخاذ القرار على أساس أن المساجد التابعة لكلا الهيئتين لا تعمل دورا للعبادة، بل أصبحت امتدادات سياسية للرئيس رجب طيب أرودغان وحزبه".
وتعليقا على "الدور الاستخباراتي التجسسي" للسفارات التركية في الخارج، قال الخبير في الشؤون التركية محمد عبد القادر في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "أضحت السفارات التركية حول العالم أداة في أيدي الأجهزة الأمنية التي لا تتوانى عن زراعة عناصر مهمتها ملاحقة معارض الرئيس أردوغان والتضييق عليهم".
ولفت عبد القادر إلى أن الأتراك الذين فروّا من بلادهم في ظل سياسات القمع التي تتبناها حكومة "العدالة والتنمية"، لم يفلتوا من الملاحقة حتى بعد هجرتهم، إذ سلطت عليهم القوى الأمنية سفاراتها لمتابعتهم، وصولا إلى ترتيب قضايا وتهم تطالهم.
ورغم تحرك بعض الدول ضد سياسات التجسس التركية، إلا أن عددا منها بحسب عبد القادر لا تلجأ لهذا الخيار، حيث تفضّل معالجة مثل هذه المشكلات عبر القنوات الدبلوماسية حسبما قال عبد القادر، وهو ما أشار إليه أيضا الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب الذي أوضح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مثل هذه القضايا يصعب التعامل معها من الصيغة القانونية نظرا لصعوبة إثبات جزئيات كثيرة تظل مجهولة.