كثيرة هي الانتقادات التي يوجهها الإعلام الأميركي إلى الرئيس الجمهوري، دونالد ترامب، الذي وصف نفسه أكثر من مرة بأنه من خارج الطبقة السياسية التي اعتادتها واشنطن، أي من خارج "الاستابليشمنت"، وتحدث مراراً عن مقارباتها المختلفة في التعامل مع الملفات والجمهور على السواء.

وكثيرة أيضاً الملفات التي أثارت جدلاً حول طريقة تعاطيه معها، من حربه ضد منظمة الصحة العالمية التي أوقف مساهمة بلاده في تمويلها، بسبب ما اعتبره سوء تعاملها مع جائحة كورونا، إلى انتقاداته المتواصلة للإعلام واعتباره منحازاً ضده، مروراً بمواقع التواصل الاجتماعي التي اعتبرها أيضا منحازة، وتعمد إلى التغطية على الأخبار التي تسيء للديمقراطيين في بلاده، بينما تفتح ذراعيها واسعتين لما يضرب سمعة الجمهوريين.

وبغض النظر عن الطريقة التي يقارب بها ترمب الذي فاجأ المحللين واستطلاعات الرأي بفوزه بالانتخابات الرئاسية عام 2016، إلا أن بعض الوقائع بدأت تشي بأنه قد يكون على حق.

تتصاعد الحمى.. وتتكشف وقائع

فخلال الأيام القليلة المتبقية على اليوم "الكبير"، في الثالث من نوفمبر، موعد الانتخابات الرئاسية، يحتدم المشهد، وتتصاعد الحمى، وتتكشف وقائع أيضا.

وإذا بدأنا بمسألة تويتر، فقد أظهر إعلان الشركة، اليوم السبت، تراجعها عن الخطوات السابقة التي اتخذتها من أجل حجب مضمون تحقيق نشر في صحيفة نيويورك بوست، يتهم نجل المرشح الديمقراطي ومنافس ترمب، جو بايدن، بالفساد، أن اتهامات ترمب كانت في محلها الصحيح.

ولعل هذا ما جعل منصة التغريد الشهيرة تؤكد في بيان، السبت، نشر على حسابها أنها مستعدة دوماً لتعديل سياساتها، ومن ضمنها ما يتعلق بمشاركة مواد تم الحصول عليها عبر القرصنة، في إشارة إلى مضمون إيميلات هانتر بايدن، الذي نشرته الصحيفة سابقاً، فعمدت تويتر إلى حجبه، معللة الأمر إلى الحصول على تلك الإيميلات بطريقة غير قانونية.

إلا أن الشركة تراجعت بلا شك تحت وطأة الضغوط الهائلة وموجة الانتقادات التي وجهت إليها، لاسيما مساءلتها عن السبب القانوني الذي يدفع إلى حجب مثل تلك المواضيع التي تتعلق ببايدن وعدم حجب مواضيع أخرى طالت ترمب، لجهة الكشف عن حساب مصرفي له في الصين تم الحصول على المعلومات بشأنه أيضا بطريقة غير سليمة.

الصحة العالمية وغضب ترمب

أما في ما يتعلق بمنظمة الصحة العالمية، فمجرد إعلان 27 دولة أوروبية في بيان أمس اتفاقها على ضرورة إصلاح عمل تلك المنظمة، يعطي مصداقية للرئيس الجمهوري الذي وجه قبل أشهر عدة انتقادات وأسئلة حول عملها.

كما أن انتظار المؤسسة منذ ديسمبر الماضي، تاريخ ظهور فيروس كورونا، وحتى اليوم، للإعلان عن أن الهيئة الدولية المكلفة بتحديد منشأ فيروس كورونا المستجد عقدت أمس فقط (الجمعة) أول اجتماع لها مع الخبراء الصينيين، وفق ما أفاد المدير العام للمنظمة العالمية، يصب أيضا في "حساب" ترمب الرابح.

وأخيرا في ما يتعلق بالإعلام، فمجرد استقالة أعلن عنها أمس، أتت لتعطي دليلا على تلك الفرضية.

رقابة على انتقاد بايدن!

فقد أعلن أحد الشركاء الأساسيين في موقع إنترسبت - الذي أطلق أساساً من أجل نشر صحافة مغايرة، تهدف إلى الوصول للحقيقة - غلين غرينوالد، استقالته.

أما السبب، فيعود بحسب ما جاء في بيان مفصل نشره الصحافي الفائز بجائزة "بوليتزر" الشهيرة يعود إلى أن هيئة تحرير الموقع فرضت رقابة على مقال كتبه، ينتقد فيه بشدة حملة ترمب ومجمع الاستخبارات!

"هدايا مجانية"

مفاجأة أخرى إذا انضمت خلال ساعات قليلة إلى سابقاتها، لتشكل "هدايا مجانية" على ما يبدو لساكن البيت الأبيض الساعي إلى تجديد ولايته.

في المقابل، لا بد من الإشارة إلى أن معظم استطلاعات الرأي التي تنشرها وسائل إعلام أميركية تظهر تقدماً طفيفاً لبايدن على ترمب بشكل عام، وذلك قبل 3 أيام فقط من الموعد الحاسم!

كما أن تسجيل الولايات المتحدة، اليوم السبت، أيضاً رقماً قياسياً في عدد الإصابات بفيروس كورونا، لا يلعب لصالح المرشح الجمهوري، لاسيما أن الفريق المنافس لن يتواني كما لم يفعل سابقا في استثمار تلك النقطة، والضرب على خاصرة ترمب الضعيفة.