تحوّلت التوترات المستمرة منذ فترة طويلة بشأن القيود المفروضة جراء الجائحة داخل الأحياء اليهودية المتدينة (الحريديم) في إسرائيل، إلى أعمال عنف مساء الاثنين، عندما قاومت حشود ترشق الحجارة، محاولات الشرطة لإخلاء المدارس والتجمعات الدينية التي تنتهك قواعد الإغلاق، واشتبكت معها.

وذكرت الشرطة الإسرائيلية في تغريدة على "تويتر" الثلاثاء، بأن "قوات الشرطة واجهت الليلة الماضية مظاهرات عنيفة شارك فيها المئات".

وأشارت إلى أن الاحتجاجات تطورت لتصل إلى إلقاء الحجارة على عناصر الشرطة والمركبات والمارة، إضافة إلى إشعال مستوعبات للنفايات، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية، والسيارات.

وأضافت، أن الاحتجاجات أسفرت عن إصابة عناصر من الشرطة وصحافيين بجروح، مشيرة إلى أن الشرطة اعتقلت 10 مشتبه بهم.

من جهتها، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، أن المتظاهرين أحرقوا القمامة، وأسقطوا لافتات الشوارع وأعمدة الإنارة في عدة مدن في أنحاء إسرائيل.

وفي مدينة بني براك (شرق تل أبيب)، تعرّض سائق حافلة للاعتداء، ورُشّ برذاذ الفُلفل قبل إضرام النار في مركبته، ما أدى إلى إخلاء العديد من المباني، حيث تسبب الحريق في إتلاف خطوط الكهرباء.

وأشارت الصحيفة إلى أن ضابط شرطة محاصر أطلق النار في الهواء لوقف تقدم الحشود. وفي نهاية المطاف نجحت قوات الشرطة في احتواء أعمال الشغب في بعض الأحياء، باستخدام القنابل الصوتية، وخراطيم المياه.

ووفقاً للصحيفة، تصاعدت الاضطرابات خلال الأسابيع الأخيرة، وعززت الشرطة من إجراءاتها الأمنية داخل المجتمعات المعزولة، التي عادة ما تقاوم سلطة الحكومة. والجمعة هاجم محتجون سيارة للشرطة كانت تقوم بدورية في بني براك.

وبقيادة الحاخامات المؤثرين، تجاهلت تلك المجتمعات الأوامر الوطنية بإغلاق المدارس وتجنب التجمعات، في إطار الإجراءات المتخذة للحد من انتشار الفيروس.

ضغوط سياسية

وفي غضون ذلك، يضغط بعض قادة الحكومة، بمن فيهم وزراء ونواب في البرلمان (الكنيست)، لإعفاء المجتمعات المحلية من القيود، بحجة أن "عاداتهم تجعل التخلي عن التعليم الديني والتجمعات خلال حفلات الزفاف، والجنازات والعبادة، أمراً لا يُحتمل".

وقال بعض السياسيين، إن الجهود المبذولة لفرض قيود الإغلاق ترقى إلى مستوى "التمييز ضد مواطني إسرائيل الأكثر تديناً".

في المقابل، أثار ذلك غضباً متنامياً بين الإسرائيليين، الذين ينحون باللائمة بشكل متزايد على معدلات الإصابة المرتفعة في مناطق "الحريديم"، في تفشي الوباء وتقويض حملة التطعيم الإسرائيلية سريعة الحركة.

وتُظهر البيانات الصحية، أن مجتمعات "الحريديم"، مسؤولة عن أكثر من ثلث الإصابات، على الرغم من أنهم يشكلون 10% فقط من السكان.

ويعاني سكان البلاد البالغ عددهم 9 ملايين نسمة من الإغلاق الوطني الثالث، مع إغلاق المكاتب، وإجبار الطلاب على البقاء في منازلهم لأسابيع في كل مرة.

كما أنه اعتباراً من الثلاثاء، سيغلق المسؤولون المطار الدولي الوحيد في إسرائيل لمدة أسبوع على الأقل، لمنح برنامج اللقاح فرصة لاستباق انتشار الفيروس، لا سيما مع ظهور سلالات جديدة في بريطانيا وجنوب إفريقيا، يُعتقد أنها أشد عدوى، في وقت بلغ عدد الإصابات بالفيروس الثلاثاء، نحو 605 آلاف حالة بينها 4478 وفاة.

بلدات الحريديم

وتعرف المجتمعات الدينية الأكثر تشدداً في إسرائيل باسم "الحريديم"، وهي مجتمعات أكثر انعزالية وانغلاقاً عن غيرها من مكونات المجتمع الإسرائيلي، وتشكل القيادات الدينية المرجعية الوحيدة لهم، وتتواصل مع مؤسسات الدولة من خلال منتخبيهم أو قياداتهم الدينية.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن ثلث الإصابات المسجلة جاءت بين المتدينين اليهود، وأن نسبة الإصابات هناك تبلغ ثلاثة أضعاف نسبتها داخل المجتمع الإسرائيلي.

وفي "بني براك"، المدينة المتدينة الأكبر في تل أبيب، وصلت نسبة الفحوصات الإيجابية إلى 21%، والنتيجة ذاتها سُجلت في "مودعين عليت"، بينما سجلت "بيتار عليت" 29 %، أما في "العاد" فبلغت النسبة 26% وجميعها بلدات متدينة، في حين بلغت نسبة الفحوصات الإيجابية المسجلة في تل أبيب 5% فقط، وفي مدينة ريشون لتسيون 6%.