العربية.نت
أبرم الرئيس الصيني، شي جين بينغ، خلال الأسابيع الأخيرة صفقات ومعاهدات، آملا أن تضع بلاده كقوة عالمية لا غنى عنها، لاسيما بعد الضرر الذي ألحقه فيروس كورونا ببلاده، وزاد من حدة العداء تجاهها داخليا وخارجيا.

فقد عقدت بكين اتفاقية تجارية مع 14 دولة آسيوية، كما تعهدت بالانضمام إلى دول أخرى من أجل الحد من انبعاثات الكربون لمكافحة الاحتباس الحراري.

إلى ذلك، وقعت قبل أيام قليلة على اتفاقية استثمارية كبيرة مع الاتحاد الأوروبي، بحسب ما أفادت، اليوم الاثنين، صحيفة "نيويورك تايمز الأميركية".



صعبت مهمة بايدن



وعبر تلك الخطوات، يبدو أن الصين صعبت على الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن تشكيل جبهة موحدة مع الحلفاء ضد سياساتها الاستبدادية وممارساتها التجارية، وهي نقاط تركيز رئيسية لخطة الإدارة الجديدة للتنافس مع بكين والتحقق من قوتها الصاعدة.

ولعل الصورة التي جمعت الرئيس الصيني مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزعماء أوروبيين آخرين في مؤتمر عبر الهاتف يوم الأربعاء من أجل إبرام صفقة مع الاتحاد الأوروبي أظهرت بشكل واضح قوة الاقتصاد الصيني، الذي بات يعد الآن الأسرع نموًا بين الدول الكبرى، في الوقت الذي يواصل فيه العالم صراعه مع الوباء.



"انقلاب جيوسياسي"



وفي السياق، وصف الخبير في الشؤون الصينية نوح باركين، اتفاقية الاستثمار على وجه الخصوص بأنها "انقلاب جيوسياسي للصين". حيث تمتعت الشركات الصينية بالفعل بوصول أكبر إلى الأسواق الأوروبية بدون دفع أي ثمن مقابل سياستها القمعية. بل لم يكن على بكين سوى تقديم تنازلات متواضعة فقط للتغلب على المخاوف المتزايدة بشأن سياساتها القاسية والقمعية تجاه هونغ كونغ على سبيل المثال، أو الاعتقالات الجماعية التي طالت الأويغور في شينجيانغ، بحسب باركين.

فقد وافقت السلطات الصينية على الورق فقط على تخفيف العديد من القيود المفروضة على الشركات الأوروبية العاملة على أراضيها، وفتح البلاد أمام البنوك الأوروبية ومراعاة المعايير الدولية بشأن العمل القسري.

لكن السؤال يبقى.. هل يمكن تنفيذ تلك التعهدات؟

فبالنسبة للعديد من المنتقدين، تعتبر تحركات شي تكتيكية.

بدوره، اعتبر باركين أنه "سيكون من الخطأ النظر إلى هذه التنازلات الصينية على أنها تحول مهم في السياسة، فعلى مدار العام الماضي، شدد الحزب الشيوعي قبضته على الاقتصاد، وضاعف تدخله في الشركات المملوكة للدولة، هذا هو اتجاه السياسة الذي رسمه شي وسيكون من السذاجة الاعتقاد بأن هذه الصفقة ستغير ذلك".

لا ثمن مقابل الانتهاكات



أكثر من ذلك، أثبتت الصين مرة أخرى، بحسب الصحيفة، أنها لا تدفع سوى القليل من التكلفة الدبلوماسية أو لا تدفع على الإطلاق مقابل الانتهاكات التي تنتهك القيم الأوروبية.

لقد وضع الأوروبيون اللمسات الأخيرة على اتفاقية الاستثمار على سبيل المثال، بعد يوم من انتقاد الاتحاد الأوروبي علنًا لعقوبة السجن القاسية التي صدرت بحق محام صيني أبلغ عن تفشي فيروس كورونا الأولي في مدينة ووهان.

على الرغم من كل تلك المعطيات، يبدو أن النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي الهائل للصين، خاصة في هذا الوقت من الأزمة العالمية، يعني أن الدول الأوروبية شعرت بلا شك أنه لم يعد لديها خيار سوى التعامل مع بكين، بغض النظر عن عدم ارتياحها لطبيعة الحكم القاسية.